صحافة دولية

MEE: نتنياهو هو معتَمد الفوضى في العدوان على الأقصى

نتنياهو- جيتي
نتنياهو- جيتي
قال الكاتب والمحلل الإسرائيلي يوسي ميلمان، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو معتمد الفوضى في المنطقة، بسبب أفعاله الخرقاء.

وأوضح في مقال له على موقع "ميدل إيست آي" ترجمته "عربي21"، أنه كان بالإمكان نزع فتيل التوتر، لولا التصرفات التي قام بها نتنياهو في الأقصى.

وفي ما يلي النص الكامل للمقال:

جاءت الجولة الأخيرة بين إسرائيل وغزة – وإن كنت لم أعد أحصي كم مرة حدث ذلك حتى الآن – مفاجئة للزعماء السياسيين والعسكريين في الجانبين. ومع ذلك، لم يكن ينبغي لهم أن يكونوا متفاجئين تماماً.

كان ينبغي عليهم أن يعوا وأن يعلموا أن ذلك كان وشيك الوقوع بسبب أفعالهم الخرقاء. كانت الكتابة ظاهرة على الجدار بحروف كبيرة ضخمة وواضحة المعالم. ورغم أن جميع الأطراف الضالعة لم تكن تريد، وما زالت لا تتمنى، حرباً شاملة، إلا أنهم جلبوا لأنفسهم ولشعوبهم خطوة خطوة.

كان أول إنذار بأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان على وشك الاشتعال من جديد، بعد فترة من الهدوء النسبي استمرت لما يزيد عن عام، هو قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية.

تعاني السلطة الفلسطينية، والتي تقودها حركة فتح بزعامة محمود عباس وتتحكم بالضفة الغربية المحتلة، من انقسامات حادة بين مجموعات متنافسة داخلها.

خشي الجيش وجهاز الأمن في إسرائيل، الشين بيت، من أن حماس كانت لديها فرصة جيدة للفوز بالانتخابات مما سيمكنها من تعزيز نفوذها في الضفة الغربية.

فأقنعوا عباس، الذي توصل إلى نفس الخلاصة، بأن يلغي الانتخابات متذرعاً ببعض الحجج الواهية.

أغضب ذلك حماس التي حملت اللوم لإسرائيل وقررت استفزاز إسرائيل من خلال شن حملة، ولو على مستوى محدود أو صغير، من الطيارات الورقية والبالونات الحارقة، والتي أسفرت عن حرق حقول القمح والبطاطس التي كانت جاهزة للحصاد.

بدأ هذا الحرق الجوي يتزايد في منتصف شهر رمضان المقدس، وهي فترة تعلم السلطات الإسرائيلية من تجارب الأعوام السابقة أنها كثيراً ما تكون مشحونة ومن الممكن أن تشتعل فيها المواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وخاصة في القدس الشرقية الفلسطينية.

وبالفعل، تقع الآن أحداث عنيفة بسبب ممارسات ضباط الشرطة الإسرائيلية الذين يعتدون على الفتيان الفلسطينيين.

موسم الحماقات

أول حماقة في موسم الحماقات كان قرار الشرطة إقامة حواجز في الساحة المقابلة لبوابة دمشق، والتي يتردد عليها الشباب الفلسطينيون عادة في المساء بعد الإفطار في رمضان.

بسبب هذه الحواجز أصبح من العسير الدخول إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه أو في أي جزء من مجمعه. رد الفتيان الفلسطينيون على ذلك بإطلاق الألعاب النارية ومواجهة عناصر الشرطة.

مفوض الشرطة العام ياكوف شباتي، الذي عينه في أواخر عام 2020 وزير الأمن الوطني اليميني التوجه أمير أوهانا، ليست لديه خبرة كافية في العمل الشرطي التقليدي والنظامي.

فقد كان في مجمل تاريخه المهني يعمل في شرطة الحدود، والتي تعرف بسلوكها العنصري تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية والفلسطينيين من مواطني إسرائيل. وهو معروف في إسرائيل بآرائه اليمينية والمعادية لليبرالية.

وقد حظي تعيينه بموافقة، بل وبتشجيع، من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يقود الآن حكومة انتقالية.

قرر جهاز الشين بيت التدخل لإعادة الهدوء إلى شوارع القدس وأجبر شباتي على إزالة الحواجز، ولكن جاء هذا الإجراء متأخراً جداً، فقد وقع الضرر.

شعرت حماس بأن إسرائيل خضعت للضغوط فزادت من تهديداتها وخطابها المتحدي والمحرض على العنف. في تلك الأثناء استمرت الشرطة الإسرائيلية في شن الهجمات داخل المسجد الأقصى وفي الاعتداء على المصلين.

وكان التحرك التالي أيضاً قراراً غير حكيم من قبل الشرطة.

في سبيل إرضاء مسؤوليه السياسيين، أوهانا ونتنياهو، سمح شباتي لحدث اسمه "رقصة الرايات" بالمضي قدماً على الرغم من التوتر المتصاعد.

والحدث عبارة عن تظاهرة سنوية ينظمها القوميون اليمينيون المتطرفون والمستوطنون الإسرائيليون حيث يسيرون عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس.

وفي نهاية المطاف اضطر مفوض الشرطة مرة أخرى للتراجع تحت وطأة الضغوط التي مارسها عليه جهاز الشين بيت وأمر بتغيير خط سير التظاهرة. ومن جهته، أمر نتنياهو، الذي أدرك أنه يلعب بالنار، الشرطة بمحاولة تنفيس التوتر. ولكن، تارة أخرى، جاء ذلك متأخراً جداً ولم يفلح في تجنب المنزلق.

إنذار أخير من غزة

مساء الإثنين، أصدرت حركتا حماس والجهاد الإسلامي إنذاراً أخيراً للشرطة الإسرائيلية مطالبة إياها بمغادرة مجمع المسجد الأقصى. ولكن إسرائيل ما كان بوسعها السماح لنفسها بالاستسلام والتجاوب مع مثل هذا الطلب. ولإثبات أنها عند كلمتها، أطلقت حماس سبعة صواريخ في اتجاهات مختلفة في القدس والأرياف المحيطة بها.

أمر الجيش الإسرائيلي، بقيادة الفريق آفيف كوخافي بقصف مواقع عسكرية تابعة لحماس والجهاد الإسلامي داخل غزة. ولكن، وكما هي العادة دوماً عندما تشن إسرائيل ضربات جوية، قتل مدنيون فلسطينيون من بينهم أطفال. كما جدد الجيش الإسرائيلي حملته لاستهداف الشخصيات القيادية في غزة بالاغتيال.

انتقمت المجموعتان المسلحتان برشقات من الصواريخ التي أطلقت باتجاه المدن الإسرائيلية، وبشكل رئيسي عسقلان وأسدود والمجتمعات الريفية في الجنوب.

وخرجت مجموعات صغيرة من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في البلدان المختلطة بين اليهود والفلسطينيين، مثل يافا وحيفا والرملة واللد، للتظاهر تضامناً مع غزة.

خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى من بداية الحملة الإسرائيلية ضد القطاع المحاصر سقط عشرات الفلسطينيين بين قتيل وجريح، وتم تدمير عشرات المباني. في تلك الأثناء لقيت امرأتان إسرائيليتان حتفهما ودمرت بعض البيوت تحت وطأة وابل من ثلاثمائة صاروخ أطلقت من داخل غزة.

في الجانبين، يستمر كوخافي وزعماء حماس في لغتهم الحادة والمحملة بالتهديدات. ومع ذلك، يبدو أن الطرفين ما زالا يمارسان درجة من ضبط النفس. لم تطلق حماس والجهاد الإسلامي الصواريخ باتجاه تل أبيب حتى مساء الثلاثاء، بينما لا يبدو أن الجيش الإسرائيلي – على الأقل حتى الآن – ينوي تجاوز الحدود وغزو غزة.

في هذه الأثناء، وكما حصل في الجولات السابقة من القتال بين إسرائيل وغزة، سوف تسعى كل من مصر وقطر وتركيا للتوسط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. إلا أن خبراء الأمن يحذرون من أنه إذا لم يتوقف العنف خلال اليومين القادمين، فقد تتفاقم الأمور وتخرج عن السيطرة.

ولكن حتى فيما لو عاد السلام والهدوء النسبي، وحتى لو لم يكن هو الذي بادر بالعنف، فمن المحتمل جداً أن يخرج نتنياهو من هذا الوضع فائزاً.

فبعد أربعة انتخابات غير محسومة، وإذ يواجه محاكمة بالفساد، فقد غدا نتنياهو معتمد الفوضى.

قبل الاثنين الماضي، كانت الفرصة مواتية جداً لكي يتنحى نتنياهو ويحل محله ائتلاف من يمين الوسط واليسار، وذلك بدعم من الحركة الإسلامية الفلسطينية. أما الآن فيبدو أن هذه الفرصة آخذة في التلاشي.
 
التعليقات (0)