هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في خطوة أثارت الكثير من الاستهجان والسخرية؛ قررت وزارة الداخلية المصرية مواجهة الانتقادات الحقوقية لسجل سجونها الأسود من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتغيير بعض أسماء قطاعاتها لتحسين صورتها.
وقررت وزارة الداخلية في إطار التعديلات والترقيات الأخيرة تغيير بعض المسميات لبعض القطاعات، مثل قطاع الشرطة المتخصصة إلى قطاع المرور والحماية المدنية، وقطاع الأمن الاجتماعي إلى قطاع الشرطة المتخصصة، وقطاع السجون إلى قطاع "الحماية المجتمعية"، وتحويل مسمى "السجين" إلى "نزيل".
واستهجن قانونيون وحقوقيون اختزال وزارة الداخلية كل مشاكلها التي تحيط بتاريخها الأمني المفعم بالتجاوزات وانتهاك الحقوق والحريات في تغيير بعض الأسماء، ووصفوا تلك الخطوة بأنها "استخفاف" بعقول مواطنيها والمنظمات الحقوقية.
ومنذ مجيء رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى الحكم منتصف عام 2014 قامت السلطات المصرية باعتقال عشرات الآلاف من المواطنين واحتجازهم في ظروف إنسانية صعبة ومزرية، وحرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية، وقُتل في سجونها ومراكز احتجازها المكتظة وغير الآدمية المئات من المرضى والأصحاء والشباب والشياب.
تقارير كاشفة وفاضحة
وسلطت عشرات التقارير الحقوقية المحلية والدولية الضوء على حجم الانتهاكات الفظيعة والمروعة في تلك السجون، وأصدرت الكثير من التوصيات بضرورة التوقف عن هتك حقوق المعتقلين السياسيين، وتطبيق اللوائح الداخلية بحرفية وموضوعية والتخلي عن سياسة "الانتقام" دون جدوى.
وفي ما يتعلق بسياسة السجون، كانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أصدرت تقريرا في آذار/ مارس 2021، سلطت فيه الضوء على الإطار التشريعي لعملية الإشراف على السجون في مصر، في تقرير بعنوان "شركاء في الانتهاك"، أشارت فيه إلى غياب فعالية الإشراف على السجون وآليات الشكوى المقررة قانونًا، ومدى تأثير كليهما على تحسين أوضاع المحتجزين.
ورغم أن القانون حدد ثلاث جهات للإشراف على السجون، وهي التفتيش الإداري، وتقوم به مصلحة السجون والمحافظون والمديرون المحليون، والإشراف القضائي، وتقوم به النيابة العامة والقضاء، وأخيرا الرقابة الحقوقية التي تقتصر على المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، إلا أنه لا يتم تفعيل تلك الآليات لتحسين أوضاع النزلاء (السجناء سابقا).
وبالعودة إلى 2019، أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بيانا أكدت فيه "أن إدارات السجون المصرية صعدت من انتهاكاتها ضد المحتجزين على خلفية قضايا معارضة السلطات، مضيفة أن قوات الأمن شنت حملات تنكيلية في العديد من السجون، فاقتحمت الزنازين، وجردت المعتقلين من متعلقاتهم الشخصية، واعتدت عليهم بالضرب والسحل، بالإضافة إلى حرمانهم من التريض، ومنع الزيارات".
المصدر: https://bit.ly/3jjps1Y
وتحت عنوان "سجناء مصر يتعرضون للموت البطيء"، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا في كانون الثاني/ يناير 2021، بمناسبة مرور 10 سنوات على ثورة "يناير" أكدت فيه أن نظام السيسي لا يعبأ بالانتقادات الدولية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان لعلاقته الجيدة بالأنظمة الغربية.
وأضاف أن مسؤولي السجون في الدولة يعرضون حياة سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين، لمعاملة قاسية وغير إنسانية، عبر إخضاعهم للتعذيب وحرمان متعمد من الرعاية الصحية، تسببت في وقوع وفيات أثناء الاحتجاز، وألحقت أضراراً صحية لا يمكن علاجها.
