هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال خبير تركي؛ إن تطبيع الإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي، بالنسبة لأبو ظبي، يستهدف بالدرجة الأولى تعزيز الحشد المضاد لأنقرة في المنطقة، مشيرا إلى أن الأخيرة قد تتحرك مع طهران لمواجهة الأخطار المحتملة، المترتبة على الاتفاق.
وفي مقابلة أجراها معه "عربي21"، لفت نائب مدير مركز الشؤون الدبلوماسية والدراسات السياسية (DIPAM)، أحمد إشجان، إلى مؤشرات لتنسيق محتمل، وصفه بـ"العملياتي"، بين البلدين، قد يبدأ خلال أسابيع.
وأضاف "إشجان" أن المنطقة شهدت تحركا يعكس "إرادة وقوة" اجتماع تركيا وإيران مرتين، "الأولى في بدايات الأزمة الخليجية وحصار قطر، والثانية في مواجهة مشروع انفصال شمال العراق".
وتابع: "يمكن لهذه الصفقة (تطبيع الإمارات وإسرائيل) أن توقظ التنين مرة أخرى، تركيا بقوتها ومكانتها لدى شعوب المنطقة، وإيران عبر وكلائها الديناميكيين والتهديدات الإقليمية للخليج".
وأوضح "إشجان" أن المس بالقضية الفلسطينية يستفز "هيبة تركيا" أمام شعوب المنطقة، وهو ما يجعلها تتبنى موقفا صارما ضد المخططات الأمريكية.
كما أكد أن الجانب الإماراتي هو المعني بتوجيه تحالفه مع الاحتلال ضد تركيا، لكن تركيز "إسرائيل" على أمنها يدفعها إلى تجنب استهداف دولة قوية، وربما تكون الأقوى في المنطقة، رغم الجمود في العلاقات بين الجانبين، بحسبه.
سياق "إعادة انتخاب ترامب"
لكن "إشجان" أشار إلى سياق آخر مختلف تماما لصفقة التطبيع، يتعلق بالانتخابات الأمريكية وحاجة الرئيس دونالد ترامب وحلفائه، لأوراق تعزز فرصه بالفوز بفترة ثانية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، "خاصة أن التأثير اليهودي (الداعم للاحتلال) قوي في المنظومة السياسية بالولايات المتحدة ووسائل الإعلام الرئيسية".
وأعرب الخبير التركي عن توقعه، في هذا السياق، أن يتم تسريع خطة ضم الاحتلال لأراض فلسطينية، من قبل ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبيل الانتخابات، وأن يلتحق قادة عرب آخرون، خلال الفترة ذاتها، بركب ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في التطبيع.
وأكد "إشجان" أن الاتفاق "سيتم توسيعه" لأن الفاعل الرئيسي والأساسي فيها هو مستشار البيت الأبيض، جاريد كوشنر، أي ترامب والإدارة الأمريكية التي "توفر الشرعية الداخلية والأمن" لأنظمة خليجية، ليخلص إلى القول: "ومن هذا المنظور، فإن لهذه الصفقة معاني مختلفة من وجهة نظر الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة".
اقرأ أيضا: مؤرخ يهودي: اتفاق الإمارات يشكل محورا ضد تركيا وإيران
"توازن" أمريكي بين حلفاء "أعداء"
ولدى سؤاله عن الواقع في شرق المتوسط، وخطر احتشاد حلف كبير ضد تركيا، لا سيما بعد "تطبيع الإمارات"، قال إشجان إن أكبر داعم لبلاده في هذا الملف هو القانون الدولي الذي تلتزم به بشكل كامل، ما يحرم الأطراف الأخرى من استثمار ثغرات لمواجهة أنقرة بها أمام الشرعية الدولية.
ومن جانب آخر، بحسبه، فإن الولايات المتحدة توازن علاقاتها في المنطقة عبر دعم تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح بالقول: "هذه سياسة خارجية معتادة للولايات المتحدة. إن معضلة السياسة الأمريكية هذه مألوفة للمنطقة بأسرها، فمن ناحية تدعم صفقة الإمارات مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى، قد تستخدم ثقلها لصالح تركيا في المنطقة (شرق المتوسط)".
وتابع أن من الدواعي الرئيسية لوقوف الولايات المتحدة إلى جانب تركيا في المتوسط تحقيق التوازن مع روسيا، التي يتزايد نفوذها في المنطقة، ذات الأهمية الكبيرة كونها تشكل البوابة الجنوبية لأوروبا.
ولفت "إشجان" إلى أن نفوذ موسكو المتزايد في المتوسط والشرق الأوسط، "يخلق ضغطا على ترامب في موقعه السياسي الداخلي أيضا، نظرا لمعاناته بالفعل من إشكال بشأن علاقات مشبوهة مزعومة مع روسيا".
اقرأ أيضا: لقاء تركي-أمريكي وآخر إماراتي-يوناني حول المتوسط وليبيا
"تحييد" مصر
وفي السياق ذاته، قال "إشجان" إن "اليد القوية لتركيا في الميدان توفر لها مساحة واسعة للمناورة الدبلوماسية أيضا. مصر، التي تحظى بدعم كبير من الإمارات والسعودية، لديها اليوم مشكلة أكبر من شرق البحر المتوسط، هي أزمة النيل".
وتابع: "كانت اتصالات تركيا مع إثيوبيا في الأسابيع الأخيرة خطوة ضد مصر في هذا الصدد"، مشيرا إلى أن الأخيرة ستواجه خطرا اقتصاديا واستراتيجيا، في حال تعمقت أزمة النيل، أكبر من أن تتمكن من مواجهته بالاعتماد على الخليج.
وفي المقابل، أضاف "إشجان"، فإن "صفقة محتملة بين تركيا ومصر ستوفر فوائد كبيرة للبلدين في شرق المتوسط. إن مقاربة الحنكة السياسية الحقيقية تتطلب مثل هذه الخطوة التي يجب أن تتخذها القاهرة تجاه أنقرة".
وقال: "يمكن قراءة تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة بشأن مصر كضوء أخضر للعلاقات بين البلدين".
وتابع: "كما ذكر الرئيس أردوغان، فإن أجهزة المخابرات في البلدين على اتصال. سنرى على الأرجح كيف ستستجيب مصر لهذا الضوء الأخضر الذي يقضي على التهديدات لوجودها الاستراتيجي".