قضايا وآراء

الأجهزة الأمنية عار دنس فلسطين.. آن أوان كنسهم

محمد جميل
1300x600
1300x600

مشاهد الضرب والسحل للمواطنين والصحفيين في رام الله على يد عناصر من الأجهزة الأمنية بزي رسمي وعناصر من حركة "فتح" بزي مدني ألحق ضررا بالغا بصورة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال ويعاني من القهر والظلم على مدار عقود، فالكثيرون من مناصري القضية الفلسطينية حول العالم لا يعلمون أن هناك ستة أجهزة أمنية فلسطينية قوامها 75 ألف عنصر تتعاون مع الاحتلال على مدار الساعة وتقدم لأجهزته الأمنية معلومات عن النشطاء وتعتقل وتعذب بشكل وحشي.

هذه المشاهد ليست جديدة، فسجل الأجهزة الأمنية حافل بالجرائم منذ بدء عملها قبل أكثر من عقدين من الزمن، ولعل بروز وحشيتها بهذا الشكل الفج في الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي كان بسبب قتلها للناشط نزار بنات الذي لا ينتمي لأي حزب وما تبع هذه الجريمة من ردة فعل عفوية لدى كثير من قطاعات الشعب الفلسطيني بالتظاهر والدعوة علنا لإسقاط السلطة ورئيسها، الأمر الذي أفقد هذه الأجهزة وقياتها وحزب السلطة "فتح" صوابهم وخرجوا للتصدي للهبة الشعبية فتم تسجيل وحشيتهم بالصوت والصورة لتنتشر في كل أرجاء العالم.

بعد الإنقسام عام 2007 شنت الأجهزة الأمنية مدعومة من القيادة السياسية حملة اعتقالات شرسة في الضفة الغربية تخللها التعذيب الوحشي ووجهت تهما للمعتقلين من قبيل بث بذور الفتنة الطائفية، غسيل الأموال، الإنتماء لتنظيم محظور وتهم متعددة لا يوجد لها أي أساس سوى الخصومة السياسية وبسبب التعذيب الوحشي قتل خمسة نشطاء تحت التعذيب على الأقل منهم مجد البرغوثي، محمد الحاج، هيثم عمرو، كمال أبو طعيمه وفادي حمادنه.

وبسبب تغول الأجهزة الأمنية وحالة الرعب التي انتشرت في صفوف المواطنين في ذلك الوقت لم تخرج أي مظاهرات لتندد بما يحدث سوى أصوات خافتة من هنا وهناك ما تلبث أن تصمت بفعل التهديدات، هذا الحال يبدو أنه تغير اليوم فقد هدم جدار الخوف فلم يعد ينفع هذه الأجهزة بعد قتلها لنزار بنات وقمع المتظاهرين والصحفيين الإختباء خلف مواجهة من تسميهم الإنقلابيين أو المدعومين من الخارج.

وفي العودة إلى الوراء عندما بدأت الأجهزة الأمنية عملها عام 1994 ورغم حداثة وجودها وحسن استقبال العائدين من قبل الجماهير وفرحة البعض بالحل المرحلي الذي أقرته اتفاقيات أوسلو، سرعان ما كشفت هذه الأجهزة عن قناعها الزائف لتبدأ في عملية الفتك بالمواطنين والنشطاء الذين اتخذوا خطا مخالفا لأجندات السلطة، فبدأ مسلسل الإعتقال والتعذيب ونتيجة التعذيب قتل ما لا يقل عن 55 مواطنا منهم فريد جربوع، سليمان جلايطة، محمد الجندي، محمد العمور، توفيق سواركه، عزام مصلح وغيرهم إضافة إلى حالات قتل غامضة طالت نساء عزتها الأجهزة الأمنية لأسباب غير منطقية والأدلة تشير إلى تورط الأجهزة الأمنية.

حول هذه الجرائم نشرت التقارير والبيانات ووجهت رسائل إلى الداعمين لهذه الأجهزة وعلى رأسها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي لكن لا حياة لمن تنادي، فما أن تمر أيام على هذه الجريمة أو تلك حتى تنسى رغم تشكيل لجان تحقيق ومعرفة المتهمين إلا أن أحدا لم يحاسب ولم يلاحق على أي من جرائم القتل والتعذيب.

 

مقتل نزار بنات نبش الذاكرة وأخرج إلى العلن ملفات ضمت مآسي تبرز وحشية هذه الأجهزة لا يرجى أبدًا إصلاحها، منذ زمن طويل لم يكن هناك أي مبرر لتشكيلها وبعد تشكيلها ثبت أنه يجب حلها وإحالة كل عناصرها من أكبر ضابط إلى أصغر جندي إلى مراكز لإعادة تأهيلهم من جديد وتعليمهم ألف باء الانتماء إلى الوطن لا إلى الشيكل والدولار

 



الشهادات التي نشرت عن التعذيب في سجون السلطة الفلسطينية مروعة لا مثيل لها حتى في سجون الاحتلال، العديد من المعتقلين عبروا عن رغبتهم البقاء في سجون الاحتلال خوفا من اعتقالهم بعد الإفراج عنهم لدى أجهزة أمن السلطة، فهناك تقليد لدى هذه الأجهزة وهي أنها تتنظر المعتقلين المفرج عنهم من سجون الاحتلال لتعتقلهم فيما بات يعرف بالباب الدوار الأمر ذاته تفعله قوات الاحتلال في اعتقال المنهكين المفرج عنهم من سجون السلطة.

