مقابلات

سياسي تونسي يدعو لإيجاد خارطة طريق لإنهاء أزمة البلاد

دعا إلى إجراء "حوار وطني شامل يلعب فيه الاتحاد العام التونسي للشغل دورا قياديا"- مواقع التواصل
دعا إلى إجراء "حوار وطني شامل يلعب فيه الاتحاد العام التونسي للشغل دورا قياديا"- مواقع التواصل

قال السياسي التونسي، والنائب المؤسس في المجلس الوطني التأسيسي سابقا، بشير النفزي، إن "حالة التصعيد الخطير لتأزيم الأوضاع بتونس تقف خلفها أطراف داخلية سواء منفلتة أو سياسية مدعومة من دول وأجندات خارجية تحاول اللعب على الأزمة الاقتصادية الحالية لتقويض التجربة الديمقراطية التونسية، وفتح الباب لكل السيناريوهات؛ فلا نستغرب صعودا ملفتا للشعبويين والفاشيين وأذرعهم الميدانية".

وشدّد المستشار الدبلوماسي السابق للرئيس التونسي الأسبق الدكتور محمد المنصف المرزوقي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على "ضرورة تدخل رئيس الجمهورية لكبح جماح كل هذه الانفلاتات"، معبّرا عن خشيته من تصاعد الإضرابات والاحتجاجات التي "تتزامن مع احتداد الاستتباعات الاقتصادية لأزمة الكورونا".

ودعا "النفزي" إلى إجراء "حوار وطني شامل يلعب فيه الاتحاد العام التونسي للشغل دورا قياديا، ولا يجب أن يستثني أي مكون سياسي أو اجتماعي أو جهوي، ولتطرح كل الملفات والأولويات وتُناقش ضمن لجان وطنية تهدف لإيجاد خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة المتعددة الأبعاد".

وشدّد على رفضه التام للجوء بعض المحتجين إلى أسلوب تعطيل الإنتاج كوسيلة للضغط على الحكومة، وقال: "حسنا فعلت حكومة المشيشي بانتهاج أسلوب الحوار وضبط النفس، ولكن لا يجب أن يصبح تعطيل الإنتاج أسلوبا لتركيع الدولة، فخيرات البلاد هي ملك لكل مواطن ولكل الوطن وليس لأبناء جهة الإنتاج فحسب".

وتاليا نص المقابلة:

 

الرئيس التونسي قيس سعيّد حذر الاثنين الماضي من "محاولات خفية" لضرب الدولة من الداخل.. فما أبعاد تلك المحاولات؟


الرئيس قيس سعيد عودنا منذ توليه الرئاسة على الخطابات الغامضة، والتي للأسف عادة ما لا ترفق بالأفعال والقرارات العملية، وتصريحه هذا لا يخرج عن ذات الإطار، أما عن محاولة فهم مقصوده، فالتأويلات متعددة لعل أبرزها هو منسوب الاحتقان المتزايد في مجلس نواب الشعب ومحاولة بعض الكتل النيابية جر اهتمام الرأي العام لمعركة الهوية بين المحافظين والتقدميين، كذلك فمنسوب الاحتقان الاجتماعي والذي تطور لعمليات تعطيل لمراكز إنتاج الطاقة هو من المدلولات التي نستشفها من خطابه، وبالتالي فرض سياسة الأمر الواقع لابتزاز الدولة.

ومَن يقف خلف تلك المحاولات برأيكم؟


طبعا، خلف هذا التصعيد الخطير لتأزيم الأوضاع أطراف داخلية سواء منفلتة مثل مَن عطل إنتاج الغاز والنفط أو سياسية مدعومة من دول وأجندات خارجية تحاول اللعب على الأزمة الاقتصادية الحالية لتقويض التجربة الديمقراطية التونسية وفتح الباب لكل السيناريوهات؛ فلا نستغرب صعودا ملفتا للشعبويين والفاشيين وأذرعهم الميدانية، وضرورة تدخل رئيس الجمهورية لكبح جماح كل هذه الانفلاتات أكثر من مؤكدة وحتمية.

