آراء ثقافية

"أنا أهتم كثيرا".. مساءلة للحلم الأمريكي

يتحدث الفيلم عن استغلال مديرة بيت لرعاية العجائز لنزلائها ماليا- تويتر
يتحدث الفيلم عن استغلال مديرة بيت لرعاية العجائز لنزلائها ماليا- تويتر

في فيلمها الجديد "I care a lot"، تطرح منصة نتفليكس فيلما يجمع عدة تناقضات إشكالية. لنبدأ بموجز لأحداث الفيلم، الذي يعالج قضية واقعية، تتكرر في المجتمع الأمريكي، وإن لم تكن بالحدة التي طرحها الفيلم: أن يستغل بعض الأذكياء منزوعي الضمير ثغرة قانونية أو خللا في نظام التقاضي، للاحتيال على غيرهم.

مارلا غرايسون تصف نفسها بأنها "لبؤة لعينة". مارلا تدير دارا لرعاية العجائز، بما يظهرها إنسانة رحيمة القلب، لكننا سرعان ما نكتشف سرها: هي تتواطأ مع طبيبة بلا ضمير، تتولى علاج كبار السن، وتخبر مارلا بزبائنها الذين لديهم أصول وممتلكات، دون عائلات تهتم بهم.

 

وعبر توصية طبية من الطبيبة المتواطئة، تقدم مارلا شهادة للمحكمة تفيد بعدم قدرة المريض الهرم على إدارة حياته؛ مما يمنحها حكما بنقل المريض، إلزاميا، إلى دار رعايتها، وهناك تحكم مارلا قبضتها على المريض، فلا تسمح له بالتواصل مع أهله، ولا بالمثول أمام المحكمة ليقول إنه لا يحتاج إلى رعايتها مثلا..

بالطبع تحصل مارلا على حق التصرف في ممتلكات المريض لدفع ثمن إقامته في دار رعايتها، التي تديرها مع شريكتها فران.

 

وهكذا يظل المريض مستنزفا حتى الموت في الدار، وتنعم مارلا وحبيبتها بأمواله، لولا أنها تورطت مع عجوز استثنائية، والدة أحد زعماء المافيا الروسية.

ومع فرحة مارلا بالكنوز التي تجلس عليها تلك العجوز، يبدأ صراع عنيف بينها وبين زعيم المافيا، الذي أدى دوره بيتر دينكلاج، وينتهي بانتصار مارلا واضطرار زعيم المافيا لمشاركتها في بيزنس استغلال العجائز بضخ مبالغ هائلة لتوسيع صناعة مارلا. ثم يظهر رجل غاضب كانت مارلا قد حجزت على أمه، فيقتلها بالرصاص انتقاما لموت أمه في دارها بعيدة عنه.

ثمة ملحوظات فنية يمكن مناقشتها على أكثر من مستوى:

 
إذا كان فن السينما والدراما ينهض على فكرة الصراع، فيمكننا أن نوجه نقدا لاذعا لطبيعة الصراع في الفيلم ومساره، أولا لأنه بين طرفين يصعب على المشاهد أن يتعاطف مع أيهما؛ فالطرفان (مارلا ورجل المافيا) فاسدان، مجرمان حتى النخاع. وإذا اعتبرنا ذلك رغبة في التجديد والخروج عن المألوف لدى المتلقي، فلماذا جاء الصراع سطحيا حد التفاهة أحيانا؟

حين اختطف زعيم المافيا غريمته مارلا، أمر أعوانه بقتلها، كما أرسل آخرين لقتل شريكتها فران، فماذا كانت النتيجة؟ نجت مارلا وفران! كيف يمكن أن تنجو امرأة عزلاء من بين يدي عصابة مافيا تختطفها في أرضها النائية؟ لا تبرير، مجرد أن أعوانه حقنوها بمخدر، وربطوها بحزام الأمان ودفعوا بسيارتها إلى بحيرة، لتبدو وفاتها طبيعية، لكن يشاء القدر أن تصحو مارلا رغم المخدر، وأن تفك وثاقها مع أنها في قاع البحيرة، ثم تكسر زجاج السيارة وتسبح نحو السطح! أي منطق هذا؟!