السلخانة لن تتحول إلى خان
في تعليقه، استهجن القاضي في المحاكم المصرية سابقا، المستشار محمد سليمان، تلك الخطوة، ووصفها "بالسطحية والسخيفة"، وقال: "إنها تنم عن استخفاف غير مقبول بالمجتمعين المحلي والدولي، وتهرب من مسؤولياتها الحقيقية في تطبيق القانون".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن وزارة الداخلية، بفعلتها المشينة والمعيبة، مثلها مثل الذي رفع لافتة مكتوبا عليها "السلخانة" ووضع مكانها "الخان" أي النُزل، وبهذا تحولت إلى "نُزل" للاستجمام، ما هذا السخف والاستخفاف؟".
وتوقع سليمان أن لا تغير الداخلية المصرية من نفسها داخليا، قائلا: "إنها تعلم ما يجب عليها فعله، وتعرف دورها المنوط بها وما لها وما عليها، ولكن لن تفعله إرضاء للحاكم والنظام الذي ارتضت أن تكون أداته القمعية في البطش بالمعارضين والفتك بهم وانتهاك حقوقهم وحرماتهم".
وامتدت ردود الفعل إلى وسائل التواصل الاجتماعي تسخر من المسميات الجديدة التي أطلقتها وزارة الداخلية، وتساءل الناشط السياسي، أحمد البقري، وأحد رموز الحركة الطلابية في أعقاب ثورة 25 يناير، ساخرا: "بعد تعديل اسم السجون المصرية إلى الحماية المجتمعية، متى يعين #السيسي وزيراً للسعادة؟!".
تغيير إسم السجون إلي الحماية المجتمعية وإسم السجين إلي نزيل
هل تغيير اليافطة سيحولها من مقابر إلي فنادق والمعتقلين إلي نزلاء؟!
كفاكم عبث.. عدد من إستشهدوا من المعتقلين السياسيين فقط من بداية عام 2020 حتي 2 أغسطس 2021
⛔ 104 معتقل سياسي⛔#الحريه_لفلان_الفلاني.
— Haytham Abokhalil هيثم أبوخليل (@haythamabokhal1) August 2, 2021
بعد تعديل اسم السجون المصرية إلى الحماية المجتمعية، متى يعين #السيسي وزيراً للسعادة؟!
— أحمد البقري (@AhmedElbaqry) August 2, 2021
يلا عقبال ما "النزيل" ربنا يفك كربه و يخلص من "الحماية المجتمعية" و يبقى "طليع"..
يسمون الأشياء بغير اسمها🤌 pic.twitter.com/JoTtDlBOnX
— أحمد بحيري (@AhmedBehiry) August 1, 2021
الأشياء بغير أسمائها
بدوره؛ قال مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، كريم طه، إن تغيير بعض الأسماء من قبل وزارة الداخلية المصرية "هي عملية تبييض للوضع الحقوقي والسياسي الكارثي في مصر، بالتزامن مع انطلاق استراتيجية حقوق الإنسان التي لم تدع الحكومة فيها أيا من المنظمات الحقوقية للنقاش بشأنها، واكتفى النظام بمحاورة نفسه".
وعن ما إذا كانت تسمية الأشياء بأسماء جديدة سوف تغير من الوضع المأساوي بالسجون المصرية شيئا، أكد في تصريح لـ"عربي21" أنه "لا، لن تغير أي شيء على أرض الواقع، فمسلسل الانتهاكات مستمر؛ أتذكر جيدا عقب ثورة يناير أنه تغير اسم قطاع "أمن الدولة"، أسوأ قطاع أمني سمعة في عهد مبارك، إلى الأمن الوطني، تغير الاسم فقط، ولم تتغير الممارسات الوحشية من قبل الجهاز بل زادت وحشية وفجورًا حتى وقتنا هذا".
وزارة الداخلية غيرت اسم السجون إلى الحماية المجتمعية! يعنى الحكم سيكون مثلا المؤبد حماية مجتمعية
كل الطغاة أعلنوا ذلك زورا فى مواجهة دعوة الحق حتى كفار قريش أعلنوا حماية مجتمعهم من دعوة التوحيد فحبسوا النبى واصحابه فى شعب ابى طالب واجتمعوا على قتله
حماية المجتمع بمنع الظلم
— ممدوح إسماعيل (@mamdouh_ismail_) August 2, 2021
لـ "غسل سمعتها".. #وزارة_الداخلية المصرية تغير مسمى السجون إلى قطاع الحماية المجتمعية pic.twitter.com/4Jg1naAygi
— قناة مكملين الفضائية (@mekameleentv) August 2, 2021