هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن انضمام الآلاف من المواطنين اللبنانيين إلى إضراب دعا إليه الاتحاد العمالي العام؛ احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي وفشل النخب الحاكمة في تشكيل حكومة، رغم مرور حوالي سنة على تكليف رئيس الوزراء بذلك.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إن الإضراب الذي قاده العمال تدعمه
العديد من الأحزاب أبرزها "تيار المستقبل"، بقيادة رئيس الوزراء المكلف
سعد الحريري الذي لم يتمكن من إقناع الرئيس بالموافقة على حكومته المقترحة.
وذكرت الصحيفة أن الوضع
في لبنان حرج للغاية، لدرجة أعرب فيها البنك الدولي عن قلقه إزاء مواجهة الجيش
اللبناني أحد أسوأ الانهيارات المالية. ولم تخف السلطات الفرنسية، التي عقدت
مؤتمرا من أجل جمع مساعدات مالية للجيش اللبناني، عن خوفها مما آلت إليه الأوضاع.
أغلقت المكاتب الحكومية
والبنوك والمتاجر أبوابها الخميس الماضي في مدن مختلفة في لبنان؛ استجابة للدعوة
إلى الإضراب عن العمل التي تقدم بها الاتحاد العمالي العام.
من جانبه صرح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر: "خرج الناس إلى الشوارع احتجاجا على تقاعس السلطات، التي لا تفعل شيئا لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي". وحسب الأسمر، سوف تستمر الإضرابات إلى حين تشكيل حكومة يمكنها حل مشاكل البلاد الاقتصادية.
انضمت بعض القوى
السياسية إلى دعوات الإضراب، بدرجة أولى زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، الذي حصل
على تفويض برلماني في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي يخول له تشكيل الحكومة، وذلك رغم
اضطراره إلى الاستقالة قبل ذلك، بسبب الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد جراء
تدهور الوضع الاقتصادي.
ولعل ذلك ما جعل دعواته
للإضراب موضع سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي اللبنانية، الذين تداولوا هاشتاغ
"انتفاضة السلطات" على موقع "تويتر"، بالإضافة إلى صور مضحكة
استُبدلت فيها وجوه المتظاهرين بصور سياسيين مشهورين في الاحتجاجات المناهضة
للحكومة التي نظمت في سنة 2019.
وأشارت الصحيفة إلى أن
الوضع في لبنان تدهور بشكل حاد على خلفية الأزمة السياسية وانتشار فيروس كورونا، ما
أدى إلى تراجع قيمة العملة اللبنانية بنسبة 90 في المئة منذ 2019.
وقد أدى فشل مبادرة الوساطة التي تقدم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، محاولة منه التوصل إلى حل وسط بين سعد الحريري وميشال عون إلى تأجيج الرأي العام وتفاقم الأزمة. وقد صرح بري متوجها في خطابه إلى رئيس الدولة: "لا شيء يعمل، يتم تدمير البلاد ومؤسساتها، الناس في حيرة، والآمال تتضاءل بعد رفض المبادرة التي وافق عليها الغرب والشرق وجميع الأطراف اللبنانية، باستثناء شخصك الموقر".
اقرأ أيضا: إضراب عام بلبنان لتشكيل حكومة إنقاذ.. وأحزاب بالسلطة تشارك
في تقريره الأخير، توقع البنك الدولي أن الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، قد يصنف ضمن أخطر ثلاث أزمات في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وبين عامي 2018 و2020، انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40 في المئة، وأصبح الفقر يهدد أكثر من نصف سكان البلاد.
وحسب خبراء هذه المؤسسة
الدولية، فإن مثل هذه المؤشرات عادة ما تسجل على خلفية الصراعات العسكرية. وبالنظر
إلى تاريخ الحرب الأهلية والصراعات الداخلية التي عاشها لبنان، فإن البلد حرفيّا
على شفا الهاوية. في الوقت ذاته، حذر البنك الدولي من أن "انهيار الاقتصاد
اللبناني يشكل ضغطا غير مسبوق على القدرات العملياتية للجيش اللبناني".
وأوردت الصحيفة أن
الجيش اللبناني معروف بكونه قوة محايدة في لبنان، وذلك ما بينته الاحتجاجات التي
تعم البلاد منذ ما يقرب من عامين. في هذا الصدد، يعتزم قائد الجيش اللبناني جوزيف
عون، الذي حذر قبل عدة أشهر من تضور الجنود جوعا حالهم حال جميع اللبنانيين، السفر
إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الأيام المقبلة للتفاوض حول سبل تقديم
مساعدات إنسانية للجيش.
وقد زار جوزيف عون
فرنسا في وقت سابق، بينما وعدت الولايات المتحدة بزيادة حجم المساعدات المخصصة
للجيش اللبناني هذا العام.
من جهتها، استضافت فرنسا، التي أوكلت إلى نفسها مسؤولية إعادة بناء الاقتصاد اللبناني والتوصل إلى توافق سياسي، مؤتمرا افتراضيا لجمع التبرعات للجيش اللبناني يوم الخميس الماضي، حضره ممثلون عن عشرين دولة.
وذكرت الصحيفة أن
المؤتمر المنعقد في باريس تزامن مع الزيارة التي قام بها مدير عام الأمن العام
اللواء عباس إبراهيم إلى موسكو، التي تهدف إلى تأكيد التعاون القائم بين السلطات
اللبنانية والروسية. وقد صرح إبراهيم: "نحن بحاجة إلى أن تقدم روسيا يد العون
لأجهزتنا الأمنية خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان".