هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد
معهد إسرائيلي بارز، أن الاحتلال الإسرائيلي يقف أمام معضلة استراتيجية عويصة في قطاع
غزة المحاصر، في ظل فشل حل لغز قائد "حماس" في القطاع يحيى السنوار، ما يتطلب
من "تل أبيب" الاستعداد للمعركة القادمة.
وأكد
"معهد السياسات والاستراتيجية" الإسرائيلية بالمركز متعدد المجالات في هرتسيليا،
في تقرير أعده ميخائيل ميلشتاين، أن "إسرائيل تقف أمام تناقض حاد وتشويش عميق
في ضوء الواقع الحالي في قطاع غزة؛ وثار الأسبوع الماضي في أوساط الكثيرين في إسرائيل
إحساس بتحقيق اختراق تجاه تثبيت تسوية في المنطقة، ولكن هذا الإحساس سرعان ما أخلى
مكانه باحتكاكات عنيفة على الجدار".
وأوضح
أن "هذا التناقض، ينطوي على فجوة عميقة بين رؤية إسرائيل وحماس للواقع، إلى جانب
صعوبة متواصلة أمام إسرائيل في حل لغز عالم نوايا كبار رجالات حماس"، منوها أنه
منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، "يعمل قائد حماس بغزة يحيى
السنوار في ضوء هدف مركزي؛ على إعادة الواقع الاستراتيجي في القطاع لما كان عليه حتى العاشر
من أيار/مايو الماضي، عندما أطلقت حماس رشقة صواريخ نحو مستوطنات القدس، ما فتح معركة
عسكرية".
ونبه
إلى أن "حماس، تريد أن تثبت أنها نجحت في تغيير قواعد اللعب حيال إسرائيل دون
أن يجبى منها ثمن باهظ"، مضيفا: "يبدو أن السنوار يعمل بقوة المنطق
الذي يقول، إنه يمكن العودة إلى "التسوية القديمة" دون الانجرار لمعركة واسعة
النطاق".
ولفت
المعهد إلى أن "السنوار ليس راضيا عن الإجراءات المدنية التي دفعت بها إسرائيل
حتى الآن ومنها؛ الموافقة على تحويل معظم المنحة المالية القطرية للقطاع باستثناء دفع
رواتب موظفي حماس، وتوسيع الاستيراد والتصدير، وتصاريح سفر تجار من غزة إلى إسرائيل"،
مؤكدا أن "استئناف الاحتكاكات قرب الجدار، وإطلاق البالونات يشكل وسيلة ضغط ناجعة
في نظر السنوار، وهو بمثابة "معركة بين الحروب" لا تنتقل إلا في حال الضرورة
لمواجهة واسعة".
وذكر
أن "خطوات حماس، من المحتمل أنها تعكس الفهم أن إسرائيل منشغلة حاليا بمشاكلها
المتعددة، وهذا يجعل من الصعب عليها توجيه الجهد والاهتمام لمواجهة في قطاع غزة، مما
يشجعها على العودة إلى "التسوية القديمة" في المنطقة".
ورجح
أن "يكون التشويش المتواصل في الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل نهاية حملة العدوان،
يعزز هذا التقدير، علما بأن إسرائيل تقدمت بمبادرات مدنية تجاه قطاع غزة رغم أنه لم
يطرأ اختراق في موضوع جنودنا الأسرى لدى حماس".
ورأى
معهد السياسات، أن "سلوك السنوار لا يعكس انعدام العقلانية، أو فقدان الصلة بالواقع،
وتقديرات ثابتة في أوساط محافل الاستخبارات الإسرائيلية، أن السنوار يعمل في ضوء اعتبارات
واعية ومن خلال التجربة والخطأ على نحو متواصل، ومستعد لأن يدفع ثمنا معينا لقاء تحقيق
الأهداف التي توجد في مركز تجربته".
ونوه
إلى أن "السنوار اتخذ خطوة جريئة، وبدأ لأول مرة في تاريخ حماس بمعركة ضد إسرائيل
بعد أحداث القدس ودون احتكاك مسبق في القطاع، وهو يواصل فحص إمكانية تغيير قواعد اللعب
تجاه إسرائيل"، مؤكدا أن "إسرائيل في الوقت الحالي، تقف في معضلة استراتيجية
عويصة في قطاع غزة".
وتابع:
"إذا كانت إسرائيل تريد أن تثبت حالة الهدوء مثلما كان حتى حملة "حارس الأسوار"، فعليها قبول شروط السنوار وتعيد "التسوية القديمة" إلى حالها، دون التقدم
في مفاوضات الصفقة"، مبينا أن "معنى العودة إلى "التسوية القديمة"،
هو المس بقوة الردع الإسرائيلية".
وفي
هذا الإطار "يتعزز التقدير، أن قيادة حماس يمكنها العودة لاتخاذ خطوات استفزازية
أخرى في المستقبل، دون أن يجبى من الحركة ثمن باهظ، وأما البديل الثاني الذي تقف
أمامه إسرائيل، فهو معركة واسعة أخرى من خلالها يمكن لها أن تعيد تصميم قواعد اللعب
مع حماس".
وقال:
"إذا توصلت إسرائيل إلى الاستنتاج، أن هذه خطوة ضرورية، نوصي بأن تتضمن هذه المعركة
جوابا على ثلاث ثغرات استراتيجية نشأت في خلال العدوان الأخير؛ أخذ المبادرة الهجومية؛ إيقاع ضرر شديد بمستوى قيادة حماس؛ وتصميم متصلب لشروط التسوية في اليوم التالي، دون
انسحابات ومرونات مثلما اتخذت في الأشهر الأخيرة، ومع التمسك بشرط التقدم في الخطوات
المدنية الهامة مقابل التنازلات في موضوع الأسرى".
وأشار
إلى أنه "بين البديلين لا يبدو أنه توجد بدائل وسطى قابلة للتحقق"، موضحا
أن "استمرار الوضع القائم معناه الاحتكاك المتوسط، وخلاله من شأن حماس أن تفاجئ
مرة أخرى وتبادر لمعركة ضد إسرائيل، علما بأن الاحتمال، أن تقرر حماس المرونة في مواقفها،
والمنع التام للاحتكاكات وقبول الواقع المدني القائم في ظل الاستجابة للضغط المصري
والقطري عليها، متدنٍ".
واستبعد
المعهد نجاح الإجراءات المختلفة ومنها إغلاق مصر لمعبر رفح في المساهمة في "إلزام
حماس، بمنع الاحتكاكات العنيفة بشكل مطلق ومتواصل في قطاع غزة"، مؤكدا أن العدوان
الإسرائيلي الأخير على القطاع، "عمليا لم ينته، بل بقي مفتوحا، ولم تتغير من الأساس
قواعد اللعب بين إسرائيل وحماس".
وفي
ظل هذا الأمر "على إسرائيل أن تستعد لمعركة إضافية، ويحتمل أن تكون في المدى القريب،
وإذا دققت إسرائيل في قراءة نوايا حماس، وامتنعت عن إسقاط منطقها على منطق العدو واتخذت
مبادرة هجومية بدلا من الانجرار لتبادل الضربات المنهكة، فإنه قد يتعزز الاحتمال لتصميم
"تسوية جديدة" مع نهاية المعركة المستقبلية"، بحسب تقدير المعهد الإسرائيلي.