انتشرت في الأيام الماضية بعض الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي من بعض الشخصيات المشهورة بمحتواها الإعلامي عن السفر وعن الأماكن المعروفة في البلدان المختلفة التي يزورنها، ومنها
مصر.
وجاء تحذير من أكثر من شخصية بعد رجوعهم لبلدانهم من النزول لمصر في الوقت الحالي، وكأن مَن يحمل أي كاميرا أصبح عدوا للبلاد، وجرى توقيف لهؤلاء الأشخاص أكثر من مرة أثناء تصوير حلقات من القاهرة وغيرها من قِبل عناصر وزارة الداخلية.
وعلى سبيل المثال اليوتيوبر ابن حتوته، وسائح نمساوي أظهر ملاحقة عناصر الداخلية له مع قبح معاملة هذا النظام العسكري المحتل للوطن بقوة السلاح والرصاص.
بعدما كان اسمها "مصر المحروسة"، أصبحت مصر المسلوبة إرادتها، والمسلوبة حريتها، والسجّانة لأبنائها.
أصبح
السيسي ومنظومته الفاشلة مثالا حيّا لعهد عبد الناصر الذي كل إنجازاته أنه لم ينتصر في أي معركة خاضها، متباهيا بإنجازاته فقط في إقامة الكباري والأنفاق.
وينقل السيسي تجربة محمد علي في هدم الإنسان، وينقل استبداده حرفا حرف، فمحمد علي قضى على المواطن المصري بأساليب السخرة، فأصبح الصانع الوحيد، الزارع الوحيد، الجندي الوحيد.
وقد أهلك السيسي الحرث والنسل، وتدريجيا أصبح الجيش ومؤسساته يتدخلون في كل شيء، مقاولات، أغذية، وصناعات عديدة، وبالمقابل تغلق مئات المصانع الخاصة لصالح الفرد الواحد، ألا وهو الجيش ومؤسساته مبتعدا عن المهمة الحقيقية له وهي حماية البلاد وأراضيه، إلى بيع أراضيه والتفريط في ثرواته، واعتقال البلاد والعباد.
ما زال السيسي مرتعبا من أي ذكر لثورة 25 يناير، وما يصدر عنه من تصريحات في حق الثورة وأنها لم تكتمل، فما هي إلا أكاذيب تُضاف إلى سجل وعود إبليس التي لا تتحقق أبدا.
وفي رواية جورج أوريل "مزرعة الحيوانات"، أقنعت الخنازير مجتمع المزرعة بأنهم يحصلون على حليب البقرات والقطفات الأولى لمحصول التفاح من أجل مصلحتهم، وأنهم يشربون الحليب ويأكلون التفاح لمصلحة شعب المزرعة والحفاظ على عقول الخنازير التي تفكر وتدير المزرعة.
فأتذكر مقولة السيسي عند فضيحة بناء القصور والاستراحات بأنه سيشيد القصور والاستراحات أكثر ليس له بل من أجل مصر، نفس منطق الخنازير في رواية جورج أوريل؛ أنهم يفعلون كل هذه السرقات من أجل الوطن وشعب المزرعة الذي كان محتلا من قبل بني البشر.
والعجيب أنه بعد سبع سنوات من السرقة والنهب والتفريط وسفك الدماء واعتقال عشرات الآلاف وإخفاء الألوف قسريا، وتحويل البلاد إلى سجن كبير، يخرج مَن يقول لك إنهم حماة البلاد والعباد، وحفظوا البلاد من البيع لقطر وتركيا.
منطق يجعلك ترفع صوتك بأعلى صوت مخاطبا لهم: أليس منكم رجل رشيد؟ ألم يتنازل عن حقوقكم للكيان الصهيوني واليونان وقبرص في حقول الغاز وترسيم الحدود البحرية؟ ألم يتنازل عن تيران وصنافير؟ ألم يعلن إفلاس مئات الشركات والمصانع لصالح تدمير الصناعات الوطنية مثل مصنع الحديد والصلب، فأين هي الحماية من كل هذا؟!!
رحم الله الزمخشري عندما قال: الإنسان بناء الله لعن من هدمه.