هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافي خافيير هرنانديز، قال فيه إن السلطات الصينية أعلنت ما يشبه حالة الحرب بسبب كورونا في إقليم تشنغيانغ " تركستان الشرقية"، حيث بدأ الأمر بلافتات أعلن فيها المسؤولون الصينيون "حالة الحرب"، ثم ذهبت السلطات من بيت إلى بيت وأغلقت المساكن وحذرت السكان من الخروج.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الحكومة الصينية قامت في الأسابيع الأخيرة بفرض إغلاق شامل على إقليم تشنغيانغ في غرب الصين حيث تحتجز ملايين السكان في بيوتهم كجزء مما وصفته بأنه جهد لمكافحة عودة جديدة لفيروس كورونا.
ولكن ومع ما يبدو أنها سيطرة على التفشي في تشنغيانغ والقيود التي لا تزال قائمة بعد أكثر من شهر من بداية التفشي هناك، ينتقد كثير من السكان الإغلاق ويتهمون الحكومة بالتصرف بقسوة شديدة.
وقالت ديزي لو، بائعة فواكه تبلغ من العمر 26 عاما وتعيش في شمال إقليم تشنغيانغ في مقابلة معها: "ليس هناك حالات هنا.. والقيود صارمة جدا".
وقالت لو، التي خسرت ما لا يقل عن 1400 دولار من المبيعات بسبب الإغلاق، إنها استخدمت منصات التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع للاحتجاج ضد القيود، قائلة بأنها تشعر أنه تم التخلي عنها. وقالت: "لا جدوى من أن تحمل رأيا.. فالناس لا يجرؤون على الكلام".
ويشكل الغضب المتزايد تحديا للحزب الشيوعي الحاكم. وحيث تمت السيطرة على الفيروس في معظم أنحاء البلد وبدأت الحياة بالعودة نسبيا إلى طبيعتها في كثير من المدن، يحاول الحزب عكس حالة من الانسجام والترويج لمقاربته في مكافحة الفيروس على أنها تشكل نموذجا للعالم.
وأدى الإغلاق، الذي أثر بحسب الإعلانات الحكومية على ما لا يقل عن 4 ملايين شخصا، إلى إحياء المخاوف بشأن الاعتداءات على حقوق الإنسان في الإقليم ذي الغالبية المسلمة.
وأمضت الحكومة الصينية سنوات في استكمال نظام مراقبة وسيطرة جماعية في إقليم شنغيانغ وفرضت قوانين اجتماعية صارمة على سكان المنطقة وأكثريتهم من الأقليات المسلمة، والذين يشكلون نصف عدد السكان البالغ 25 مليون شخص.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي نشر سكان تشنغيانغ فيديوهات تظهر سكانا مقيدين إلى أعمدة حديدية، بحجة أنهم انتهكوا قواعد الحجر.
اقرأ أيضا : الصين.. معسكرات للإيغور تحبس مسلمين وتكبلهم بحجة كورونا
بعض السكان قالوا إن السلطات أكرهتهم على شرب دواء صيني تقليدي، بالرغم من الشك في فعاليته ضد الفيروس.
وفيديو آخر انتشر على نطاق واسع يظهر سكان أورومكي، عاصمة سنجان التابعة للإقليم وعدد سكانها 3.5 ملايين نسمة، يصرخون من بيوتهم في حالة من اليأس.
وعلق أحد المستخدمين على موقع Weibo وهو موقع تواصل اجتماعي مشهور: "هل هذا سجن أم قفص؟ .. هل هذه وقاية أم قمع؟".
ولم يوفر المسؤولون الصينيون معلومات مفصلة حول القيود، ولا حدودها ولا المنطق خلفها. وتأثرت على الأقل ثلاث مدن بحسب الإعلانات الرسمية ولكن يتوقع أن الإغلاق أوسع.
وفي الأسابيع الأخيرة أشار سكان 9 مناطق على الأقل يصل عدد سكانها إلى 10 ملايين نسمة بأنهم واقعون تحت الإغلاق بحسب مراجعة للمنشورات على موقع Weibo ومواقع أخرى. ولم يرد المسؤولون في سنجان على طلب للتعليق يوم الثلاثاء.
ومع تزايد الغضب على الإغلاق في الأيام الأخيرة ومع انضمام سكان مناطق أخرى من الصين في انتقاد الحكومة، تحركت السلطات بسرعة للحد من المعارضة وقامت بمراقبة المنشور على مواقع التواصل حول سنجان.
وحاول المسؤولون المحليون تصوير أنفسهم على أنهم متجاوبون وشفافون. وفي إيماءة غير عادية يوم الاثنين، نشرت وسائل الأخبار الحكومية أرقام الهواتف المحمولة للمسؤولين الحكوميين ومسؤولي الحزب في أورومكي، ويشجعون السكان المحتاجين على الاتصال بهم وقالت إنهم جاهزون "لحل أي مطالب صعبة للمجموعات الاثنية بشكل فعال".
وقال أحد المسؤولين، ليو هيجيانغ، زعيم منطقة في أورومكي، في مقابلة بأنه لا توجد حالات في منطقته وأن السكان سعداء باستجابة الحكومة، وقال "أرضنا نقية.. الناس العاديون فرحون جدا".
وقال ليو إنه لا يعرف متى سيتم رفع الإغلاق، مضيفا: "سيعتمد ذلك على الخطة الشاملة وآراء الخبراء".
وقالت السلطات في أورومكي يوم الاثنين بأنهم سيخففون من القيود في بعض المناطق، وسيسمحون للسكان بأن يغادروا مساكنهم ويتمشوا داخل المجمعات السكنية بحسب التقارير الإخبارية الصينية. ولم يقل المسؤولون متى سيتم رفع الإغلاق تماما.
