هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت
مجلة "تايم"؛ إن السلطات الهندية شنت هجوما جديدا على حرية التعبير،
وصعّدت حملتها على حرية الصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي. ووصف ذلك بأنه مؤشر آخر
على أن الهند، التي يطلق عليها غالبا أكبر ديمقراطية في العالم، تتجه نحو
الاستبداد.
كان
سبب ذلك هو مقطع فيديو لاعتداء عنيف على رجل مسلم انتشر على موقع "تويتر"، الذي يقول مسؤولو حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم (بي جي بي)؛ إنه استخدم لنشر معلومات
مضللة تهدف إلى تأجيج التوترات الدينية.
في
وقت متأخر من ليلة الثلاثاء، فتحت الشرطة الهندية تحقيقا مع ثلاثة صحفيين مسلمين
وثلاثة أعضاء مسلمين من حزب المؤتمر المعارض الذين شاركوا الفيديو، إضافة إلى "تويتر" والموقع الإخباري The Wire - أحد المنافذ الإعلامية القليلة في الهند التي
ظلت مستقلة.
كما
اتهم وزير تكنولوجيا المعلومات الهندي "تويتر"، يوم الأربعاء، بالفشل في
الامتثال لقواعد الإنترنت الجديدة للحكومة، مما أدى إلى تصعيد المواجهة المستمرة
التي تكهن بعض المراقبين بأنها قد تتوج في حظر منصة التواصل الاجتماعي في البلاد.
وأظهر
الفيديو المعني مجموعة من الرجال يهاجمون رجلا مسلما مسنا في ولاية أوتار براديش.
الأفراد الذين وردت أسماؤهم في تحقيقات الشرطة شاركوا تعليقات من الضحية، الذي قال؛ إن مهاجميه قصوا شعر لحيته وأجبروه على ترديد "جاي شري رام" (المجد للإله
رام)، وهو تعبير أصبح شعارا للقوميين الهندوس، في إشارة إلى أن الهجوم كان بدافع
ديني. وكان العديد من المؤسسات الإعلامية الهندية الرئيسية نقلت تعليقات الضحية، لكن لم يتم ذكر اسمها في التحقيق.
ونفت
الشرطة التي تحقق في القضية أن يكون الدافع وراء الحادث دينيا، وقالت الثلاثاء؛ إن
بعض المهاجمين مسلمون. وقالت الشرطة في بيان؛ إن من وردت أسماؤهم "حاولوا
إثارة العداء بين الهندوس والمسلمين"، و"لم يحاولوا التثبت من الحقيقة
في القضية"، مضيفة أنهم نشروا "أنباء كاذبة". وقالت الشرطة؛ إن
الأفراد الستة سيخضعون للتحقيق في عدة جرائم محتملة، بما في ذلك محاولة إثارة
الشغب، وتعزيز العداء بين الجماعات الدينية، والأذى العام، والتآمر الإجرامي.
وقد
تعرضت هذه الخطوة لانتقادات شديدة من قبل الصحفيين ومنظمات حرية التعبير. وقالت "مراسلون
بلا حدود" في بيان، الخميس: "إن الاتهام الذي وجهته شرطة أوتار براديش
لا يستند إلى أي عنصر ملموس على الإطلاق، ومن الواضح أنه يرقى إلى المضايقة
القضائية.. تدعو مراسلون بلا حدود شرطة ولاية أوتار براديش شمال الهند إلى سحب
التهم السخيفة على الفور".
لم
ترد حكومة ولاية أوتار براديش على طلب مجلة
تايم للتعليق وقت النشر.
كان
أحد الصحفيين الذين وردت أسماؤهم في تحقيق الشرطة، رنا أيوب المساهمة في كل من
مجلة تايم وصحيفة واشنطن بوست، وهي صحفية حائزة على جوائز، وقد أرسلت تقارير إخبارية
مؤخرا من المستشفيات الهندية المرهقة لمقال في مجلة تايم جادلت
فيها بأن الإخفاقات الحكومية هي المسؤولة عن الموجة الثانية المدمرة للبلاد من كوفيد-19 ومن بين الآخرين محمد زبير، المؤسس
المشارك لموقع التحقق من المعلومات المنشورة AltNews"" الذي يفضح بانتظام
المعلومات المضللة التي تشاركها الحكومة وأنصارها، وصبا نقوي، كاتبة وصحفية.
الأشخاص الثلاثة الآخرون الذين وردت أسماؤهم، هم أعضاء في حزب المؤتمر المعارض.
في
مقابلة مع مجلة تايم، قالت رنا أيوب؛ إنه في حين أن تصريحات الضحية بأن الهجوم كان
بدافع ديني وتم نقل ذلك من قبل العديد من الصحف في جميع أنحاء البلاد، إلا أنها
تعتقد أن الشرطة استهدفتها ومسلمين بارزين آخرين من أجل تخويفهم. تقول رنا:
"إنه لمن العار على الحكومة الهندية أنها تستهدف الصحفيين لنشرهم الحقائق
الأساسية".
شهدت
حرية الصحافة في الهند تراجعا سريعا، وتحتل البلاد الآن المرتبة 142 من أصل 180
دولة على مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود.
وكثفت الحكومة الهندية حملتها القمعية ضد
الصحفيين هذا الربيع، في الوقت الذي صارعت فيه موجة مدمرة من كوفيد-19
في وقت سابق من هذا العام. كما خفضت منظمة "فريدوم هاوس" غير الحكومية
ومقرها أمريكا تصنيف الهند للديمقراطية من "حرة" إلى "حرة
جزئيا"، مشيرة إلى الهجمات على حرية الصحافة كعامل مساهم.
