هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن
ضحايا التعذيب في ليبيا يستهدفون الأرصدة العقارية للواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي قاد حملة للمخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، والتي تقدر بالملايين ويلاحق بجرائم حرب في ليبيا.
وقضى حفتر عقدين من الزمان معارضا لنظام معمر
القذافي ويحظى بدعم من المخابرات الأمريكية على جهوده، وبنى مملكة عقارية في
الولايات المتحدة منها بيت فخم في فيرجينيا. ولكن حفتر الذي يقود المسلحين في شرق
ليبيا، وجد نفسه في لحظة مهمة في محاولاته السيطرة على بقية البلاد يواجه دعاوى
قضائية أمام القضاء الأمريكي وتتهمه بالتعذيب. وتستهدف الدعاوى القضائية أرصدته
العقارية في الولايات المتحدة كتعويضات للضحايا الذين يزعمون أنهم كانوا هدفا
للتعذيب.
وكان حفتر حليفا للقذافي في الثمانينات من
القرن الماضي قبل أن ينشق عليه ويحظى بدعم سي أي إيه التي مولت ودربت الجيش الوطني
الليبي من دولة تشاد. وبعدما نقلته الحكومة الأمريكية إلى فيرجينيا عام 1991، ظل
يدير الجيش الوطني من هناك حسب الأوراق الموجودة في خدمات البحث التابعة للكونغرس
والتي توضح الدعم الأمريكي.
وخلال فترة إقامته في الولايات المتحدة حتى
2011 اشترى هو وعائلته 17 عقارا بقيمة 8 ملايين دولار وفي ولاية فيرجينيا وحدها،
حسب سجل العقارات العام ووثائق المحكمة ووثائق متابعة أرصدته التي وفرتها شركات
استشارة للصحيفة. وتدار معظم العقارات من خلال سلسلة من الشركات ويشرف عليها ابنه
عقبة حفتر. وسجل عقار مساحته 5.600 قدم مربع في غريت فولز، فرجينيا وتقدر قيمته
بخمسة ملايين دولار. ويملك حفتر نفسه شقة فاخرة في حي فولز تشيرتش بفرجينيا ومزرعة
من ثلاث غرف في ريف فيرجينيا حسبما يشير السجل العقاري.
وفي تموز/يوليو اشترى ابن حفتر مزرعة خيول
بقيمة 700.000 دولار في بويس، فرجينيا حسب بلاغ الشراء في الصحيفة المحلية
"وينشستر ستار". ويملك حفتر وابنه حصانا عربيا أصيلا اشترك في منافسات
دولية بفرنسا والإمارات العربية المتحدة في 2018 و2019، وذلك حسب قاعدة البيانات
العامة لملكية الخيول. وسجل الحصان باسم "صدام خليفة بلقاسم عمر" على أسماء أولاد حفتر صدام وبلقاسم وهو من الأرصدة التي يستهدفها المحامون في دعاويهم
القضائية.
وغير نجلا حفتر الاسم الأخير للعائلة إلى عمر
في سجل الحكومة الليبية من أجل إخفاء أرصدتهما، وذلك بحسب محمد علي عبد الله
المستشار البارز لشؤون الولايات المتحدة في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا
في طرابلس، وبالإضافة لبيان من وزارة الداخلية. وأشارت الصحيفة إلى أن قضيتين
قدمتا لمحاكم فدرالية في فيرجينيا وأخرى في واشنطن وتتهم حفتر بارتكاب جرائم حرب،
تشتمل على قصف بيوت المدنيين وضرب وإعدام السجناء.
وقدمت القضايا ثلاث مجموعات من المدنيين الذين
يريدون تحقيق العدالة من الجرائم المزعومة ضدهم في ليبيا. وتستند القضايا على كون
حفتر يحمل الجنسية الأمريكية وأقام لمدة طويلة في فيرجينيا ويملك عقارات فيها من
أجل تأكيد أن هناك اختصاصا للمحاكم الأمريكية للنظر في قضايا جرائم حرب في ليبيا.
