صحافة دولية

FP: يجب على فيسبوك نسيان ترامب وملاحقة مودي.. لهذا السبب

ترامب ومودي يشكلان خطرا بسبب نشاطهما على التواصل الاجتماعي بحسب الكاتب- جيتي
ترامب ومودي يشكلان خطرا بسبب نشاطهما على التواصل الاجتماعي بحسب الكاتب- جيتي
نشرت "فورين بوليسي مقالا لعميد كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس، بهاسكار تشاكرافورتي، قال فيه إن "المحكمة العليا" لفيسبوك أصدرت قرارها، الأسبوع الماضي، بشأن ما إذا كان ينبغي السماح للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالعودة إلى المنصة. كان القرار يُنتظر بفارغ الصبر، وقد أدى الحكم الفعلي (الملخص: إبقاء الحظر، وألق بالمشكلة مرة أخرى على فيسبوك) إلى سيل من المقالات عبر الأخبار وأعمدة الرأي؛ ستة منها في عدد 6 أيار/ مايو من صحيفة نيويورك تايمز وحدها.

كان من الممكن استخدام بعض هذه المساحة بشكل أفضل في شكر "المحكمة العليا" لفيسبوك على خدمتها حتى الآن، والتطلع إلى الأمام، لتشجيعها على الحكم على منشورات أخرى أكثر أهمية لقادة العالم غير المسؤولين. حان الوقت للانتقال من الانشغال بالرئيس الأمريكي السابق، وإعطاء آخرين لحظة في دائرة الضوء. عيّنة رقم1: رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

دعونا نفكر في ما دفع ترامب إلى إطلاق (حساب) فيسبوك في المقام الأول. استخدم المنصة لـ"التحريض على العصيان العنيف"، وأصدر رسالة تقول: "اذهبوا إلى بيوتكم. نحن نحبكم. لكم مكانة خاصة جدا"، للطلب من المتمردين التفرق على منصة أخرى للتواصل الاجتماعي. مات خمسة أشخاص، وتعرضت الديمقراطية الأمريكية للتهديد، وتشوهت صورة أمريكا وعلامتها التجارية على أنها "زعيمة العالم الحر".

بالطبع، مع وجود 2.8 مليار مستخدم خاضعين له، يعد فيسبوك أكثر من مجرد مؤسسة أمريكية. في وقت إبعاده، كان ترامب بلا شك مؤثرا كبيرا مع ما يزيد قليلا على 35 مليون متابع على فيسبوك. لكنه ليس حتى أكثر المؤثرين تأثيرا. من المؤكد أن نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو أو الكوميدي البريطاني مستر بين يتحكمان أكثر، لكن مودي ليس أقل تأثيرا، مع أكثر من 46 مليون متابع.

تأثير مودي عميق. في آذار/ مارس، حضر 66 ألف متفرج معظمهم لا يضعون الكمامات لمشاهدة مباراة كريكيت بين الهند وإنجلترا في ملعب يحمل اسم مودي نفسه. تم وصف هذا المشهد بأنه "أكبر حضور في الرياضة العالمية منذ ظهور جائحة كورونا". الرجل الذي يزين اسمه الاستاد -والذي يجد في حماسة وسعادة عدد كبير من الناس الذين يتجمعون ليعبروا له عن حبهم له أمرا مُرضيا- وافق على الأمر بلا شك، على الرغم من أن الاستاد قرر تقييد الدخول إلى 50 في المئة، على عكس الدول الكبرى الأخرى، لم تفرض حكومة مودي أي حظر على المشجعين في جميع أنحاء البلاد خلال الأحداث الرياضية الكبيرة.

يتم عرض مقاطع فيديو للتجمعات الانتخابية المزدحمة لمودي من الشهر الماضي فقط بشكل بارز على صفحته على فيسبوك، حتى مع موجة جديدة من كوفيد-19 تدمر البلاد. وبعد ذلك، بالطبع، هناك أعظم ترياق لفشل التباعد الاجتماعي، مهرجان كومبه ميلا، وهو مهرجان ديني يجتذب 3.5 مليون شخص، حيث التقى المصلون قبل ثلاثة أسابيع على ضفاف نهر الغانج في مدينة هاريدوار لممارسة طقوس الغطس. وبعد العديد من طقوس الغطس في وقت لاحق، حيث كانت حالات الإصابة بفيروس كورونا تخرج عن نطاق السيطرة، أصدر مودي رسالة عرجاء قائلا: "الآن بعد أن تم إجراء حمامين ملكيين، أناشد الجميع بإبقاء (احتفالات) كومبه ميلا رمزية"، وطلب من المتدينين التفرق.

