هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اختار الملك الأردني عبدالله الثاني العديد من الشخصيات الإسلامية، بينهم وجوه بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، ضمن "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية"، ما أثار تكهنات حول تحسن العلاقة المتأزمة بين الجانبين، بلغت حد التوقع باستدخال الأخيرة في الحكم على طريقة النموذج المغربي.
والخميس؛ كلف العاهل الأردني رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي بتشكيل لجنة لتحديث المنظومة السياسية في البلاد، ضمنت 92 عضوا، بينهم سبعة إسلاميين على الأقل، أبرزهم النائب الأسبق حمزة منصور، ونقيب المهندسين الأسبق وائل السقا، والنائبة السابقة ديمة طهبوب.
وتؤكد الحركة الإسلامية أن مشاركتها في اللجنة الملكية جاءت من منطلق إيجابيتها الدائمة في التعامل مع الواقع، وفق مراد العضايلة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال العضايلة لـ"عربي21" إن القناعات الشعبية والرسمية "انتهت إلى أنه لا يمكن لأحد أن يمضي في مشروع إصلاحي حقيقي دون أن تكون الحركة الإسلامية جزءا من هذا المشروع"، لافتا إلى أن الحركة ستبدي موقفها من اللجنة بناء على مخرجاتها، ومدى توافق هذه المخرجات مع مصلحة الشعب الأردني.
وشدد العضايلة على أن "قرار الحركة الإسلامية مستقل، ولا يمكن أن تكون شريكة في التغطية على مسار يخذل الشارع الأردني"، مبينا أن الحركة "تسعى دائما إلى تحقيق مسار يعيد إنتاج الاستقرار في البلاد دون إقصاء أحد، وخصوصا في هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد".
وحول ما إذا كان النظام قد أوصل رسائل للحركة الإسلامية بنيته فتح صفحة جديدة معها؛ اكتفى القيادي الإسلامي بالقول: "نحن نرد التحية بالتحية، ونقابل الخطوة بالخطوة".
وردا على القول بأن الدولة الأردنية ذاهبة إلى تطبيق النموذج المغربي من خلال استدخال الحركة الإسلامية في الحكم؛ قال العضايلة إن من المبكر الحكم على هذا الأمر، "ونحن لا نريد أن نعيش أوهاما"، مستدركا بأن "الدولة اليوم محتاجة إلى كل أبنائها، ولذلك نحن ندعوها إلى أن تكون حضنا دافئا للجميع، وخصوصا أن المجتمع يعيش حالة توتر شديد".
وفي حين يرى مراقبون أن الدولة الأردنية تسعى لحرق ورقة "الإخوان" بعد تنامي شعبية الجماعة إبان العدوان الأخيرة على قطاع غزة؛ يرجح آخرون أن إشراك الحركة الإسلامية في اللجنة الملكية هدفه التغطية على عدم جدية النظام في إجراء إصلاحات جوهرية.
الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، يخطئ هذه التحليلات، قائلا إن الدولة جادة في تقريب "الإخوان" لأنها لم تجد أفضل منهم لتجاوز الأزمات التي تمر بها البلاد، وخصوصا بعد تجربة النائب أسامة العجارمة الذي رفع شعار الإصلاح من خلال القبيلة والمصحف والسيف.
وقال لـ"عربي21" إن ثمة حديثا حول توجه الأردن للسير على الطريقة المغربية في استدخال الحركة الإسلامية بالحكم، مضيفا أنه "بعد توقيع حكومة حزب العدالة والتنمية المغربي (إسلامي) على اتفاق التطبيع مع إسرائيل؛ أصبح لدى الأمريكان والإسرائيليين قناعة بأنه يمكن بعد تقليم أظافر الإخوان المسلمين؛ أن يتم منحهم شرعية سياسية وإشراكهم في الحكم".
اقرأ أيضا: هل تفاجئ "لجنة الإصلاح" الأردنيين بنتائج ملموسة؟
ورأى أبو هنية أن موافقة الحركة الإسلامية على المشاركة في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، جاءت متسقة مع منطق الحركة ومصلحتها، في سبيل العودة بالعلاقات إلى ما كانت عليه منذ عهد الملك عبدالله الأول ابن الحسين، متسائلا: "ماذا يريد الإخوان أفضل من تحولهم من حركة مطاردة إلى حركة شرعية تشارك في الحكم؟".
ورجح أن يحَل مجلس النواب قبل نهاية العام الحالي، لتجرى انتخابات جديدة يحصل فيها "الإخوان" على الأغلبية، وبالتالي يتم تكليفهم بتشكيل الحكومة، مؤكدا أن الدولة تسعى لأن تجعل من الحركة الإسلامية واجهة للصد عن سياساتها.
وأكد أبو هنية أن "الفيتو الخليجي ضد جماعة الإخوان لم يعد له تأثير بعد انتهاء حقبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وفشل صفقة القرن".
وتأزمت العلاقة بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين بسبب ضغوطات سعودية وإماراتية، وفق مراقبين.
وبلغت الأزمة ذروتها بعد أن منحت حكومة عبد الله النسور في آذار/ مارس 2015 ترخيصا لكيان منشق عن الجماعة حمل اسم "جمعية الإخوان المسلمين"، حيث اتهمت الحركة الإسلامية السلطات حينها بمحاولة شق الجماعة، ليتبع ذلك إغلاق مقرات الجماعة في نيسان/ أبريل 2016 بالشمع الأحمر، وتحويل ملفها إلى القضاء الأردني الذي اعتبرها "منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية".
لكن مدير عام مركز الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية، عمر الرداد، يرى أن العلاقة بين إخوان الأردن والدولة لم تصل يوما إلى مرحلة كسر العظم، وظلت تراوح بين المد والجزر، واللاصداقة واللاعداوة.
وقال لـ"عربي21" إن ما شهده الأردن من أحداث مرتبطة بفتنتي الأمير حمزة والنائب المعزول أسامة العجارمة وتداعياتهما؛ أوجد أرضية لتلاقي "الإخوان" مع الدولة في منتصف الطريق.
ورأى الرداد أن "الآفاق المستقبلية لهذا التلاقي غير واضحة، ويبدو أنها مرتبطة بالتطورات القادمة الخاصة بالقضية الفلسطينية ودور حركة حماس فيها، استنادا لموقف أردني ثابت بتأييد الشرعية التي تمثلها السلطة الفلسطينية في رام الله، بالإضافة إلى مستقبل الإسلام السياسي في المنطقة، وما يمكن وصفه بتراجع تركيا عن تقديم الدعم للإخوان بعد مصالحتها مع أطراف الاعتدال العربي".
ولفت إلى أن "الحالة المغربية ربما تشكل نموذجا يحتذى بالنسبة للأردن، لا سيما أن الرسائل النقاشية الملكية في الأردن أكدت على موضوع الحكومة البرلمانية"، مضيفا أنه "يبدو أن الدولة اليوم تسير بالإصلاحات وفق تقديرها أن الإخوان لم يعودوا يشكلون حلقة ذات وزن كما كانت عليه خلال الربيع العربي".
وخلص الرداد إلى القول بأن مستقبل العلاقة بين "الإخوان" والدولة سيبقى مرهونا بجملة خيارات محلية وإقليمية ودولية، وفي مقدمتها تطورات المشهد الداخلي، "وهو ما تدركه قيادة الجماعة التي ثبتت قدرتها على تحريك الشارع بمرجعية قضايا قومية وإسلامية، مقابل قدرة محدودة في القضايا الداخلية، بما فيها المرتبطة بتردي الأوضاع الاقتصادية".