وذكر أبناء حفتر في واحدة من القضايا لكن القاضي رفضها. وقدمت واحدة من الدعاوى إلى محكمة المنطقة الشرقية في فيرجينيا وتتهم القائد العسكري بأنه رفض السماح
بإجلاء المدنيين من مدينة بنغازي خلال الحصار 2016- 2017 وقصف المناطق المدينة،
مما أدى لمقتل الأطفال.
وفي قضية أخرى اتهمت سيدة ليبية اسمها منى
السويد قوات حفتر، بقصف بيت عائلتها في بنغازي في الأيام الأولى من هجوم حفتر ضد في
2014. واختطفت قواته والدها عبد السلام وشقيقها إبراهيم أثناء المعركة. وكانا في
طريقهما للبيت من أجل إنقاذ العائلة. واتصلت السويد مع والدها وشقيقها بعد
الإختطاف مما يعني أن قوات حفتر ألقت القبض عليهما أحياء.
ونقل
الرجلان إلى مدرسة قريبة حيث ضربا وعذبا. وعثر عليهما وأثار التعذيب على جسديهما
كما ورد في الدعوى القضائية. ووصف قتلهما بأنه "خارج القانون عندما كان في يد
الجيش الوطني الليبي". ولم ترد سويد على أسئلة الصحيفة التي تقدمت بها
لمحاميها. وفي جلسة استماع في أيلول/سبتمبر بفرجينيا قال القاضي إن القضية تستأهل
الإستمرار.
وناقش فريق الدفاع عن حفتر بأن الزعيم العسكري
"يتمتع بحصانة رئيس دولة"، رغم هجومه على الحكومة المعترف بها دوليا.
ورفض القاضي الإعتراف بزعم الحصانة، ومنح وزارة الخارجية شهرين للنظر في الأمر.
وقال فيصل جل أحد المحامين في قضية منفصلة ضد حفتر في فيرجينيا: "نعتقد أننا
سنفوز وسيصدر قرار عادل نسبيا".
ورفض المحامون الذين يمثلون حفتر وابنيه في
الولايات المتحدة التعليق على الدعاوى القضائية أو أرصدة القائد العسكري. وتقول
الصحيفة إن مصادر تمويل حفتر لم تكن واضحة. وعلى مدى السنين حصل على دعم من ممولين
ليبيين وحتى من نظام القذافي. وحاول حفتر
تنظيم المعارضة الليبية وحصل على تمويل من ممولين ليبيين حسب علي أبو زقزق، النائب
البرلماني حاليا والصديق لحفتر عندما كان في فيرجينيا. وأكد عدد من الذين كانوا مع
حفتر في تشاد وتم نقلهم منها على يد القوات الأمريكية ما قاله أبو زقزق. ورفضت سي
أي إيه التعليق على علاقاتها السابقة مع حفتر.
وبحسب عبد الله الرفادي، زعيم جماعة معارضة من
جبهة الإنقاذ الوطنية، فقد حاول نظام القذافي في عام 2000 التصالح مع حفتر واشترى
له بيتا في القاهرة وخصص له 250.000 دولار في السنة. وبعد عودته إلى ليبيا عام
2011 في أعقاب الإنتفاضة التي أطاحت بالقذافي، مول حفتر قواته من موارد الدولة في
المناطق التي سيطر عليها. وكما كشفت الصحيفة فقد مولت السعودية حملاته وتبرعت
الإمارات له بمعدات عسكرية.
ونقلت موسكو عملات نقدية طبعت في روسيا، حسب
تقرير للأمم المتحدة. ونفت الحكومة الروسية أنها تدعم حفتر مباشرة مؤكدة أن الوجود
الروسي في ليبيا هو على شكل شركات تعهدات أمنية خاصة. ولم تعترف لا السعودية أو
الإمارات بدورهما هناك. وحسب لجنة في الأمم المتحدة تراقب العقوبات فقد قامت
كتيبة بقيادة نجله صدام بسرقة بنك ليبي وأخذت منه ما يقرب عن 481 مليون دولار
أمريكي عام 2017. وحاول حفتر بيع النفط بطريقة غير شرعية، لكن الصحيفة لم
تكن قادرة على التأكد من نجاح محاولاته.