اقرأ أيضا: أرض الرحّالة.. قصيدة متنكرة في هيئة فيلم!


وفق قواعد السيناريو التي نعرفها، يمكن للكاتب أن يتجاوز المألوف والمعتاد، بل إن الطبيعي أن يدهشنا بما لا نتوقع، على أن يفعل ذلك وفق سياق يقنع المتلقي. ويعلم أي متلق للسينما أن المافيا الروسية مخيفة، وأن عصابة تريد قتل امرأة في أرض نائية، لن تعدم مئات الطرق لفعل ذلك والتخلص من آثاره في دقائق معدودة، فلماذا استسهل صناع الفيلم ذلك الأمر؟

هذه الحبكة الفرعية مثال، في تقديري، لما يميل إليه صناع الأفلام الأمريكية أحيانا، من تجاهل المنطق البسيط ومخالفة طبائع الأشياء تحت ستار الأكشن، لمجرد أن تمضي الحبكة الرئيسية نحو النهاية المرسومة، وهي هنا انتصار مارلا على زعيم المافيا وبذات الطريقة العبثية، حيث تتمكن امرأة شابة من تحديد مسار الزعيم وتعقب سيارته وضرب سائقه وأعوانه، ثم خطفه ونقله إلى مركز طبي متوطئ، يدخله تحت رعايتها مثل أمه.

ثمة مستويات أخرى لتناول الفيلم، منها مستوى التمثيل، الذي أجاد فيه الممثلون وبرعوا، في تقديري. يبدو أن روزاموند بايك (مارلا) تجد مساحة للتميز في دور الشابة الأنيقة، الفاتنة، الشريرة، في استمرار لأدائها القوي في فيلم "Gone Girl". كما تألقت الممثلة القديرة ديان ويست في دور المرأة المسنة، التي بدت بريئة في البداية، ثم بدأ الصراع ضد مارلا يكشف وجوهها الأخرى، كونها أما لزعيم مافيا.

على مستوى الإخراج تعمد المخرج صنع مفارقة لطيفة، فقد أظهر دار الرعاية مكانا مشمسا، راقيا، جميلا، يشبه فندقا ساحرا، مع حديقة وحمام سباحة يخلب العقل.. رغم أنه مجرد مقبرة، يموت فيها العجائز حين تنفد مدخراتهم، وحيدين، ممنوعين من لقاء أحبابهم.

أيضا يمكننا التأمل في المفاهيم العامة التي تناولها الفيلم. مثلا: جاء الزعيم الروسي في هيئة قزم، بما يتفق مع الصورة النمطية القديمة التي كرستها صناعة السينما الأمريكية أثناء الحرب الباردة؛ حيث أمريكا تمثل قوى الخير التي تنقذ العالم من روسيا الشيوعية، التي تمثل قوى الشر، مع فارق واضح هنا هو أن البطلة النقيضة مارلا تمثل الشر الأمريكي تمثيلا صارخا.

هل يمكن أن نعتبر الفيلم نوعا من النقد للرأسمالية؟ بالطبع يمكن، وهذا من الأفكار التي تحسب له، فإذا كان الحلم الأمريكي قادرا على إبهار المليارات في العالم كله، فهذا الحلم هنا يتأسس على تواطؤ إجرامي، تقوده شابة ذكية، بينما يساعدها قاض يبدو غبيا أو متواطئا، ومراكز طبية تشاركها كافة جرائمها مقابل أجر سخي. ولعل هذه بالتحديد رسالة الفيلم!


