هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا، أشارت فيه إلى أن لبنان رهينة في وقت يتجه فيه نحو الانهيار.
ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2019، اندلعت انتفاضة مدنية ضد الطبقة السياسية الحاكمة كلها، وأسقطت الحكومة. وفي آب/ أغسطس، دمر انفجار كيماوي كارثي مرفأ بيروت وأحياء كاملة، وأطاح بالحكومة التي خلفت الحكومة السابقة.
وأضافت الصحيفة أنه وبعد سبعة أشهر من المماحكات، لم تعين حكومة لتقود البلد المفلس والذي ينزلق نحو أزمات. وبدلا من رجال دولة يقومون بتحمل المسؤولية عن الوضع الوطن الطارئ، ابتلي لبنان بالجوارح السياسية الجائعة التي تتغذى بجشع على جيفته.
وتابعت بأنه "وبعد ثلاثة عقود على نهاية الحرب الأهلية (1975- 1990)، تقود لبنان شلة طائفية من أمراء الحرب يرتدون البدلات مع حزب الله، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران، الذي أصبح دولة داخل دولة ويحمل المفاتيح".
وأشارت إلى أنه من الصعب المبالغة في محنة لبنان الذي يسير نحو الانهيار، فهو يواجه أزمة مالية ودين وأزمة مصرفية وفيروس كورونا، وانفجار للمرفأ أنهى كل ما تبقى من حياة اقتصادية.
اقرأ أيضا: لوفيغارو: لبنان يمر بظروف أزمة قاسية وغير مسبوقة
وخسرت العملة اللبنانية نسبة 90 بالمئة من قيمتها. ومع تراجع التجارة، تزداد البطالة والجوع إلى جانب انتشار التسول والمقايضة، فقد أقرضت البنوك اللبنانية نسبة 70 بالمئة من أرصدتها للبنك المصرفي المفلس، ومنعت المودعين من الوصول إلى ودعائهم، ومر موعد لإعادة هيكلة المصارف، ولكن بمظهر من مظاهر إعادة الهيكلة، في وقت تواصل حكومة تصريف الأعمال عرجها.
كما أنه ليست هناك ميزانية ولا عملة صعبة لدفع المستحقات على الاستيراد، في وقت يواصل فيه المصرف المركزي طبع أوراق عملة نقدية لا قيمة لها ولا تزيد إلا من التضخم.
ولا أحد يعرف متى ستحدث نقطة الانهيار للبنان، فقد نجا البلد من الحروب والغزوات والاحتلالات والاغتيالات، لكنه لا يملك الدولارات لدعم استيراد القمح والدواء والمحروقات، وهي مواد تشكل كما قالت وزارة المالية اللبنانية العام الماضي نسبة 60 بالمئة من ميزانية المستهلك اللبناني العادي.
وأضافت أن "سماسرة السلطة" في لبنان يرفضون التعامل بجدية مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على حزمة إنقاذ. ويريد المانحون بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الدعم، ولكن لحكومة قادرة ملتزمة بالإصلاح، وهو أمر ترفض الطبقة السياسية السماح بتشكيلها، وكل أفرادها من المتواطئين في العملية. ويصر أكبر حزب مسيحي بقيادة الرئيس ميشيل عون على حكومة محاصصة لا تكنوقراط يكون لهم فيها حق الفيتو. وهناك تنافس على الوزرات المربحة مثل الطاقة والمالية، ولكن من الصعب التغلب على المشاكل الحقيقية.
ومن بين الشروط على أي حزمة إنقاذ هو التدقيق في حسابات المصرف المركزي. ويرفض بنك لبنان أي محاولة على قاعدة قوانين السرية للبنك. وهذه القوانين ليست مصممة لإخفاء الإفلاس أو اختلاس المال العام، والذي يمكن أن يكشف عنه أي تدقيق حقيقي، كما تذكر الصحيفة.
وأشارت إلى أن "حزب الله والكتلة الموالية لإيران يريد شراء الوقت والنظر لما سيظهر من إدارة جو بايدن، والعودة إلى التواصل مع إيران، وهو لا يريد المخاطرة بحليفه المسيحي الذي لا يقدر بثمن، والذي يراه مصدرا للشرعية الوطنية أو المخاطرة بالسلطة".
وذكرت أن هناك أصواتا تعبر عن قلقها، ففي الأسبوع الماضي رفض قائد الجيش اللبناني الجنرال جوزيف عون أمر الرئيس عون (لا قرابة بينهما) بإخراج المتظاهرين من الشوارع والحواجز. وتساءل بدلا من ذلك عن المسار الذي تقود الطبقة السياسية البلد إليه. والجواب ليس مشجعا، فرفض الطبقة السياسية نشوء حكومة قابلة للمحاسبة والتظاهر بأنهم يتفاوضون مع بعضهم البعض، فإنهم يقودون البلد -الذي يقع تاريخيا على منعطف طريق بين الشرق والغرب في البحر المتوسط- إلى دولة فاشلة.