وبدأت القيود في سنجان في أواسط تموز/ يوليو عندما أصيب العشرات في أورومكي بفيروس كورونا فقام المسؤولون بإرسال آلاف أفراد الشرطة لفرض الإغلاق في أورومكي وغيرها من المدن بما فيها كاشغر وأعلنوا "حالة حرب".
وقام الخبراء الصحيون أخيرا بتشخيص 800 حالة إصابة بفيروس كورونا، وفي الأسابيع الأخيرة مع تكثيف الحكومة للإغلاق وتوسيع الفحص، تراجعت حالات العدوى المحلية.
ولم يكن مثل تلك الحالات لمدة تسعة أيام بحسب المسؤولين. وألمح الخبراء في الأراضي الصينية الرئيسية بأن الإغلاق سوف يرفع عندما لا يكون هناك حالات عدوى محلية لمدة 14 يوما، فترة الحضانة القياسية.
وقال شانغ يوكسين، خبير ومشارك في الفريق الحكومي الذي يعمل على مكافحة التفشي في سنجان لصحيفة غلوبال تايمز التي يديرها الحزب الشيوعي: "إن لم يتم العثور على مرضى جدد في هذه الفترة يمكن لأورومكي أن تعلن الانتصار على هذه الموجة من الوباء".
ويقول الخبراء الطبيون بأن مقاربة الحكومة الصينية في سنجان ستثبت في الغالب فعاليتها ولكنها تعني مقايضات بين الاقتصاد ورفاهية السكان.
وقال سيدهارث سريدهار، الأستاذ المساعد في علم الأحياء المجهري في جامعة هونغ كونغ إن الإجراءات في سنجان متسقة مع استراتيجية الحكومة الصينية بمنع التفشي "بأي ثمن".
وعندما تفشى الفيروس في مدينة ووهان في وقت سابق من العام قامت الحكومة بفرض إغلاق شبيه استمر 76 يوما.
وقال: "إن هناك توجها لتطبيق اجراءات متطرفة لاحتواء التفشي في وقت مبكر وتخفيفها ببطء.. ومثل هذا الإغلاق المطول لا شك أنه يتضمن ألما".
ويخشى بعض ناشطي حقوق الإنسان أن الحكومة تكرر بعض أخطاء إغلاق ووهان عندما علق الناس في بيوتهم ولم يستطيعوا الحصول على الرعاية الصحية.
وقال سكان سنجان على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا إن المرضى الذين يعانون من حالات صحية حرجة لم يستطيعوا الحصول على العلاج.
وبدا مؤخرا أن القيادة الصينية تفضل النهج المستهدف في التعامل مع الحالات المركزة في مناطق بالإضافة للقيام بفحوصات مكثفة.
وبعد تفش في سوق في بيجين في حزيران/ يونيو قامت السلطات بإغلاق عشرات التجمعات السكنية ولكن أبقت معظم المناطق والمتاجر والمطاعم مفتوحة.
وقالت ياقيو وانغ، الباحثة المختصة بالصين في هيومان رايتس ووتش بأن بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للسيطرة على التفشي في سنجان "ليست ضرورية وتطفلية وغير إنسانية ولا تقوم على الأدلة العلمية".
وقالت: "بالنسبة للسلطات الصينية أصبح احتواء تفشي فيروس كورونا مهمة سياسية كبيرة.. ولتحقيقها يمكن التضحية بحقوق الإنسان والكرامة وحتى الصحة".
ومثل الكثير من مناطق الصين فإن سنجان كافحت لإعادة تشغيل اقتصادها بعد الجائحة وسط ضعف في الطلب العالمي على الصادرات وفقدان كبير للوظائف.
وأضافت الضوابط الحديثة للأزمة بين المزارعين الذين يقولون إن المحاصيل فسدت والدخل تدهور. كما أن القيود جاءت وسط ما يعتبر موسم سياحة حافلا في سنجان المعروفة ببحيراتها وصحرائها ومدن الواحات فيها.
واستخدم المزارعون الإعلام الاجتماعي للتعبير عن إحباطهم. في أحد الفيديوهات التي انتشرت تقف بائعة فواكه في حقل وتقوم بتكسير ثمار البطيخ. وتقول: "ثمار البطيخ في سفح جبل هويان نضجت ولكنها ليست سعيدة ومع أن الحصاد وفير إلا أنه لا سبيل للسعادة". ولكن اختفى الفيديو منذ ذلك الحين.
ويخشى العديد من الناشطين بأن الحكومة قد تحاول استخدام الجائحة لتوسيع قمعها للأويغور،
الذين يشكلون غالبية سكان سنجان المسلمة.
ويرزح حوالي مليون من الأويغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في معسكرات اعتقال في سنجان في السنوات الأخيرة وهو ما جلب شجبا عالميا للسلطات الصينية.
وبحسب الناشطين الأويغور في الخارج فإن السلطات في سنجان عاقبت عددا من المواطنين الأويغور في الأسابيع الأخيرة بسبب تعليقهم على الإغلاق على الأنترنت.
وقال دكسالت ركسيت، المتحدث باسم المؤتمر العالمي للأويغور، وهي مجموعة في ميونخ تدعم حق تقرير المصير لإقليم سنجان: "ليس أمام الأويغور أي خيار غير تحمل التمييز ضدهم وسوف يعاقبون بشدة إن هم عبروا عن غضبهم.. وخلال الوباء، شددت الصين من تكتيكات الوقاية والسيطرة ضد الأويغور، خشية أن يقود عدم الرضا إلى المواجهات".