مدونات

القراءة والكتابة بين الغاية والوسيلة

مصطفى محمد أبو السعود
مصطفى محمد أبو السعود
تُرى ما فائدة امتلاك الإنسان كتباً كثيرة دون أن يقرأها؟ وما الفائدة من قراءتها دون أن يعمل بها ويُعلّم ما قرأه للآخرين؟ وما العبرة من الكتابة دون نشر المكتوب خاصة في عصرنا الحالي حيث النشرُ متاح في منصات لا حصر لها؟

الإجابة بلا مؤاخذة "صفر" فائدة، وبالبلدي "ع الفاضي يا حج"، لأن القراءة والكتابة تحولتا من وسيلة إلى غاية ولا تخدم المجتمع.

ما دفعني لتلك المقدمة هو أني ألتقي بإخوةٍ وأخوات، ونتحدث في أمورٍ كثيرةٍ منها القراءة والكتابة، ورويداً رويداً يخبرونني بأنهم ممن شَغَفَهُم حب القراءة والكتابة ويطلعونني على ما قرأوه وما كتبوه، لأجد نفسي أمام شخصية لها انتاج يستحق الاهتمام والنشر، ويحزنني عدم استثمار الانسان لنفسه وظلمه لها من خلال عدم نشر أعماله، فأسألهم لماذا لا تكتبون عما تقرأون ولا تنشرون ما تكتبون؟

فتتراوح الإجابات ما بين أنا أكتبُ وأقرأ لنفسي، "أخاف ما يعجب الناس"، ومنهم من لا يعجبه ما خطته أنامله، ومنهم من يقول لمن أكتب ومن سيقرأ؟

الجواب السابق أحترم أصحابه، لكنه غير مقنع لي و"ما دخلش مزاجي"، أتدرون لماذا؟

تصوروا لو أن الانسانَ قضى عمره يقرأ ويكتب ولا ينشر ما يقرأه ويكتبه، هل كانت ستصل لنا إنتاجات الآخرين السابقين؟ بالطبع "لا".

وأزعمُ أن المبررات التي سيقت ليست كفيلة بأن تبقي سائقها في دائرة الإحجام عن نشر ما يقرأ ويكتب، فرب فكرة نقلها أو كتبها ساهمت بشكل عاجل أو آجل في إحداث نهضة مجتمعية أو تغيير مسار شخص للأفضل.

ثم إن عدم إعجاب الآخرين بما تكتبه هي مسألة عادية ومتوقعة، فإن كان كلام الله عزوجل لم يعجب الكثيرين ليس لسوء أو خلل فيه - حاشاه ذلك - بل لأن كثيرا من الناس تأخذهم العزة بالإثم، فمن البديهي ألا تنال كتاباتك رضى الجميع.

ثم إن الناس الذين تخشى عدم إعجابهم ينقسمون إلى قسمين الأول: مهما كان إنتاجك جيد فلن يعجبهم، والثاني: ينتظرون منك الأفضل والأجمل، وأعضاء القسم الثاني كلنا بحاجة لهم في البداية خاصة إن صدرت هذه الآراء من أناس نثق برأيهم ونثق بأن رأيهم نابع من حرصهم علينا وعلى تطورنا.

ثم إننا لو نظرنا لقول الله عز وجل "قل اعملوا " سينقدح في ذهننا سؤال وهو ماذا نعمل؟ حسب فهمي البسيط للآية وفكرتها أن العمل يجب أن يكون بعد العلم بما يجب عمله، والذي يجب أن ينسجم مع الرؤية الإسلامية، فالذي يعلم عن شيءٍ يجب أن يعملَ به، وإلا فما فائدة أن تقرأ كتاباً كل يوم وأنت لا تنقل ما تعلمته للآخرين أو لا تنفذ ما جاء به، أو لا يظهر أثره في فكرك وسلوكك؟ والا "ع الفاضي يخو".

نخلص مما سبق إلى أن العلم هو وسيلة ينفع القارئ بها نفسه والآخرين، وهنا يصح أن نطلق على هذا الشخص أن نفعه متعد لغيره، مثل شجرة القرع تزرع في مكان لكنها "تشبط" لخارج مكانها فينتفع بها الآخرون.

فيا أيها الإخوة والأخوات:

اقرأوا واكتبوا وانشروا، ولا تهتموا بالمحبطين، ولا أظنكم تجهلون أن "رضى الناس غاية لا تدرك"، واعلم بأن القراءة والكتابة وسيلة لتتعلم وتعلم، وليستا غاية.
التعليقات (1)
نور
الخميس، 01-07-2021 06:54 م
رائع