لماذا تشهد عدة مناطق جنوب تونس صراعات من حين إلى آخر؟


في حقيقة الأمر الصراعات الحاصلة بين الفينة والأخرى بين بعض المواطنين، الذين لا أحب تصنيفهم عشائريا أو قبليا، يعود لعاملين أساسيين: تباطؤ الدولة في حل مشكلة الأراضي الاشتراكية، أي ترسيم حدود ملكية كل عائلة أو عائلة موسعة، وخاصة في نقاط الماء لأهميتها الحيوية خاصة على تخوم الصحراء، والعامل الثاني هو تزكية الفتنة من أطراف تسعى لتصعيد منسوب الاحتقان الاجتماعي في كل المناطق، وهذا شيء يبعث على الريبة، فتزامن الأزمات والفتن شمالا ووسطا وجنوبا، مثير للتساؤل.

كذلك تعاطي الحكومة لم يكن استباقيا لإيقاف هذا الصراع حول "العين السخونة"، وكان الأجدى منع أي شخص من الاقتراب من هذه البقعة لتفادي الالتحام والاقتتال المؤسف، والذي أودى بحياة شاب بخلاف عشرات الجرحى والخسائر المادية.

أخيرا، فقرار رئيس الجمهورية يجعل المنطقة المتنازع عليها منطقة عسكرية مغلقة، هو قرار سليم، ولكنه متأخر جدا، ولعله يحد من منسوب التوتر بين العائلات المتجاورة.

البعض يقول إنه يجري تضخيم الاحتجاجات والإضرابات لمحاولة تحقيق مكاسب سياسية.. ما صحة ذلك؟ وما حجم هذه الاحتجاجات والإضرابات الاجتماعية؟


نعم، الأكيد أن منسوب الاحتقان الاجتماعي الحالي على أهميته، لا يخلو من "متربصين" سياسيين وأهمهم بالتأكيد الحالمين بضرب التجربة الديمقراطية التونسية برمتها، سواء من ممثلين في البرلمان ممن لا يخفون عداءهم للثورة التونسية أو مبادرات سياسية تسعى للطعن في كل المكتسبات الحاصلة والعمل من خارج المنظومة الديمقراطية، وهذه سلوكيات وجب التصدي لها وكشف مقاصدها.

فمحاولة تعطيل تمرير قانون المالية التكميلي مثلا داخل المجلس النيابي والتشويش على أشغاله هو أحد هذه الأساليب. كذلك فتنفير المواطنين من الأحزاب السياسية والسياسيين عموما هو من التكتيكات المعتمدة، والتي زادت في تغذيتها مواقف رئيس الجمهورية الرافضة للتعاطي مع الأحزاب السياسية وتهميش الفعل السياسي بما يخلق بيئة خطيرة قامت بتضخيم التحركات الاجتماعية على أهمية الأزمة الاقتصادية وحدتها.

هل الاحتجاجات الراهنة قد تتصاعد خلال الفترة المقبلة أم إنها ستمر كغيرها؟


أخشى صراحة من تصاعد هذه الاحتجاجات، والتي قد تتزامن مع احتداد الاستتباعات الاقتصادية لأزمة الكورونا، ولخفض نسق هذه الاحتجاجات لدقة المرحلة، وجب القيام بحوار وطني شامل يلعب فيه الإتحاد العام التونسي للشغل دورا قياديا، ولا يجب أن يستثني أي مكون سياسي أو اجتماعي أو جهوي، ولتطرح كل الملفات والأولويات وتُناقش ضمن لجان وطنية تهدف لإيجاد خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة المتعددة الأبعاد.