قد تكون الديمقراطية الهندية، المدعومة بالقومية الهندوسية، مهددة بالفعل، على الرغم من عودة ظهور المعارضة في انتخابات التجديد النصفي في غرب البنغال. كان تأثير الارتفاع الجديد لكوفيد- 19 في الشهر الماضي، والذي نتج في جزء كبير منه عن إهمال الحكومة المركزية، كارثيا. وتشوهت صورة الهند، الدولة التي تقدمت بأعجوبة إلى نهاية الوباء. كم شخصا مات؟ لقد فقدنا العدد، كما توقفت حكومة مودي عن العد. في الواقع، سيموت مليون شخص بسبب كوفيد-19 بحلول آب/ أغسطس، وفقا لتقدير علمي يستند إلى بيانات رسمية. يقدر آشيش جها، أحد كبار الخبراء الأمريكيين، أنه في الواقع يموت أكثر من ألف شخص كل ساعة في الوقت الحالي.

لا شك في أن مقاطع الفيديو الخاصة بالتجمع الانتخابي التي تم عرضها بشكل بارز على صفحة مودي على فيسبوك عززت فكرة أنه من الآمن العودة إلى الأماكن العامة المزدحمة. أضف هذا إلى رسائل مودي السابقة للتهنئة الذاتية بعد التغلب على الوباء و"إلهام" العالم، مع العديد من منشورات فيسبوك حول الاجتماع بفرق الاستجابة لكوفيد-19، والإعلانات الواثقة بأن "الهند هزمت كوفيد-19 العام الماضي، ويمكن للهند فعل ذلك مرة أخرى". هذا ساعد مودي في خلق شعور زائف بالأمان حتى مع إصابة مئات الآلاف من المواطنين الهنود بالمرض كل يوم، ويختنقون بالمعنى الحرفي للكلمة دون الوصول إلى الأوكسجين أو الأدوية الأخرى المنقذة للحياة في منازلهم وفي مواقف السيارات التابعة للمستشفيات المكتظة. مع وجود البنية التحتية للصحة العامة في حالة من الفوضى بالفعل، تمت الاستعانة بمصادر خارجية للرعاية الصحية لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث يصدر الهنود نداءات لمواطنيهم للمساعدة والأكسجين وتوفير أسرة المستشفيات.

بالنسبة لزعيم وضع دولة بأكملها في حالة إغلاق تام بإشعار مدته أربع ساعات قبل عام، عندما كانت معدلات الإصابة لا تزال منخفضة، لا توجد رسائل حول التباعد الاجتماعي أو الإغلاق على مستوى البلاد على صفحة فيسبوك الخاصة برئيس الوزراء مع عودة موجة كوفيد-19 بشراسة غير مسبوقة. وغني عن القول إنه لا يوجد أي ذكر للبؤس في مناطق حرق الجثث الفائضة أيضا. وبدلا من ذلك، أمرت الحكومة فيسبوك (من بين منصات التواصل الاجتماعي الأخرى) بإزالة المنشورات التي تنتقد تعاملها مع الموجة الجديدة من الإصابات والمطالبة باستقالة مودي.

بالطبع، لا تندرج منشورات مودي على وسائل التواصل الاجتماعي والرقابة على الآخرين بسهولة تحت فئة المعلومات المضللة الكلاسيكية أو التحريض على التمرد، لكنها لا تزال تحمل عبئا مميتا. الإشراف على هذا النوع من المحتوى ليس عملا يمكن أن يقوم به جيش تعديل المحتوى منخفض التكلفة التابع لمصادر خارجية في فيسبوك، أو عن طريق برامج الذكاء الاصطناعي التي يمكنها التقاط المحتوى غير المقبول. لا يمكن للفريق التنفيذي في فيسبوك فعل ذلك؛ لأنه سيكون من غير المقبول لمديري الشركة إصدار مثل هذه الأحكام على حقوق القادة السياسيين في التعبير، خاصة عندما لا يمكن إظهار المحتوى على أنه يتجاوز "الخط الأحمر" الواضح أو سياسات الشركة المحددة بوضوح.

