هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم تجد الحملة السعودية الإماراتية لمقاطعة البضائع التركية، حتى الآن، صدى في مصر، رغم مرور أسبوعين على انطلاقها، ورغم الخلافات الحادة بين القاهرة وأنقرة منذ عام 2013، ما يطرح تساؤلات عن أسباب ذلك، وما إذا كان أكبر بلد عربي قد يلحق بركب الرياض وأبو ظبي.
وشهدت السعودية مطلع الشهر الجاري، انطلاق حملة غير رسمية، لمقاطعة المنتجات التركية بدعوى الإساءة إلى قياداتها ومواطنيها، وانضمت لها الإمارات سريعا، رغم ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الأخيرة وتركيا ليتجاوز الـ13 مليار دولار خلال العام الماضي.
وفي حديث لـ"عربي21"، قلل الخبير الاقتصادي المصري، عبد النبي عبد المطلب من تأثير تلك الحملة الشعبية لأسباب عديدة، "من بينها أنها حملة غير رسمية، أي أنها ليست مثل حملة المقاطعة التي شاركت فيها مصر مع السعودية والإمارات والبحرين لمقاطعة قطر".
ولفت عبد المطلب في حديثه لـ"عربي21" إلى أنه "لم تحدث في مصر دعوات للمقاطعة حتى يستجيب لها الشارع من عدمه، لكن هناك أصحاب المصالح كالتجار والمستثمرين ورجال الصناعة والمال الذين لم يظهر منهم ما ينم عن رغبتهم في مقاطعة المنتجات التركية، ومن هنا لا توجد مبررات قوية سواء لدى الحكومة أو المواطنين للانجرار وراء مقاطعة تركيا".
وأضاف: "المصريون لديهم من الوعي ما يكفي، فبعض دعوات مقاطعة المنتجات التركية في بعض الدول تقابلها دعوات لقبول منتجات (الكيان المحتل) إسرائيل، ومن هنا فإن من المستحيل أن نجد أحدا هنا يدعو لمثل هذا الأمر".
وتابع: "قد تنجح كفة إسرائيل على تركيا في بعض دول المقاطعة ولكنها في مصر ستكون لصالح تركيا لا ضدها رغم حجم الخلاف السياسي".
وبدوره، لم يستبعد الخبير الاقتصادي، يوسف أوغلو، أن تتأثر مصر بدعوات المقاطعة، قائلا: "حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا كبير ولم يخفت طوال السنوات الماضية، ولكن أتوقع أن تمارس السعودية والإمارات بعض الضغوط في هذا الشأن، ولكن وإن حدث فلن يضر تركيا كثيرا".
وفي حديث لـ"عربي21" أوضح أوغلو أن "مصر هي المتضرر الأكبر في حال قررت الاستجابة، ولو بشكل غير رسمي، للمقاطعة؛ لأن التجارة البينية بين البلدين كبيرة، وتنعش صادرات مصر، وتشكل لها رقما مهما في قيمة الصادرات الإجمالية، فضلا عن وجود استثمارات تركية بنحو 12 مليار دولار".
تبادل تجاري كبير
وشهد التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعا مستمرا في الأعوام الأخيرة، حتى باتت مصر ثالث أكبر دولة عربية تستورد من تركيا بعد العراق والإمارات، بحجم واردات بلغ 3.3 مليار دولار عام 2019.
وترتبط مصر مع تركيا باتفاقية تجارة حرة موقعة عام 2005، دخلت حيز التنفيذ عام 2007 ومنذ ذلك الحين وحجم التبادل التجاري، ومستوى الاستثمارات المتبادلة، في زيادة مستمرة.
اقرأ أيضا: استياء سعودي من "المبالغة" بحملة مقاطعة المنتجات التركية
وقفزت الصادرات المصرية إلى تركيا إلى نحو 1.9 مليار دولار في عام 2019، وتعد تركيا من بين أهم خمس دول للصادرات المصرية المتنوعة، ما يعني تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين حاجز الـ5 مليارات دولار، وهو رقم مؤثر في سوق البلدين.
وحتى مع تراجع الصادرات المصرية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، بسبب الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا، فقد حافظت تركيا على ترتيبها كثالث أكبر سوق للمنتجات المصرية.
وبلغت قيمة الصادرات المصرية إلى تركيا 923.801 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري، مقابل 1.084 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2019، لتستحوذ على 5.8 بالمئة من إجمالي قيمة الصادرات المصرية، وفق الجهاز المصري للتعبئة والإحصاء.
وفي المقابل، فقد بلغت الواردات المصرية من تركيا مليارا و202 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري، مقابل مليار و572 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق الجهاز المصري للتعبئة والإحصاء.
ويتسق هذا الانخفاض مع تراجع واردات مصر الكلية بنحو 22 بالمئة من جميع دول العالم، نتيجة تداعيات جائحة فيروس كورونا، ولكن حافظت تركيا على ترتيبها ضمن أكبر خمس دول مصدرة لمصر.
وتستورد مصر من تركيا الحديد والصلب والفولاذ، والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها، والمراجل والآلات والأجهزة الآلية، والسيارات والجرارات والدراجات وأجزاءها، والأدوات المنزلية والكهربائية، فضلا عن الملابس والمنسوجات.
فيما تصدر مصر إلى تركيا منتجات عديدة، أهمها الأسمدة والمشتقات البترولية، والغاز الطبيعي في صورة سائلة، وبعض أنواع الأقمشة والخيوط، ورمال السيليس، والكيماويات، وغيرها وفق موقع هيئة تنمية الصادرات التابع لوزارة التجارة المصرية.