صحافة دولية

الصهيونية ومعاداة السامية.. مفارقة تحمي "إسرائيل" من النقد

من الواضح أن معاداة السامية أمر شائع الاستخدام في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني- نشطاء تويتر
من الواضح أن معاداة السامية أمر شائع الاستخدام في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني- نشطاء تويتر

نشر موقع "أن بي سي نيوز" الأمريكي مقال رأي للكاتب أبراهام غوتمان اعتبر فيه أن الصهيونية ومعاداة السامية وجهان لعملة واحدة، وكلاهما من الأسلحة التي تخدم مصالح إسرائيل.

يقول الكاتب في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إنه تلقى رسالة من شخص غريب على تويتر يقول له فيها "أنت الحاخام ليونيل بنغيلسدورف في مسلسل "المؤامرة ضد أمريكا" للروائي فيليب روث، وذلك بعد أن انتقد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية على الإذاعة الوطنية العامة يوم الاثنين. 

لقد قارنه صاحب الرسالة بحاخام يهودي وهمي يدعم استيلاء النازيين على الرئاسة الأمريكية. ووفقا لهذا الشخص على موقع تويتر، فإن دعم الكاتب لحقوق الفلسطينيين "يغذي معاداة السامية".

 

ويذكر الكاتب أن انتقاد السياسة الإسرائيلية ليس بالأمر الجديد بالنسبة له، وكذلك ردود الفعل التي تليها، لكن الأمر ليس سهلا أبدا. باعتباره ولد وترعرع في إسرائيل، فإنه لا يستخف بالاتهامات الموجهة له والتي تكرر دائما أنه "يعزز معاداة السامية". ولكنه يرفض أن يصدق أن سلامته وسلامة عائلته مرتبطة بسكوته عن قمع أي شخص آخر.

في الأسابيع الأخيرة، ارتفع عدد حوادث معاداة السامية في الولايات المتحدة وأوروبا. تم تشويه كنائس يهودية برسم الصليب المعقوف في إنجلترا، والاعتداء بالحجارة في ألمانيا، وزُعم أن عددا من الأرثوذكس تعرضوا للمضايقة في مدينة نيويورك من مجموعة كانت تصرخ "اقتلوا جميع اليهود"، إلى جانب هجوم آخر وقع في المدينة مؤخرا. هذه ليست سوى أمثلة قليلة على حوادث بشعة أدانها الرئيس جو بايدن ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" وآخرون.

وحسب الكاتب، فإن الارتفاع المقلق في جرائم الكراهية يكرّس اتجاهين متناقضين. وفقا لرابطة مكافحة التشهير، فقد وصلت الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية سنة 2019، لكن تم تسجيل زيادة مثيرة للقلق فيما يتعلق بهذا النوع من الحوادث في أعقاب تجدد أحداث العنف في غزة.

في الوقت نفسه، لاحظ بعض الإعلاميين، ومنهم مهدي حسن من قناة "إم إس إن بي سي"، تحولا في الخطاب الإعلامي في الولايات المتحدة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. بعبارة أخرى، يبدو أن أنصار إسرائيل الديمقراطيين أصبحوا أقل خوفا من إدانة قتل إسرائيل للمدنيين في غزة، بما في ذلك عشرات الأطفال.

تاريخيا، ارتبط انتقاد الحكومة الإسرائيلية بمعاداة السامية، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. فمن خلال الخلط بين الدين اليهودي وإسرائيل، أوجدت الحكومة الإسرائيلية مفارقة تسمح لها بالإفلات من أي إدانة لأفعالها.

 

تعني هذه المفارقة ببساطة أن الصهيونية ومعاداة السامية هما من أفضل الأدوات التي تستخدمها إسرائيل لخدمة مصالحها.

نصّبت إسرائيل نفسها "دولة قومية للشعب اليهودي"ـ وقد أُضيف هذا البند إلى القانون الأساسي للبلاد. وقد وعد إعلان الاستقلال الإسرائيلي بأن الأمة الجديدة "ستفتح أبواب الوطن على مصراعيها لكل يهودي". تم تدوين هذا الوعد في قانون العودة الذي يسمح لأي يهودي في العالم بالمطالبة بالجنسية الإسرائيلية.

ولكن الخلط بين إسرائيل واليهودية، وبين الإسرائيليين واليهود، يُعتبر -حسب الكاتب- أمرا غير منطقي، ويؤدي إلى نوع من الولاء المزدوج، كما أنه يدمج بين دين متنوع وسياسات دولة واحدة. 

سنة 2015، انضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى زعماء العالم خلال مسيرة نُظمت في باريس بعد الهجمات المروعة التي استهدفت مجلة شارلي إيبدو الساخرة ومتجرا يهوديا، وهي هجمات تبناها تنظيم الدولة.

 

بعد تلك الأحداث، صرح نتنياهو قائلا: "ذهبت إلى باريس ليس فقط كرئيس وزراء لإسرائيل، ولكن كممثل للشعب اليهودي بأكمله".