التعليقات (2)
sandokan
السبت، 15-05-2021 03:35 م
كيف يمارس الإعلام الأمريكي تحيزاً وعنصرية ضد الشعب نفسه؟ مشاهدات امرأة عربية أمريكية (2) يعتبر هذا المقال الجزء الثاني من مراجعتي لكتاب بين الشرق والغرب عالم آخر: مشاهدات امرأة عربية أمريكية. إبان الغزو السوفييتي لأفغانستان كانت سمعة الإسلام كدين سماوي لا بأس بها؟ كانت أمريكا تساند المجاهدين الأفغان، وتتحدث عن بطولاتهم وما يتعرض له شعبهم من عنف وإجرام على أيدي الجيش السوفييتي، لا بل إن الرئيس رونالد ريغان استقبل قادة الجهاد الأفغاني بلحاهم الطويلة ولباسهم المميز، لكن صورتهم التي كانت محبوبة أصبحت فيما بعد مثالاً للإرهاب. شبّه ريغان آنذاك المجاهدين الأفغان بمؤسسي أمريكا، بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون، وأضفى عليهم هذا التشبيه الكثير من الاحترام والود، لدرجة أن رحلة المكوك الفضائي كولومبيا عام 1982 أعلن عن إهدائها لكفاح الشعب الأفغاني. ومن طبيعة هوليوود إنتاج أفلام حربية بمساعدات من البنتاغون، وكان فيلم رامبو 3 أحد هذه الأفلام، والذي أظهر كيف كان الجهاد أمراً إيجابياً في أمريكا. أحد مشاهد الفيلم ربما هزّ مشاعر كل أمريكي، مجاهد أفغاني يسترِق لحظات قبيل المعركة الحاسمة ليتوضأ ويصلي، في حين ينظر إليه البطل الأمريكي بكل إجلال واحترام. كانت اللقطة مؤثرة، لدرجة كاد الأمريكيون يركعون مع المجاهد الأفغاني، ويومذاك كانت نهاية الفيلم تذكر أن هذا الفيلم مهدى لذكرى مجاهدي أفغانستان الشجعان، ولكن إن شاهدت الفيلم اليوم ستجد أن عبارة أخرى قد حلت محلها، الفيلم مهدى لكل شعب أفغانستان، فقد أصبح المجاهد الأفغاني اليوم هو الإرهابي الأفغاني. إذا عدنا إلى المصلحة القومية الأمريكية وراء إنتاج فيلم رامبو 3 فسنجد أن الحرب الباردة أسهمت في تحويل الاقتصاد الأمريكي إلى اقتصاد سلاح. مدن كثيرة في أمريكا تعتمد اقتصادياً في تشغيل سكانها على صناعة السلاح، إذ ينتعش الاقتصاد كلما ازدهرت تجارة الأسلحة، وثلث ميزانية الدولة الأمريكية تُدفع لصانعي السلاح. الرئيس الأكثر شهرة في التاريخ الأمريكي، إيزنهاور، قال في خطاب وداعه للرئاسة "إن كل بندقية تُصنع وكل سفينة حربية تُدشن وكل صاروخ يطلق هو في الحسابات الأخيرة سرقة للقمة العيش من فم الجياع". لكن لا الرئيس إيزنهاور، ولا الكثير من دعاة السلام تمكنوا من تغيير ارتباط الاقتصاد الأمريكي الوثيق بصناعة السلاح، بل إن ما حصل هو أن شركات الأسلحة هي التي نوّعت في مجالات استثماراتها، واستثمرت في الإعلام، والسينما، والمؤسسات الفكرية، ولذلك عندما انهار الاتحاد السوفييتي غاب العدو، أي انتهى المبرر للاستثمار في تجارة السلاح المربحة، وأسهم ذلك ضمن عوامل أخرى مهمة في تحريك عجلة البحث عن عدو. كذلك فإن سقوط الاتحاد السوفييتي وعدم وجود قوة منافسة أتاح فرصة ذهبية، وجد بعض الساسة الأمريكان أهمية استغلالها لأقصى درجة وبأسرع وقت لفرض الهيمنة على أكبر مساحة من العالم وأهمها العالم العربي. بدأت الكاتبة دراسة ماجستير العلاقات الدولية بعد حوالي 7 سنوات من