تواجه أوروبا موجة ثانية محتملة لانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19). ويعزو كثير من المسؤولين ذلك لتصرفات غير مسؤولة لشباب ومراهقين.
ويتناسى أولئك المسؤولون أن السياسات المتبعة أوروبيا منذ عقود خلت ساهمت بوصول المراهقين والشباب الأوروبيين إلى ما هم عليه من تصرفات غير مسؤولة؛ بدعوى الاستقلالية والحرية المطلقة والمسؤولية المطلقة عن تصرفاتهم، والإلغاء المطلق لدور ذويهم إلا إذا كان الأمر منوطا بتوقيع كفالات مالية مرتبطة بدراستهم.
أعرف من دخل ابنهم ذو الـ19 عاما السجن ولَم يستطيعوا أخذ أي معلومة من محاميته إلا بعد ثلاثة أيام، حتى تمكنت من أخذ موافقة ولدهم السجين على تقديم معلومات لوالديه القلقين جدا عليه.
وأذكر مرة كيف ذهبت للمركز الصحي لاستلام تقرير طبي نيابة عن ابنتي ذات الـ18 عاما وبطلب منها؛ وكيف رفض المركز تقديم تلك الأوراق لي حفاظا على خصوصيتها!
والقصص حول ذلك كثيرة، حيث لا يبقى للأهل أي دور يذكر مع أبنائهم، ويمكن للأبناء والبنات مغادرة المنزل لو أرادوا والحصول على إعانة من الدولة للسكن وحدهم لو شاءوا.
أعلى مستوى إصابات كان بين ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، وسط مخاوف من أن زيادة الإصابات بين الشباب لها عواقب خطيرة، حيث ينقلون الفيروس لفئات عمرية مختلفة
وعليه غدت - وفق الدراسات الموثقة - الحانات والبارات البؤرة الأولى والأكثر خطورة لنشر الوباء. وقد ركزت دراسة بريطانية حديثة صادرة عن كلية لندن، الضوء على 120 ألف عينة مأخوذة من أشخاص فى
بريطانيا - إنجلترا تحديدا - خلال شهر أيار/ مايو الماضى، لتكشف النتائج عن أن أعلى مستوى إصابات كان بين ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، وسط مخاوف من أن زيادة الإصابات بين
الشباب لها عواقب خطيرة، حيث ينقلون الفيروس لفئات عمرية مختلفة وخصوصا كبار السن، لكثرة اختلاطهم بشرائح مختلفة وبشكل شبه يومي..
والوضع مشابه لما يحدث فى النمسا والدنمارك وسلوفاكيا وإسبانيا ولاتفيا وإستونيا، وهذا ما أثبتته تقارير رصدت الإصابات التى أكدت أيضا أن بلجيكا أكثر دولة أوروبية قريبة من الموجة الثانية للفيروس.
وحتى ألمانيا، الأكثر أمانا في العالم بمجابهة الفيروس، ليست محصنة، مع إعلان عمليات الإغلاق المحلية في الأسابيع الأخيرة.
وهناك أسباب كثيرة لذلك، كما أن هناك علامات على أن الشباب ينشرون المرض في مناطق معينة كما جاء في تقرير للبي بي سي.
ومن المؤكد أن الشباب أقل عرضة للإصابة بالمرض الشديد، مما قد يجعلهم أكثر استرخاء بشأن الحاجة إلى التباعد الاجتماعي.
وإن أصيب الشاب في الفيروس فالأعراض المرتبطة بالمرض أقل عنده من غيره، ولذلك يبقى يتحرك ويتعامل مع المحيطين به، ما يزيد من احتمالية انتشار
العدوى.
والشباب الأوروبي بدوره - حسب منصات التواصل الاجتماعي - يتهم السلطات بإلقاء اللائمة عليه وهي التي شجعته من قبل، مع انقضاء الموجة الأولى من الوباء، للخروج.
ويذكر أن الحكومة البريطانية قدمت خصومات وصلت إلى خمسين في المئة لتشجيع الناس على العودة للمطاعم، وحثتهم على الخروج في عطلات، وقالت لهم (قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقا) إن إسبانيا محطة آمنة للسفر وقضاء الإجازة.
وعليه يبدو التخبط في التعامل مع الوباء سمة بارزة في مختلف الدول، كبيرها وصغيرها وقويها وضعيفها، ولكن ما هُو الحل إثر ذلك وقد أثبت الإغلاق التام عدم جدواه في مختلف دول العالم؟!
يبدو التخبط في التعامل مع الوباء سمة بارزة في مختلف الدول، كبيرها وصغيرها وقويها وضعيفها، ولكن ما هُو الحل إثر ذلك وقد أثبت الإغلاق التام عدم جدواه في مختلف دول العالم؟!
يجيب على هذا السؤال البروفيسور كيث نيل، خبير الأمراض المعدية من جامعة نوتنجهام البريطانية، في رده على الإعلام المحلي حيث قال إن ارتفاع معدلات الإصابة سيصبح أسلوب حياة، لكنها ليست "موجة" ثانية. ويقول إن البلدان في جميع أنحاء أوروبا "تتعلم التعايش" مع الفيروس من خلال اتخاذ الاحتياطات، مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.
وعليه فإننا نحتاج للتعايش مع فكرة الكمامات والوقاية الصحية والنظافة الشخصية - وهذه أمور طبيعية ولكن لا يلتزم بها كثيرون للأسف - إضافة لحماية المجتمع من الأماكن الأكثر احتمالية لنشر الوباء، من حانات وبارات في الدول الأوروبية ومقاهي شيشة ونرجيلة في الدول العربية والغربية كذلك.