وقالت
صحيفة " "The Wire في
بيان؛ إنها متمسكة بتقاريرها عن الاعتداء في ولاية أوتار براديش. وقالت الصحيفة في
بيان؛ إن "هذه محاولة لتجريم نقل أي شيء آخر غير الرواية الرسمية
للأحداث"، مضيفة أن تغطيتها "تستند إلى تقارير دقيقة وصادقة، نقلها
العديد من المؤسسات الإعلامية، حول ما قاله ضحية الجريمة نفسه عن الحادث ".
ورفضت
شركة "تويتر" التعليق على ورود اسمها في تحقيق الشرطة.
نشرت
رنا أيوب، التي تتعافى من جراحة في العمود الفقري، مؤخرا على حساباتها على وسائل
التواصل الاجتماعي تقول؛ إنها ستتوقف عن استخدام الإنترنت للراحة والتعافي. وتقول
إنها "اضطرت إلى النهوض من سرير الشفاء" لمواجهة أحدث المزاعم، مضيفة
أنها تعاني من ألم دائم. "إذا تم سجني، فسأواصل النضال لأجل الحق فهم لا
يستطيعون تكبيل أفكاري".
بالإضافة
إلى بدء الشرطة تحقيقا في منصة التواصل الاجتماعي "تويتر"، شن وزير
تكنولوجيا المعلومات الهندي رافي شانكار براساد هجوما عنيفا على المنصة يوم
الأربعاء. في سلسلة من المنشورات التي كانت تمثل أشد تصعيد للتوترات بين الحكومة
الهندية و"تويتر" في الأشهر الأخيرة حتى الآن، اتهم براساد المنصة
بالفشل في الامتثال لقواعد الحكومة الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي التي دخلت
حيز التنفيذ في أيار/مايو.
أشار
براساد إلى أن "فشل تويتر في التصرف" في إشارة ضمنية إلى أن الهجوم على
رجل مسلم مسن كان بدوافع دينية - ما أسماه براساد "الأخبار الكاذبة" -
كان مثالا على تطبيق شركة "تويتر" لقواعدها فقط "بما يتناسب مع ما
تحب و تكره".
وقال
براساد على "تويتر": "من المذهل أن يختار موقع تويتر، الذي يصور
نفسه على أنه حامل راية حرية التعبير، طريق التحدي المتعمد".
وتأتي
الانتقادات الأخيرة بعد أن رفض موقع "تويتر" علنا إزالة العديد من
التغريدات التي نشرها صحفيون ومعارضون سياسيون ردا على طلب قانوني من الحكومة
الهندية في شباط/ فبراير، على الرغم من موافقتها على حذف بعضها الآخر.
وفي
نيسان/ أبريل، طالبت الحكومة "تويتر" و"فيسبوك" بإزالة عشرات
المنشورات، بما في ذلك بعض المنشورات التي نشرها نواب معارضون، والتي تنتقد تعاملها
مع كوفيد-19. بعد ذلك، في أيار/ مايو، وضع تويتر على العديد من التغريدات من قبل
أعضاء الحزب الحاكم في الهند تحذيرا بأنها “manipulated media,” [وسائط
تم التلاعب بها]، وذلك بتطبيق سياسة تم تصميمها في البداية لمكافحة المعلومات
المضللة في الفترة التي سبقت الانتخابات الأمريكية لعام 2020. ردا على ذلك، زارت
الشرطة مكتب"تويتر" في
نيودلهي ومعهم الناشرون.
تنص
قوانين وسائل التواصل الاجتماعي الهندية التي دخلت حيز التنفيذ في 26 أيار / مايو
على وجوب امتثال شركات وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة لطلبات الإزالة الحكومية،
وتعيين "مسؤول الامتثال الرئيسي" الذي قد يتم القبض عليه إذا لم يتم
اتباع القواعد. وتقول الحكومة؛ إن القواعد مصممة لمنع "إساءة استخدام"
وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المستخدمين.
في
بيان لمجلة تايم، قال متحدث باسم "تويتر"؛ إن الشركة قد عينت مسؤول امتثال
"مؤقتا"، مضيفا أن "تويتر تواصل بذل
قصارى جهدها للامتثال للإرشادات الجديدة".
وفقا
لآتيش تاسير، الكاتب البريطاني الأمريكي الذي تم إلغاء وضعه كمواطن هندي في الخارج بعد فترة وجيزة من كتابته مقال غلاف لمجلة تايم، انتقد
فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، فإن الإجراءات الحكومية الأخيرة ضد "تويتر"
والصحفيين هي جزء من مشروع أوسع لخنق المعارضة. (تقول الحكومة الهندية؛ إن جنسيته
قد سُحبت لسبب مختلف: هو أنه "أخفى حقيقة أن والده الراحل كان من أصل
باكستاني").
يعتقد
تاسير أن وسائل الإعلام الهندية أصبحت مستعبدة بشكل متزايد لحزب بهاراتيا جاناتا
القومي الهندوسي. ويقول: "يظل تويتر أحد السبل القليلة التي يمكن لأشخاص مثل
رنا وزبير التحدث فيها وإيصال صوتهم وتصحيح المعلومات.. لذا فهو حقا هجوم منسق".
توافق
أيوب على ذلك وتقول: "يبدو أن الحكومة تضرب عصفورين بحجر.. إنهم يستهدفون
الصحفيين وكذلك منصات التواصل الاجتماعي، التي سمحت للأشخاص ذوي الآراء المتباينة
التغريد بآرائهم المنتقدة للحكومة".
ومع
ذلك، ما زالت رنا أيوب متحدية وتقول: "على الحكومة أن تعلم أنني لا أخشى أن
يعتقلوني.. سأستمر في قول الحقيقة بغض النظر عما يحدث".