الميزانية التي تحصل عليها الأجهزة الأمنية الستة (جهاز المخابرات العامة، الأمن الوقائي، الإستخبارات العسكرية، أمن الرئائسة، قوات الأمن الوطني، الشرطة) غير معروفة على وجه الدقة، فهناك أموال تتدفق على هذه الأجهزة من شركاء غربيين وإسرائيليين، إلا أنه في العلن لهذه الأجهزة حصة الأسد في موازنة السلطة بمقدار أكثر من الثلث أي ما يعادل أكثر من مليار دولار وهذا يعادل ميزانيتي وزارة الزراعة والتعليم.

الحصاد المر لهذه الأجهزة على مدار 27 عاما من عملها جلي وواضح، وجاءت جريمة قتل نزار بنات لتكشف هذه الجرائم، فما قامت به هذه الأجهزة طوال عملها خيانة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، خيانة لكل الثوابت والمباديء، لقد ضربت هذه الأجهزة بشكل غير مسبوق مناعة الشعب الفلسطيني في الصميم ليفتح الباب أمام الاحتلال والمستوطنين ليعيثوا فسادا في البلاد دون أن يواجهوا بأي مقاومة كما كان معتادا، فأصبح الشعب الفلسطيني يواج احتلالين واحدا من البعيد والآخر من القريب.

إن أي ثمن غير حل هذه الأجهزة مقابل هذه الجرائم يجب أن لا يقبل، فمقتل نزار بنات نبش الذاكرة وأخرج إلى العلن ملفات ضمت مآسي تبرز وحشية هذه الأجهزة لا يرجى أبدًا إصلاحها، منذ زمن طويل لم يكن هناك أي مبرر لتشكيلها وبعد تشكيلها ثبت أنه يجب حلها وإحالة كل عناصرها من أكبر ضابط إلى أصغر جندي إلى مراكز لإعادة تأهيلهم من جديد وتعليمهم ألف باء الانتماء إلى الوطن لا إلى الشيكل والدولار!

ولمن يسأل عن بديل الشعب الفلسطيني منذ بدايات نضاله ابتدع تشكيلات متعددة للقيام بالمهمات الأمنية المختلفة التي مناطها حماية أمن وسلامة المواطن من المخاطر الخارجية والداخلية.. أيها الناس يجب إنهاء هذا الجنون، يجب التطهر من هذا العار الذي دنس فلسطين وأهلها، يجب الإسراع بحل هذه الأجهزة فهي تشكل خطرا على وجود الشعب الفلسطيني.


التعليقات (2)
حسين شاهر محمد سعيد
الجمعة، 19-08-2022 08:02 ص
محمود عباس وزمرته خنازير حسبي الله ونعم الوكيل فيهم
الكاتب المقدام
الإثنين، 05-07-2021 11:29 ص
*** الأجهزة الستة التي يشير إليها الكاتب الكريم، والتي قوامها كما ذكر 75 ألف عنصر، هي أجهزة أسست منذ نشأتها ودربت وسلحت ومولت من جانب الاحتلال وداعميه، بهدف أن يكونوا الذراع التي تبطش وتقمع الشعب الفلسطيني، لإجهاض ثورته ومقاومته للاحتلال الصهيوني الفاجر، ولذلك فوصفها بأنها أجهزة أمنية فلسطينية قول خاطئ، إلا إن كان المقصود هو عملها من أجل ضمان أمن الاحتلال الصهيوني، وضمان أمن المتعاونين معه من حاملي الهوية الفلسطينية، وإن كانت قلوبهم مشرئبة بحب وهوى المحور الصهيوني الصليبي الجديد، وقصر الإدانة على أفعال عناصرها، فيه إغفال لكونها ليست إلا الذراع المنفذ لعمالة السلطة التنفيذية التي تأسست بموجب اتفاقيات أوسلو منذ تسعينيات القرن الماضي، والاستمرار في إغفال دور قيادات منظمة التحرير التي كانت ورائها وكشف عمالتها، بحجة ومبرر الإبقاء على وحدة الصف الفلسطيني سواء بحسن نية أو سوء نية، لن يسفر عنه إلا استمرار الوضع المزري للفلسطينيين الذي هم فيه الآن، ودور أعضاء وقيادات منظمة التحرير من ياسر عرفات إلى محمود عباس ومن دونه في سنواتهم الأولى، لا يعطيهم حصانة ولا قداسة لقراراتهم وأفعالهم في التعاون والعمالة التي تكشفت في سنواتهم الأخيرة، والانتفاضة الحالية لفلسطينيوا الداخل، وإن كانت قد اطلقت شرارتها الممارسات القمعية الأخيرة للاحتلال، فإن أثر انتقال الروح الثورية العربية إليهم لا تخفى، ومع اختلاف الظروف والأوضاع المحيطة، فكل الشعوب العربية في الهم سواء، والمعاناة من الحكومات المستبدة العميلة جميعاً لن تنتهي إلا بالخلاص منها وليس بالاستسلام لتصرفاتها الشاذة، والله أعلم بعبيده.