وصولها لأمريكا، حرصت أن تكون أبحاثها في العلاقات الدولية متعلقة بالعرب والمسلمين، وشملت موضوعات عن البنوك الإسلامية، ونظرية الواقعية في كتابات هاينز مورغانتو والقرآن الكريم، وقد طلب أستاذها أن تستعين بمدقق لغوي، وهكذا تعرفت إلى كيرت، فوجئت أن كيرت عكس كل الأمريكيين، عميق الثقافة بمادة أبحاثها، وأخذ يشجع على نشر أبحاثها في مجلات متخصصة. تقول الكاتبة: سألتُه يوماً عن سر معرفته الواسعة التي تفوق معلومات بعض الحاصلين على الدكتوراه من أساتذتي، قال دبليو إم إن إف! تساءلت ماذا؟ قال هذه هي الإذاعة المحلية، استمعي لنشرة أخبارهم المطولة هذا المساء وقولي رأيك! فاستمعت واستمعت واستمعت، وإذ بصفحة جديدة تفتتح في حياتها، كانت تتابع نشرات الأخبار يومياً عبر محطات أمريكية مثل CNN، ظنت أنها بهذا قد فهمت أمريكا، واعتقدت أن الإعلام الأمريكي حر ومفتوح، ويُعبّر عن جميع فئات الشعب بلا تحيز، وأن التحيّز هو غالباً ضد فلسطين والعرب والمسلمين، وأن سبب هذا التحيّز هو سيطرة اليهود على الإعلام الأمريكي، لكن بعد متابعتها لهذه الإذاعة أدركت أن الإعلام الأمريكي متحيز ضد فئات من الشعب الأمريكي نفسه. وأن هناك أمريكا أخرى إما أنها تقع خارج الرادار الإعلامي وإما أنها تعرض بطريقة مضللة، فعندما يعرض الإعلام البديل تقريراً عن امتلاء السجون بمدمني مخدرات من السود، فإن نفس الأرقام والإحصائيات تعرضان هنا وهناك، ولكن الإعلام البديل يتحدث عن الظروف التي جعلت الشاب الأسود عرضة لاستخدام المخدرات والدخول إلى السجن، كما يعطيك إحصائيات تُثبت عدم إعطاء السود فرص عمل مماثلة للبيض، وتظهر تقارير عن سوء التعليم والمدارس في مناطق تجمعات السود، وتذيع تقارير عن تحيز الشرطة والقضاء ضد السود، بل وقد تعرض تقارير تشير بأصابع الاتهام إلى بعض الأجهزة، وقيامها بترويج المخدرات بين السود، وهذا كله لا يذاع في الإعلام التقليدي الذي يعطيك فكرة أن الارتباط بالمخدرات عند السود مسألة تجري في جيناتهم. ولذا فلو كنت تقتصر على متابعة الإعلام التقليدي، فستجد نفسك لا شعورياً تشارك بعض الأمريكان رأيهم العنصري ضد السود، من النادر أيضاً أن يتحدث الإعلام الأمريكي عن آثار استخدام اليورانيوم المخصب على صحة الجنود الأمريكيين العائدين من العراق، وكذلك لن تجد في الإعلام التقليدي ما يذيعه الإعلام البديل عن تعدي بعض شركات البترول العالمية على البيئة، بل وحتى تورطها في قتل بعض ناشطي حماية البيئة في إفريقيا، وكذلك عن اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، والذين باتوا بلا مأوى إلا في غابات الشجر وأسفل الجسور. أحياناً يُعرض شيء من هذه القضايا في الإعلام التقليدي، ولكنه يلقي باللائمة على الأفراد لا على النظام الرأسمالي، ويُبدو الفقراء كسالي لا يريدون أن يعملوا حتى لو أُتيحت لهم فرص العمل، وإذا لم يكن بد من اتهام الحكومة بالتقصير فإنما ذلك لأنها حكومة كبيرة غلغلتها البيروقراطية، وأن الحل هو في خصخصة الخدمات ومنحها لشركات ربحية، وهكذا. في التغطية الإعلامية عن فلسطين الأمر لا يختلف