استيقظ
المصريون على فاجعة إعدام النظام المصري لتسعة من المتهمين على ذمة قضية اقتحام سجن كرداسة بعد الانقلاب العسكري تموز/ يوليو 2013.
نظام السيسي من بين اكثر الأنظمة عالميا في تنفيذ عقوبة الإعدام في السنوات الأخيرة، لكن هذه المرة كانت مختلفة تماما، فالنظام العسكري لم يحترم حرمة شهر رمضان الكريم، ولم يراع كبر سن أحد المعتقلين في هذه القضية، ولم يلتفت كثيرا لمناشدات منظمات حقوقية دولية ومصرية بإعادة النظر في عقوبة الإعدام التي يتخذ منها النظام ذريعة للتخلص من معارضيه بحجة أحكام القضاء.
القتل بالدراما التلفزيونية، هو أحدث الطرق التي اتبعها نظام السيسي للقضاء على معارضيه، هذه المرة عبر بوابة مسلسل الاختيار2 الذي يحكي أحداثا حقيقية عاشتها مصر بعد انقلاب السيسي على أول تجربة ديمقراطية. المسلسل الذي يفترض أنه يسرد بطولات رجال الظل أو ضباط الداخلية، لم يتوقف عند تجميل صورة هذا الجهاز الفاسد وتبرئته من كل الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب المصري منذ عهد مبارك وصولا إلى القمع والتنكيل والتعذيب الشديد تحت حكم السيسي، وإنما امتد ليشمل خطابا تحريضيا فجا ضد المعارضين في محاولة جديدة ومستمرة لشيطنة كل من تجرأ على الوقوف في وجه هذا الانقلاب العسكري طيلة السنوات الثماني السابقة.
القتل بالدراما التلفزيونية، هو أحدث الطرق التي اتبعها نظام السيسي للقضاء على معارضيه، هذه المرة عبر بوابة مسلسل الاختيار2 الذي يحكي أحداثا حقيقية عاشتها مصر بعد انقلاب السيسي على أول تجربة ديمقراطية
أحداث كرداسة تعتبر نموذجا صارخا على استغلال الدراما التلفزيونية للتمهيد للقتل في نهار رمضان، المسلسل الذي استعرض أحداث كرداسة على مدار حلقتين لم يكن إلا وسيلة لتخدير الرأي العام وتهيئته بشكل جيد لاستقبال خبر تنفيذ الإعدام في سبعة شخصا من المتهمين في هذه القضية. الدراما تأسر العقل وتخاطب القلب وتوجه الوجدان نحو حب هذا أو كره ذاك، بل والأكثر من ذلك أنها تدفع المشاهد أحيانا لاتخاذ مواقف عدائية من هذا الشخص أو التيار وفقا للبوصلة التي يريدها كاتب السيناريو. والحقيقة الواضحة في حالة مسلسل الاختيار2 أن من يكتب سيناريو مسلسل كهذا، ومن يكتب أحكام القضاء ومن يصدق على تنفيذ عقوبة الإعدام ما هو إلا شخص واحد، أو قل جهاز عسكري واحد رأسه في قصر الاتحادية ورجاله في المخابرات العامة والمخابرات الحربية والشئون المعنوية، وأذرعه في الأمن الوطني ومدينة الإنتاج الإعلامي.
أتعجب كثيرا من أناس عصمهم الله من أن تتلوث أيديهم بدماء المصريين الأبرياء في مذبحتي رابعة والنهضة منذ ثماني سنوات، إلا إنهم أبوا إلا وأن تتلوث أيديهم بدماء أبرياء جدد قتلهم النظام في الأسبوع الماضي. كريم عبد العزيز وأحمد مكي، اعتبرهما الكثيرون مشاركين في هذه الجريمة عبر ما يقدمانه من مشاهد تحتوي على كثير من الكذب والتضليل وتزييف الحقيقة وشيطنة الآخرين، ما سهل من عمل النظام كثيرا في التخلص من بعض معارضيه تحت غطاء الدراما ولافتة الاختيار2.
نظام عبد الفتاح السيسي يريد أن يعيد استنساخ السردية التي بنى عليها بقاءه منذ انقلاب 2013.. انقسام مجتمعي، وتفويض بالقتل، وتحريض ضد المعارضين وشيطنة المخالفين ونشر كبير لخطاب الكراهية بين المصريين، ولا أفضل من الدراما التلفزيونية في شهر رمضان
في أحد المشاهد يؤكد كريم عبد العزيز، الذي يقوم بدور ضابط كبير في قطاع الأمن الوطني، أنهم لا دخل لهم بمنازل المعارضين ولا يدخلوها أو يقتربوا منها وأن الشرطة لا تعتقل أحدا من أقارب المعارضين وإنما جل تركيزهم على المتهمين أنفسهم، وهذا محض هراء. في هذا الأسبوع فقط وعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت قوة أمنية من وزارة الداخلية والأمن الوطني باعتقال أم عبد الرحمن الشويخ وزوجها وابنتها؛ لا لشيء إلا لأنها نشرت رسالة بخط يد ابنها المعتقل تشكو للعالم ما فعلته به قوات الأمن داخل المعتقل من اعتداء جنسي وتعذيب. هذه الأم المصرية نشرت فيديو بعدها بيومين تعلن فيه أنها تقدمت ببلاغ للنيابة العامة للتحقيق في ما يجري لولدها داخل المعتقل. ولم أفهم حقيقة ما جريمة تلك الأم المصرية حتى تعتقلها الداخلية ويتم حبسها خمسة عشر يوما على ذمة قضية تتعلق باتهامها بنشر أخبار كاذبة.
نظام عبد الفتاح السيسي يريد أن يعيد استنساخ السردية التي بنى عليها بقاءه منذ انقلاب 2013.. انقسام مجتمعي، وتفويض بالقتل، وتحريض ضد المعارضين وشيطنة المخالفين ونشر كبير لخطاب الكراهية بين المصريين، ولا أفضل من الدراما التلفزيونية في شهر رمضان كي يعيد النظام نشر هذه الرواية الفاسدة بين المصريين، ليكون شعار المرحلة الحالية بامتياز هو القتل بالدراما في عهد السيسي.
twitter.com/osgaweesh