هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يحاول الحاج محمد صلاح الدين الوصول إلى أرضه المزروعة بأشجار الزيتون في بلدة حزما شرق القدس المحتلة؛ ولكنه يتفاجأ بجرافات وآليات عسكرية تجرف أطرافها وتعمل ليل نهار لتنفيذ مخطط جديد سيحرمه من أرضه كما حُرم معظم أهالي البلدة من أراضيهم.
وتتعرض بلدة حزما لسلسلة مخططات إسرائيلية لسرقة ومصادرة أراضيها تحت حجج أمنية، حيث بنى الاحتلال عليها الجدار العنصري الفاصل لعزلها عن مدينتها الأم القدس في عام ٢٠٠٣، والآن يخترع الأسباب للاستيلاء على مزيد من الأراضي.
ويقول الحاج صلاح الدين لـ"عربي٢١" إن قوات الاحتلال صادرت خمسة آلاف دونم عام ٢٠٠٣ من أراضي بلدة حزما التي تبلغ مساحتها ١٤٥٠٠ دونم؛ لإقامة جدار الفصل العنصري، والذي التهم أراضي المواطنين وحرمهم من استخدامها.
اقرأ أيضا: "بيتا" تواجه "أفيتار" بأسلوب "غزة"
وبعد سنوات قليلة قرر الاحتلال مصادرة مزيد من الأراضي عبر إقامة سياج أمني لحماية الجدار الفاصل؛ وبالفعل تمت مصادرة مئات الدونمات دون أي تردد وحرمان الأهالي منها.
مخطط جديد
وأوضح بأن المخطط الجديد الذي ينوي الاحتلال إقامته هو شق شارع لحماية الجدار الفاصل والسياج الأمني؛ ولكن الهدف الحقيقي منه استيطاني بامتياز.
وأكد أن هذه المشاريع هدفها فقط السيطرة على أراضي البلدة تحت حجج أمنية؛ حيث سيكون الشارع الجديد بعرض ١٥ مترا وطول كيلومتر، وسيصادر مئات الدونمات إلى جانب حرمان الأهالي من دخول ما يقارب ٢٠٠ دونم تابعة لهم.
وحين سأل الأهالي ضباط قوات الاحتلال حول كيفية الوصول إلى أراضيهم بعد إنشاء هذا الشارع؛ أبلغوهم أن ذلك سيكون عبر تصاريح خاصة ولفترات محددة فقط، ويجري العمل حاليا على شق الشارع.
وأكد أن أهالي حزما يرفضون إقامة هذا الشارع كما رفضوا الجدار العنصري والسياج الأمني؛ وسيقومون بخطوات احتجاجية أسبوعية ضد إقامته.
الأهالي توجهوا كذلك إلى محكمة الاحتلال رغم علمهم أنها لا تنصف الفلسطينيين؛ وبعد محاولتهم تأجيل العمل في الشارع الجديد ردت عليهم المحكمة بقرار رفض الاستئناف بحجة أن الشارع سيقام لدواع أمنية.
وأشار الحاج صلاح الدين إلى أن الاحتلال يتذرع بأن آلياته تتعرض لرشق حجارة من قبل شبان البلدة؛ وهذا يؤكد بالدليل القاطع أن الشارع ستتبعه خطوات استيطانية أخرى بحجة الحماية، وهو ما سينهب كل أراضي البلدة.
ولم يتبق لأهالي البلدة سوى ٩٥٠ دونما هي التي يسمح لهم بالبناء عليها فقط، وذلك لأن بقية الأراضي غير المصادرة صنفها الاحتلال ضمن ما تسمى بأراضي "ج" وفقا لاتفاقية أوسلو مع السلطة الفلسطينية؛ والتي منحت الاحتلال حق الاستيلاء عليها، حيث يمنع الجنود الأهالي من مجرد الاقتراب منها أو التنزه فيها، ويمنعهم من استخدامها زراعيا أو الاستفادة من ثمار الأشجار التي زرعوها فيها قبل الاتفاقية.
ويرى الحاج صلاح الدين بأن مستقبل البلدة سيكون قاتما إذا مر هذا المخطط العنصري؛ حيث ستتحول إلى بلدة مغلقة ببوابة حديدية ويمنع أهلها من التحرك حتى داخلها.
وأضاف:" كل خطواتهم عنصرية وحاليا يضعون نصب أنظارهم ما تبقى من أراضينا، سينهبون كل شيء ويعطونه للمستوطنين هذه سياستهم، وسنجد المستوطنين على أبواب منازلنا قريبا".
واقع قاس
وتتعرض معظم البلدات الفلسطينية لهذه المشاريع الاستيطانية التي تنهب أراضيها شيئا فشيئا؛ ورغم محاولات الفلسطينيين التوجه للمحاكم الإسرائيلية إلا أنهم يجدون أنها جزء لا ينفصل عن منظومة الأمن لدى الاحتلال وتبرير هذه المصادرات.
اقرأ أيضا: 54 عاما على "ضم القدس".. تهويد وتهجير متواصل
عبد الله صلاح الدين من بلدية حزما قال لـ"عربي٢١" إن تسعة آلاف دونم من أراضي البلدة مصنفة كأراضي "ج" التي يمنع على الفلسطينيين البناء فيها، وذلك يشكل حوالي ٩٠٪ من مساحتها. وأوضح أن أربع مستوطنات أقيمت على الأراضي التي صادرها الجدار الفاصل من أراضي حزما؛ وذلك يعني بشكل واضح أن الأراضي التي يصادرها الاحتلال لدواع أمنية تذهب في نهاية المطاف لأغراض استيطانية.
وأوضح أنه تم تبليغ بلدية حزما قبل شهرين تقريبا بنية الاحتلال شق شارع لدواعٍ أمنية رغم وجود جدار وسياج أمنيين؛ حيث سيكون مكملا لسلسلة المشاريع التي تخنق البلدة.
وأضاف بأن حزما مخنوقة بالجدار العنصري من الجهة الغربية؛ ومحاصرة بالسياج الأمني من الجهة الشمالية؛ وبسياج أمني آخر من الجهة الجنوبية مع وجود بوابة حديدية يغلقها الاحتلال أمام الأهالي متى شاء.
وأشار إلى أن عمليات الهدم مستمرة في البلدة بزعم البناء في مناطق مصنفة على أنها أراضي "ج"، حيث تتعرض المحلات التجارية والمنازل على الشارع الرئيسي الذي يمر منها للهدم بين الحين والآخر.
وأكد أن الاحتلال حتى بعد شق الشارع سيتذرع بأن المنطقة ممنوع البناء فيها وبالتالي ستضاف إلى بقية الأراضي التي يمنع الأهالي من البناء فيها، علما أن ٣٠٪ أنجزت من عملية شق الشارع.
وكان أهالي بلدة حزما الذين يبلغ عددهم ٨ آلاف نسمة يعتمدون في حياتهم على الثروة الحيوانية؛ ولكن بعد مصادرة معظم أراضيهم لم تتبق مراعٍ ولا مساحات للمزارع، فتوجهوا نحو الوظائف الحكومية للمعيشة.
وتابع: "التحركات الشعبية هي السبيل الوحيد أمامنا لوقف هذا السرطان الاستيطاني، وسنحاول الدفاع عن أراضينا التي تُنهب كل يوم أمام أعيننا".