نشر موقع "
ميدل إيست مونيتور" البريطاني ترجمة لمقابلة سابقة للناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي
التونسي، حمة الهمامي، تحدث فيه عن مدى انقسام
النخبة السياسية في تونس بشأن الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيّد.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن
بعض السياسيين والحقوقيين وغيرهم من النخبة في تونس لم يترددوا في وصف ما حدث بالانقلاب،
بينما يعتبر البعض الآخر ما حدث بمثابة انفراج للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد،
وذلك بعد اختفاء حزب
النهضة من المشهد السياسي. ولكن حمة الهمامي يعتقد أن النخبة لا
ينبغي لها أن تفكر بهذه الطريقة.
اشتهر الرئيس التونسي قيس سعيّد بموقفه الواضح إزاء الحريات
والمساواة: فالأحزاب تدمر المشهد السياسي لذلك يجب إلغاء حرية تكوين الجمعيات، والنقابات
تدمر الحياة الاجتماعية لذلك لابد من مهاجمة الاتحاد العام التونسي للشغل، والحياة
العامة تدمرها وسائل الإعلام لذلك ينبغي إلغاء حرية الإعلام. وما يتبقى هو القائد والقطيع.
وبلغة السياسة، يعتبر هذا استبدادا ودكتاتورية.
وأشار الكاتب إلى أن موقف قيس سعيّد من المساواة لا يخفى
على أحد، فهو أول رئيس يخرج في 13 آب/ أغسطس الموافق ليوم عيد المرأة التونسية ليقول
"أنا ضد المساواة"، وهو موقف لم يجرؤ حتى الرئيس الراحل زين العابدين بن
علي، الذي كان ضد المساواة أيضًا، على إعلانه واعتاد على الكذب والادعاء بأنه يؤيّد
المساواة. أين المنظمات النسائية وجماعات حقوق الإنسان؟ لماذا لا يُسمع لها صوت؟
ونبّه الكاتب إلى أنه يتم التغاضي عن الانتهاكات المرتكبة،
قائلا: "حذّر الأمين العام للرابطة التونسية لحقوق الإنسان من انتهاكات حقوق الإنسان
والمداهمات وما إلى ذلك، إلا أن بعض الأطراف الأخرى التزمت الصمت وبررت ما يحدث. وقد
سمعت أشخاصًا يؤيدون رئاسة سعيّد للنيابة العامة ولا مانع لديهم من ذلك. هل هذا معقول؟
هل هذه دولة القانون والمؤسسات؟ هل هذه ديمقراطية؟".
وأضاف حمة الهمامي: "لهذا السبب نحن نعتبر أن هذا النوع
من النخبة التي كانت تدعم بن علي تعاني من متلازمة النهضة. نحن ضد النهضة، ولكننا لا
نعاني من متلازمة النهضة. فنحن نعارض الحزب فكريا وسياسيا، ولكن ليس على أرض الواقع،
ونحاول إقناع الناس بأن هذا الحزب لا يخدم مصالح الشعب".
وأشار الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي إلى أن جزءًا
من النخبة يتسم بعقلية "دعنا ننضم للركب ونربح". لقد رأيت كيف كانوا يتصرفون
خلال فترة حكم بن علي. أنا أستحضر هذه القصة من أجل التاريخ، فذات مرة جلست مع بعض
المثقفين وكان أحدهم يدافع بلا هوادة عن بن علي، وعندما تحداه أحد الحضور، أنهى حديثه
قائلا "هل تريدني أن أنتظر 30 سنة أخرى؟".
حيال هذا الشأن، قال حمة الهمامي: "لقد انتظروا 30 سنة
في عهد بورقيبة ولم يحققوا أي مكاسب، والآن تقدموا في العمر، فهل سينتظرون 30 سنة أخرى؟
هناك أيضا بعض الأشخاص الآخرين الانتهازيين والجشعين الذين يسعون وراء المناصب. وكلهم
يتخذون موقفا وسطا، وينحازون للطرف الذي يتولى زمام السلطة".
واستشهد الكاتب بمثال أكاديمي ومفكر كان يتحدث باستمرار عن
عبير موسي قبل 25 تموز/ يوليو وكان من أشد المؤيدين لها وينشر على الدوام صورا تجمعه
بها، ولكن بمجرد أن اتخذ قيس سعيّد تلك الإجراءات الاستثنائية، انقلب ضدها على الفور
وغير ولاءه.
في الماضي، كانت عبير موسي تتصدر استطلاعات الرأي وكان الجميع
يهتفون باسمها، واليوم أصبحوا يهللون للرئيس. هذه هي المشكلة الحقيقية وهذه مسؤولية
القوى الديمقراطية الحقيقية، القوى التقدمية والمثقفة والثورية التي تدافع عن المبادئ
والقيم، وتدافع عن برنامج وليس عن الأفراد، وهي لا تدافع عن القمع والظلم.
وأكد الكاتب على ضرورة الكفاح باستخدام الأفكار والسياسات
الواضحة. في 27 شباط/ فبراير، كنا الحزب الوحيد الذي جاب الشوارع، ولم تساندنا أي أطراف
أخرى. لذلك، لا ينبغي لأحد أن يعطينا دروسا في المعارضة أو في مقاومة حركة النهضة،
لا فكريا ولا سياسيا. كيف وصل قيس سعيد إلى السلطة؟ لقد حصل على 600 ألف صوت من حزب
النهضة وائتلاف الكرامة، وهو ليس بعيدا عن حزب النهضة بل إنه قريب من السلفية، على
حد تعبيره.