كثيراً، حيث يتم إغفال الأخبار في حينها، ثم ذكرها بعد فوات أوانها، وضمن سياق ما يجعل المشاهد الأمريكي لا يرى ولا يعرف ما يتعرض له سكان غزة، مثلاً لو عُرض خبر عن إغارة مقاتلات إسرائيلية على موقع لكتائب الأقصى قتل فيه ثلاثة من المتطرفين، فهو رد على إطلاق الكتائب صواريخ على مدينة كذا (وليس مستعمرة كما هي في الواقع). تسببت الصواريخ في نزول السكان إلى الملاجئ، وقتل طفل عمره خمس سنوات، وقد يفصل أكثر فيقول إن صواريخ الكتائب أطلقت رداً على غارة إسرائيلية على سيارة في غزة، كان يستقلها أحد عناصر جماعة الجهاد، الذي قتل هو وأحد أبنائه (لا يذكر أن هذا الابن طفل). أما في الإعلام البديل، فالمشاهد كان قد سمع بالغارة الإسرائيلية الأولى على سيارة عنصر جماعة الجهاد، وفهم أن طفلاً بريئاً قُتل، وأن السيارة كانت مدنية، وأن صواريخ الجهاد استهدفت مستعمرة، أي أن شرعية بنائها غير قائمة، شتان إذن بين الخبر في الإعلام هذا وذاك، وشتان ما بين الرسالتين اللتين استقرتا عند جمهور كل منهما. تتحدث الكاتبة أيضاً عن نواحٍ أخرى عن المجتمع الأمريكي وبعض إيجابياته، فحين تتحدث عن خادمتها الأمريكية، وساعات العمل المقننة لها، والشروط التي تحميها وتجعل لها رأياً في الأعمال التي تطلب منها، وكذلك ما يجب أن يقدمه لها مشغلها من الاحترام، وتقارن بين تلك الخادمة التي تعمل في أمريكا والأخريات القادمات من سريلانكا والعاملات في الأردن، الخادمة الأمريكية هنا تعتبر محظوظة، إذ يكفل عملها لها ولأولادها حياةً معقولة، تجعل منها سيدة مجتمع، مثلها مثل مَن تعمل عنده، وشتان ما بينها وبين نظيرتها التي تعمل في أي بلد عربي وتعاني ما تعانيه مما نعرفه. في أمريكا الوضع يحقق للعاملة عدالة أكثر. هناك الكثير مما يحتاج أن نفهمه عن أمريكا، والكتاب يفتح آفاقا للفهم بلا شك، في أسلوب مشوق سهل وغني.
sandokan
السبت، 15-05-2021 10:28 ص
^^ الحلم الأمريكي ^^ الحياة في أمريكا بالنسبة لفنان عربي شاب ، تبدو مثيرة و مبهرة للغاية : فالفنان مطلوب و مرغوب ، تتهافت الناس على إنتاجه ، و تعمرهُ المحافل و المنتديات الفنية بالدعوات لاستضافيه و إفساح المجال لأعماله و عرض أرائه و أفكاره ! و هكذا وجه الحضارة المشرق .. إنه الفن ، لقد أصبح اللمسة الواعية على كل مرافق الحياة المعاصرة ! و أصبح الإبداع مرادفاً للوعي في أرقى مظاهره ! .. بطل الفيلم يستطيع أن يصنع أفلاماً جريئة تثير الإهتمام .. و لكنه لا يستطيع أن يعيش حياته بنفس الجرأة .. و هو لهذا يشعر بالتوثر .. و الحيرة .. و القلق .. و بقدر حيرته يصبح لغزاً بالنسبة للذين يتعاملون معه .. من هنا أبحث عن الحقيقة و الإنسان .. هي الأم .. التي تربي أولادها .. حتى يكبروا .. و يستقلوا بأنفسهم .. و يخرجوا من بيت العائلة إلى بيوتهم الجديدة .. ربما كان هو خروجاً من الظل .. إلى دائرة الضوء .. و الشهرة .. إن المكان لا يقل أهمية عن الإنسان .. الروجوع للأصل فضيلة .. و لهذا يعود إليها الكثيرون إذا ما شعروا يوماً بصعوبة الحياة .. و إشتاقوا إلى دفء الأم .. و حنانها و صدقها ! .