ويرى الكاتب بأن الخلط بين إسرائيل واليهودية، والذي يتم غرسه وتكريسه من قبل قادة إسرائيل، هو الذي يؤدي إلى معضلة في التعامل مع ما تقوم به الحكومات المتعاقبة. ذلك أن قادة إسرائيل يمثلون جميع الشعب اليهودي، وبالتالي فإن أي انتقاد موجه لإسرائيل يعد انتقادًا لكل الشعب اليهودي، والذي يعني بدوره معاداة السامية.

يسمح تكرار هذا الخلط باستخدام تهمة معاداة السامية كسلاح في منتهى السخافة، لا سيما ضد كل من يتحدث عن حقوق الفلسطينيين.

 

اقرأ أيضا : أمريكا تتهم أردوغان بـ"معاداة السامية" لموقفه من الاحتلال

 

على سبيل المثال، فإن السيناتورة الجمهورية عن ولاية فيرجينيا، مارغوري تايلور غرين، التي كانت تقرع طبول معاداة السامية لأسابيع، هي نفسها التي روجت للنظرية المتعلقة بحرائق غابات ولاية كاليفورنيا عندما ادّعت أنها بدأت بشعاع ليزر يهودي جاء من الفضاء. 

ويعتبر الكاتب أنه من المثير للسخرية أن تستخدم غرين تهمة معاداة السامية كسلاح للدفاع عن إسرائيل، بينما تدلي هي نفسها بتصريحات معادية للسامية.

 

يتم استخدام الديناميكية ذاتها في السياسة الخارجية، حيث يجد نتنياهو دعما من القادة المعادين للسامية في بولندا والمجر، وطالما أنهم لا ينتقدون معاملة إسرائيل للفلسطينيين، فإن ذلك مقبول تماما.

من الواضح أن معاداة السامية أمر شائع الاستخدام في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وليس من الصعب أن نلاحظ ذلك.

 

على سبيل المثال، تنتشر اقتباسات من خطابات هتلر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو أمر أبلغت رابطة مكافحة التشهير عن زيادته مؤخرا. في هذا السياق، صرح دبلوماسي باكستاني مشيرا إلى المعادين للسامية: "إنهم يسيطرون على وسائل الإعلام".

ومن المفارقات -حسب الكاتب-، أن هذه الهجمات المعادية للسامية، بالأقوال أو الأفعال، تساعد إسرائيل على تبرير كل ما تقوم به. بعد شهر من هجوم شارلي إبدو في باريس، قُتل حارس يهودي خارج كنيس يهودي في الدنمارك. 

مثّلت تلك الحادثة الذريعة المثالية للصهاينة لإعادة التأكيد على أن اليهود بحاجة إلى دولة قومية، ودعا نتنياهو يهود أوروبا مجددا للهجرة إلى إسرائيل.

 

في المقابل، تعتبر مقاطع الفيديو التي تصور جنودا إسرائيليين يحملون شارات يهودية، وهم يعتقلون الأطفال الفلسطينيين بوحشية، بمثابة تحريض ضد اليهود.

في الأيام القليلة الماضية، مع ارتفاع حدة التوتر، لجأ الكثير من الفلسطينيين إلى مواقع التواصل الاجتماعي لإدانة معاداة السامية. وقد نشر أحدهم تغريدة قال فيها: "نضالنا من أجل العدالة والحرية والحياة ولا يمكن أن تشوبه الكراهية".

يضيف الكاتب أن تاريخ معاداة السامية يعود لحوالي ألفي عام، أي قبل فترة طويلة من ظهور إسرائيل، ولن يختفي بمجرد أن ينتهي احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية. 

 

وحسب رأيه، إذا كان تسليط الضوء على القمع الذي تمارسه إسرائيل يغذي المشاعر بمعاداة السامية، فإن المطالبة بوضع حد للانتهاكات يمكن أن يقلل من انتشار نزعات معادية السامية، ومن المحتمل أن مثل هذه النتائج ستجعل الشتات اليهودي يشعر بالسلام والطمأنينة.

وفي الختام، يشدد الكاتب على ضرورة النظر إلى انتقاد الحكومة الإسرائيلية على أنه بادرة سلام قد تساعد على ضمان حرية وأمن الإسرائيليين والفلسطينيين، لأن حرية اليهود الإسرائيليين وسلامتهم، وحرية المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين وسلامتهم، ليسا أمرين متعارضين، ويمكن تحقيقهما من خلال التعايش السلمي.

التعليقات (2)
مفارقة الخزر
الجمعة، 28-05-2021 01:44 ص
و هل ينتمي شعب الخزر إلى السامية ؟ وسائل الاعلام المتصهينة في الهاوية .دوام الحال من المحال
مصري
الخميس، 27-05-2021 05:35 م
اذا كانت السامية هي اسرائيل فالسامية مجرمة