هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خالفت الليرة التركية توقعات الاقتصاديين، وصعدت بقوة مع بداية تعاملات أولى جلسات الأسبوع، بعد رحلة هبوط قياسي فقدت خلالها العملة التركية أكثر من 30 في المئة مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري.
وكان خبراء اقتصاد توقعوا مواصلة الليرة هبوطها القياسي على خلفية إقالة محافظ البنك المركزي مراد أويصال من منصبه، فجر السبت، والاستقالة المفاجئة لوزير الخزانة والمالية التركي، براءات البيرق، مساء الأحد.
وأغلقت الليرة تعاملات نهاية الأسبوع على انخفاض عند مستوى 8.5253 ليرة للدولار الواحد، لكنها غيرت الاتجاه الهبوطي وقفزت خلال تعاملات الاثنين أكثر من 4 بالمئة إلى ما دون 8 ليرات للدولار، بدفع من تصريحات رئيس البنك المركزي الجديد ناجي آغبال.
وأكد المحافظ الجديد عزمه على مواصلة استخدام جميع أدوات السياسة النقدية تماشيا مع الهدف الرئيسي لاستقرار الأسعار.
وقال آغبال في بيان، الاثنين، وفقا لوكالة الأناضول التركية: "إن الأهداف الرئيسية للبنك المركزي هي ضمان والحفاظ على استقرار الأسعار، وتماشيا مع الهدف الرئيسي سنستخدم جميع أدوات السياسة بشكل حاسم".
وأضاف أنه سيتم تعزيز الاتصال في السياسة النقدية في إطار مبادئ الشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ.
ومساء الاثنين، أعلنت الرئاسة التركية، موافقة الرئيس رجب طيب أردوغان على طلب استقالة وزير المالية من منصبه.
اقرأ أيضا: أردوغان يقبل استقالة وزير الخزانة والمالية براءات البيرق
والبيرق هو سياسي ورجل أعمال تركي، ونائب بالبرلمان منذ حزيران/يونيو 2015، وكان وزير الطاقة والموارد الطبيعية منذ تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015 حتى تموز/يوليو 2018 حينما عُين وزير الخزانة والمالية. وهو صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
— T.C. İletişim Başkanlığı (@iletisim) November 9, 2020
والتساؤلات التي تطرح نفسها: ما سر صعود الليرة التركية؟ وهل تستمر في الصعود خلال الفترة المقبلة؟
الخبير التركي في الاستثمار الدولي، عبد الله أداك، قال إن سوق الصرف في تركيا تلقف تصريحات محافظ البنك المركزي الجديد كإشارة للاتجاه نحو رفع أسعار الفائدة كأداة فنية في يد السلطات النقدية لدعم الليرة مقابل الدولار.
وقال أداك في حديث خاص لـ"عربي21"، إن رفع أسعار الفائدة يعني جذب المزيد من النقد الأجنبي للقطاع المصرفي التركي، ووقف عملية الدولرة (تحويل المدخرات بالليرة إلى دولار)، وسحب السيولة النقدية من السوق إلى القطاع المصرفي، لتخفيف الضغط على الليرة، والحد من ارتفاع معدلات التضخم.
وأضاف: "كما أن تلميح محافظ البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة، بالتزامن مع استقالة وزير المالية الذي لا يفضل سياسة رفع أسعار الفائدة حتى وإن انخفضت قيمة الليرة، دفعت العديد من المستثمرين إلى تحويل ودائعهم بالدولار إلى الليرة تحسبا لقرار مرتقب برفع أسعار الفائدة".
اقرأ أيضا: هل تغير استقالة وزير المالية "المفاجئة" وضع تركيا الاقتصادي؟
ولفت أداك إلى أن سياسة وزير المالية المستقيل لم تكن خاطئة، لكن انعكاسها الإيجابي على السوق يحتاج إلى وقت (ربما عام أو عام ونصف)، وهو ما اعتبره مخاطرة كبيرة في ظل الضغوط الخارجية الكبيرة التي تتعرض لها الحكومة التركية لإجبارها على الانطواء تحت عباءة صندوق النقد الدولي.
وفي آخر تصريحاته التي أدلى بها وزير المالية التركي، السبت، أمام نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم يوم السبت، أكد البيرق أن الحكومة ليست قلقة على انخفاض سعر الليرة، وليست مهتمة بارتفاع قيمة الدولار قائلا: "سنجعله ينخفض إذا أردنا ذلك"، وفقا لوسائل إعلام تركية.
وتوقع البيرق في تصريحاته أن يستقر التقلب في أسعار الصرف داخل السوق التركي في غضون شهرين، مؤكدا: "هدفنا هو خفض الواردات وزيادة الإنتاج، وإذا زاد سعر الفائدة، سينخفض الإنتاج، وسينخفض التوظيف".
وأضاف أداك: "هذه السياسة تعتمد بالأساس على الاستفادة من انخفاض قيمة الليرة لدعم الصادرات وتقليل فاتورة الواردات عن طريق زيادة الإنتاج الوطني، وما يترتب عليه توفير المزيد من فرص العمل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي".
وتابع: "في المقابل، سياسة الاعتماد على زيادة الإنتاج الوطني ودعم فرص العمل، أجبرت السلطات التركية على استنزاف جزء كبير من الاحتياطي النقدي لدعم الليرة والقطاعات الإنتاجية في آن واحد، وهو ما دفع الحكومة إلى عدم القدرة على الاستمرار في تطبيق هذه السياسة، خاصة في ظل تداعيات تفشي فيروس كورونا القاسية".
اقرأ أيضا: لماذا أقال أردوغان محافظ البنك المركزي.. وما تداعيات ذلك؟
وأوضح الخبير في الاستثمار الدولي، أن الغرب يحاول الضغط على الحكومة التركية لإجبارها على رفع أسعار الفائدة مقابل السماح بضخ مليارات الدولارات في السوق التركي، والانطواء تحت عباءة صندوق النقد الدولي.
وأردف: "لكن الحكومة التركية لا تريد الخضوع لصندوق النقد الدولي، لأنها تدرك تماما أن الانطواء تحت عباءة الصندوق سيفقدها الاستقلالية في إدارة الملف الاقتصادي، وسيجبرها على تطبيق شروط قاسية ضد مصلحة الشعب".
وحول توقعه لسعر صرف الليرة مقابل الدولار خلال الفترة المقبلة، قال أداك، إنه لا أحد يستطيع أن يتوقع المستقبل، وأن الأمر سيتوقف على نتائج لجنة السياسة النقدية المقرر انعقاده يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
ورجح أداك أن تستمر الضبابية في سوق الصرف التركي فترة ليست بالقصيرة، قائلا: "استقالة وزير المالية تعني التخلي عن سياسة التمسك بعدم رفع سعر الفائدة، لكن سيبقى السؤال: هل رفع سعر الفائدة سيضمن جذب الاستثمارات الأجنبية للسوق التركي في الوقت الحالي أم لا؟".