بدلا من ذلك، فإن تقييم احتمالات الضرر من مثل هذا المحتوى يتطلب رؤية لربط المحتوى بعواقبه المجتمعية. ومن المؤكد أن "المحكمة العليا" في فيسبوك، مع تفويضها بإصدار "حكم مستقل لدعم حق الناس في حرية التعبير وضمان احترام هذه الحقوق بشكل كاف"، هي الهيئة الوحيدة المناسبة القائمة التي يمكنها تولي هذا الأمر. من المؤكد أن أعضاءها الذين تتراوح مجالات خبرتهم بين القانون وحقوق الإنسان والسياسة والتكنولوجيا والجنس والدين والإعلام، من بين أمور أخرى، لديهم الحكمة الجماعية لربط النقاط بطريقة لا يستطيعها موظفو مراجعة المنشورات ولا الخوارزميات ولا المديرون التنفيذيون في الشركة.

بالتأكيد، يمكن للهيئة التي تم تجميعها بسبب استقلاليتها وحكمتها أن تقر بأن منصة الاتصالات المهيمنة في العالم تتحمل بعض المسؤولية في تجنب النتائج الكارثية التي يتسبب كبار المؤثرين المضللين. وبالتأكيد، يمكن لهذه الهيئة إجراء العمليات الحسابية، والتحقق من أن ترامب ليس الوحيد الذي لديه إمكانية التسبب بضرر رقمي هائل.

خلاصة القول هي أن هناك مؤثرين كبارا بخلاف ترامب، كان لمحتواهم في فيسبوك عواقب اجتماعية وخيمة بالفعل. مودي هو واحد فقط من بين العديد من الآخرين، لكن الأمر يستحق البدء به؛ نظرا للتأثيرات الضخمة للوباء في الهند. كتوصية أوسع، يجب وضع التالي بعين الاعتبار: أي مستخدم في فيسبوك لديه أكثر من 10 ملايين متابع، على سبيل المثال، يجب أن يتم تقييم كل مشاركة له بالنظر إلى نتائج مجتمعية أوسع، بما في ذلك النظر في التأثيرات من الدرجة الثانية والثالثة، أو احتمال حدوث عواقب غير مقصودة.

يربح فيسبوك أموالا طائلة من هؤلاء المؤثرين، وهو على استعداد لدفع أموال لهم مقابل تأثيرهم، ولذلك تتحمل شركة فيسبوك مسؤولية التأكد من أن أوزات ذهبية كهذه لا تسبب بأي ضرر. يجب أن يجعل فيسبوك مثل هذه المراجعات جزءا من الاختصاص المعتاد للمحكمة الرقمية العليا، ويمنحها المجال لوضع الإطار والمعايير وتوصيات العلاج اللازمة.

إن إصدار أحكام على العواقب المجتمعية لشخصيات بارزة أو قادة في العالم أو المشاهير، أو حتى أنشطة الشخصيات الخيالية على وسائل التواصل الاجتماعي (نعم، حتى مستر بين)، أمر مهم ويجب القيام به. لا شك أن تلك القرارات ستناقش بشدة، وسوف تتحول هذه إلى نقاط حشد سياسي. (يمكنني سماع ذلك بالفعل: "لا تدع الأجانب ومحكمة صورية على فيسبوك يخبرونك بكيفية التصويت!"). كل حكم سيولد المزيد من أعمدة الرأي والمزيد من الحبر المسكوب، لا شيء من هذا هو سبب للتهرب من القضايا، فماذا ستخدم فكرة عظيمة مثل المحكمة الرقمية العليا إن لم تكن مسائل من هذا القبيل؟

https://foreignpolicy.com/2021/05/10/modi-facebook-supreme-court-trump-super-influencer/
التعليقات (0)