كيف ترون لجوء المحتجين إلى أسلوب تعطيل الإنتاج كوسيلة للضغط على الحكومة؟


طبعا، تعطيل الإنتاج كوسيلة للضغط على الحكومة هو أسلوب مرفوض، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإنتاج المواد الحيوية التي تضر مباشرة بالمواطن مثلما حصل من خلال منع قوارير الغاز المنزلي الضروري للتدفئة، والاحتياجات اليومية للمواطن، وكذلك إنتاج الفسفاط الحيوي للاقتصاد الوطني والبترول وغيرها.

في المقابل، فلا يمكن اللوم كثيرا على مَن أتبع هذا الأسلوب باعتبار تملص كل الحكومات المتعاقبة من وعودها لأبناء الجهات المهمشة، وحسنا فعلت حكومة المشيشي بانتهاج أسلوب الحوار وضبط النفس، ولكن لا يجب أن يصبح تعطيل الإنتاج أسلوبا لتركيع الدولة، فخيرات البلاد هي ملك لكل مواطن ولكل الوطن وليس لأبناء جهة الإنتاج فحسب.

كيف تنظرون لدعوة رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) راشد الغنوشي إلى التضامن الوطني لمواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد؟ وهل قد تلقى صدى؟


دعوة رئيس مجلس النواب التونسي إلى التضامن الوطني هي دعوة معقولة، بل ومطلوبة، وأظن أن كل الرئاسات تُجمع على أهمية التضامن الوطني في هذه الفترة الحرجة، وتبقى الإشكالية في علاقة بتصريحات السيد الغنوشي، أنه رئيس مجلس منسوب التوتر والاحتقان والتصادم فيه كبير وعديد الكتل جعلت من رئيس المجلس أحد عناصر "الأزمة" من خلال محاولاتها المتكررة لسحب الثقة منه والاعتصام في مكتبه وكل أروقة المجلس لتصل الأمور لانفلاتات من الكتل البرلمانية.

وبالتالي، ورغم أهمية التصريحات وضرورة الأخذ بها، فالصورة الحالية لمجلس النواب لدى المواطن التونسي تضعف من وقع هذه الدعوة للتضامن الوطني، وتصبح جهات أخرى إما سياسية أو اجتماعية لها قوة اقتراح مثل هذه الحلول على أهمية ورزانة تصريح السيد رئيس مجلس نواب الشعب.

كيف تابعتم تصريح النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس الذي اعتبره منتقدون مهينا لـ"الأمهات العازبات"؟


تصريح النائب محمد العفاس -بغض النظر عن مضامينه التي تُناقش وقد تجد مَن يدعمها أو يتوجس منها ويرفضها- فحمل بالنسبة لي خطرين وتحفظين أساسيين، أولا، استعمال أسلوب "نحن وهم"، وبالتالي تقسيم المواطنين على خلفيات هووية وفكرية وتذكية نعرة الفرقة في وقت نحن في أمس الحاجة فيه للوحدة الوطنية وتقريب وجهات النظر حول المواضيع ذات الأولوية وأساسا الاقتصادية- الاجتماعية. وكذلك استعمال الخطاب الديني الصرف من منبر برلماني والإمعان في التصنيف وإعطاء الأحكام القطعية دائما عبر ثنائية "الفضيلة" (نحن)، و"الرذيلة" (هم).

وبالتأكيد مثل هذا الخطاب لا ينفع، ويؤجج الأزمات، ولا يقدم حلولا للتونسيين بقدر ما أنه يعيد البلاد لمربع التصادم بين المحافظين والتقدميين، والأكيد أن الشعبويين هم المستفيدون من مثل هذا الخطاب، من هذا الطرف أو ذلك. طبعا مع حق النائب في التعبير عن ما يريد وتحمله نتائج وتداعيات أقواله وأفعاله وتحمل أن ينقد كلامه، وموقفي الشخصي أنني لا أشاطره ما يقول.

التعليقات (1)
ميشلان
الأحد، 20-12-2020 05:23 م
أطلس جيو النسخة الأخيرة مليء بالخرائط أو روت 66اختر على ذوقك...