أكدت منظمة سورية أن أغلب
المعتقلين تعسفياً في
سوريا يصبحون مختفين قسرياً، مشيرة إلى أن هذه القضية تؤكد "عبثية" أي حل سياسي يبقي على أجهزة الأمن المسؤولة عن هذه الانتهاكات دون محاسبة.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في
تقرير لها؛ وجود أكثر من 102 ألف مختف قسريا في سوريا منذ آذار/ مارس 2011 وحتى آب/ أغسطس 2021، "غالبيتهم العظمى لدى النظام السوري؛ الذي يخفيهم بهدف تحطيمهم وترهيب الشعب بأكمله".
وتناول التقرير الذي جاء في 43 صفحة رصدا للكثير من حالات الاختفاء. وأشار إلى أن "النظام السوري قد واجه المتظاهرين السياسيين ضد حكمه بعمليات واسعة النطاق من الاعتقال التعسفي منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي في آذار/ مارس 2011، واستخدم الإخفاء القسري بشكل منهجي كأحد أبرز أدوات القمع والإرهاب التي تهدف إلى سحق وإبادة الخصوم السياسيين".
ولفتَ التقرير إلى أن السنوات الأولى من الحراك الجماهيري شهدت أعلى نسبة من المختفين قسرياً لأن المظاهرات كانت تجري بكثافة، وضمن مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري، كما أن المناطق التي أعاد النظام السوري السيطرة عليها شهدت مئات حالات
الاختفاء القسري.
ووصفَ التقرير النظام السوري بأنه "الأسوأ في العالم في القرن الواحد والعشرين على صعيد إخفاء مواطنيه قسرياً"، وهو ما "يثبت أنه يستحيل وصول سوريا نحو الاستقرار واحترام أبسط حقوق المواطن السوري الأساسية مع بقاء الأجهزة الأمنية المتوحشة التي تأتمر بأمر النظام السوري؛ مما يعني عبثية أي حلٍّ سياسي مع بقاء هذه الأجهزة الأمنية دون محاسبتها على جرائمها الفظيعة"، بحسب التقرير.
واتهم التقرير "جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة" بممارسة "عمليات واسعة من الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري للمواطنين السوريين على خلفية النزاع المسلح، وضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها، بهدف ترهيب الخصوم السياسيين وإخضاع المجتمع في تلك المناطق".
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني: "ما زال النظام السوري مستمراً في ملاحقة كل من يتجرأ على نقده؛ مما يؤكد عبثية أي حلٍّ سياسي مع وجود الأجهزة الأمنية التي لم تغير من سياستها الوحشية شيئاً، يساندها نجاح النظام السوري بدعم روسي/ إيراني في الإفلات من العقاب، وعدم محاسبة أي مسؤول سوري على الرغم من أن الاختفاء القسري الذي مارسه النظام السوري بلغ مستوى
الجرائم ضد الإنسانية".
وتحدَّث التقرير عن استمرار النظام السوري في التلاعب بالقوانين وتسجيل جزء من المختفين على أنهم متوفون عبر دوائر السجل المدني، كما عرضَ أبرز أسماء قيادات الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري المتورطين في جريمة الإخفاء القسري لعشرات آلاف المواطنين السوريين.
وأشار التقرير إلى وجود ما لا يقل عن 149862 شخصاً بينهم 4931 طفلاً و9271 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ مارس 2011 حتى آب/ أغسطس 2021، منهم 131469 لدى النظام السوري، بينهم 3621 طفلاً و8037 سيدة، فيما لا يزال ما لا يقل عن 8648 شخصا بينهم 319 طفلاً و255 سيدة مختفين لدى تنظيم الدولة (داعش)، و2287 شخصا بينهم 37 طفلاً و44 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام. كما أن ما لا يقل عن 3641 شخصاً بينهم 296 طفلاً و759 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، إضافة إلى وجود ما لا يقل عن 3817 شخصاً بينهم 658 طفلاً و176 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات القيادة الكردية.
وحول الاختفاء القسري تحديدا، فقد رصد التقرير وجود ما لا يقل عن 102287 شخصاً بينهم 2405 أطفال و5801 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة بسوريا، بينهم 86792 لدى قوات النظام السوري، بينهم 1738 طفلاً و4986 سيدة، و8648 شخصاً أُخفوا على يد تنظيم داعش بينهم 319 طفلاً و255 سيدة، فيما أسندَ التقرير مسؤولية إخفاء 2064 شخصا بينهم 13 طفلاً و28 سيدة إلى هيئة تحرير الشام، و2567 شخصاً بينهم 237 طفلاً و446 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى مختلف فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و2216 شخصاً بينهم 98 طفلاً و86 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى قوات سوريا الديمقراطية.
فقد تحول قرابة 69 في المئة من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً، "ولم يتم إبلاغ عائلاتهم بأماكن وجودهم، وفي حال سؤال العائلة تُنكر الأفرع الأمنية والسلطات وجود أبنائها، وربما يتعرَّض من يقوم بالسؤال لخطر الاعتقال".
وأشار التقرير إلى استمرار النظام السوري منذ مطلع عام 2018 في تسجيل جزء من المختفين قسرياً على أنهم متوفون عبر دوائر السجل المدني، وبلغت حصيلة الحالات الموثقة بحسب التقرير ما لا يقل عن 1002 حالة، بينهم تسعة أطفال وسيدتان. ولم يكشف النظام عن سبب الوفاة، ولم يقم بتسليم جثامين الضحايا لأُسرهم أو إعلامهم بمكان دفنهم.
وأكد التقرير أن الإخفاء القسري "يشكِّل جريمة ضد الإنسانية وفق المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما يُعتبر جريمة حرب وفق المادة 8 من نظام روما ذاته لممارسته في إطار منهجية وسياسة عامة".