من الحقائق التاريخية أن
تمرد الجماعة المسلحة في هذه المنطقة المعروفة بإقليم
بني شنقول، والتي يقع فيها
سد النهضة الإثيوبي، أمر سابق لقيام السد بنحو تسعة عقود من الزمان، وإن دخل قيام السد مؤخرا ضمن أسباب تمردهم على الحكومة المركزية حيث تعرض قسم منهم للتهجير من الأراضي المحيطة بالسد.
وإقليم بني شنقول أرض سودانية، سكانها مسلمون في غالبهم ويتحدثون العربية، بيد أن الاحتلال البريطاني في السودان منحها لمملكة الحبشة في العام ١٩٠٢ ضمن صفقة سياسية. وبعد إعلان ضم بني شنقول إلى الحبشة لم يجد سكان الإقليم الترحيب الكافي من السلطات الإمبراطورية، واعتبروا مواطنين من الدرجة الثانية.
وفي بداية العام 1931، بدأ أول تمرد رسمي على السلطات الحبشية. وقد ظلت تبعية هذا الإقليم للحبشة التي تسمى اليوم إثيوبيا تبعية سياسة، إذ لا يزال السكان مرتبطين اجتماعياً وروحياً ووجدانياً بالسودان، ولذلك من أهم مطالب الجماعة المسلحة العودة بإقليمهم إلى الاراضي السودانية على أساس أن أراضيهم وشعبهم جزء لا يتجزأ من السودان.
التمرد والحركات المسلحة
لكن ظل تأثير تمرد بني شنقول محدودا بينما عمدت الجماعات العرقية المرتبطة بالسلطة، لا سيما الأمهرا، تعمل على تغيير ديمغرافي في الإقليم لتقليل تأثير ارتباط سكانه بالسودان والحد من احتفاظهم بخصوصيتهم الثقافية. ومما لا شك فيه أن دخول عامل سد النهضة زاد من أهمية هذا الإقليم داخليا وخارجيا، الأمر الذي وفر فرصا لصالح تقوية شوكة التمرد.
ولعل مشاكل إثيوبيا الأخرى في إقليم التيغراي المضطرب تضعف من سيطرة الدولة المركزية، وهو عامل كذلك لصالح تمرد بني شنقول.
لكن من الصعب أن يتمكن المتمردون من السيطرة الكاملة على منطقة السد أو إحداث تخريب فيه، على الأقل في الوقت الحاضر. في ذات الوقت، لا يمكن التقليل من حجم المخاطر الأمنية المتصاعدة في منطقة السد بسبب ذلك التمرد. ولعل ذلك يضعف من موقف أديس أبابا المتشدد من المفاوضات بشأن السد مع كل من مصر والسودان.