هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أشارت فيه إلى الكشف عن الدور الخفي لضابط المخابرات السرية البريطانية الذي قاد انقلاب 1953 فى إيران، والذى غير الشرق الأوسط للأبد، في معلومات تكشف لأول مرة منذ عرقلة قصة إخبارية لصحيفة "الأوبزيرفر" في عام 1985.
وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن التقرير كان يحمل عنوان "كيف تضافرت جهود المخابرات السرية البريطانية الـMI6، ووكالة المخابرات الأمريكية الـCIA، للتخطيط لانقلاب إيران"، في نسخة بتاريخ 26 أيار/ مايو 1985، ولكن سرعان ما تم إلغاؤها.
دور العميل نورمان داربيشاير
ولفتت الصحيفة، إلى أن التقرير كشف، أن عميل الـMI6 نورمان داربيشاير، قام بعملية سرية لإعادة شاه إيران إلى سدة الحكم عام 1953. إلا أنه بعد أيام فقط من صدور الصحيفة، اختفى أي نقاش حول الأدلة الجديدة حول العملية البريطانية وحول شخصية داربيشاير من أي حوار.
وذكرت أنت منتج الأفلام تقي أميراني، قبل إطلاق فيلمه الوثائقي (انقلاب 53) قال: "لا نزال لا ندري من سرب المعلومات لصحيفة أوبزيرفر أصلا ولماذا؟ وكل ما نعرفه هو أن أي سجل للمقابلة مع داربيشاير اختفى بسرعة، ولم يتابع القصة أي شخص آخر، وتفوح من ذلك رائحة تستر كامل حتى اليوم على تورط بريطانيا".
تشيرتشل عارض حكم مصدق
وأضافت أنه لطالما كانت خلفية انقلاب 1953 سببا للريبة والتخمينات، وكان رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشيرتشل عارض حكم أول زعيم منتخب ديمقراطيا للبلاد، محمد مصدق، إلى حد كبير لأنه يهدد المصالح البريطانية في صناعة النفط الإيرانية.
التعاون مع الاستخبارات الأمريكية
ولفتت إلى أنه بالعمل مع وكالة الاستخبارات المركزية، والتي كانت أيضا ترغب في عودة الشاه رضا بهلوي إلى العرش، أصبح واضحا الآن أن المخابرات السرية البريطانية فعلت أكثر من مجرد التحريض للإطاحة بمصدق.
وأشارت إلى أن "وثائق اكتشفت في أرشيف في واشنطن في حزيران/ يونيو، أظهرت أن اسم الملكة إليزابيث الثانية استخدم خطأ لإقناع الشاه بالبقاء بإيران قبل الانقلاب، ويظهر فيلم (انقلاب 53) بوضوح أن البريطانيين نسقوا للانتفاضة وذهبوا إلى حد الاختطاف والتعذيب ودفع الأموال للمتظاهرين للنزول إلى شوارع طهران".
فيلم انقلاب 53
وقالت الصحيفة، إن فيلم "انقلاب 53"، الذي يعرض في 19 آب/ أغسطس، بالتزامن مع الذكرى الـ67 للانقلاب، يأتي بعد تحقيقات المخرج الأنجلو-إيراني أميراني. ومن خلال العمل مع والتر مورش، المحرر المشهور للأفلام، استغل أميراني الأرشيف وقابل عددا من المطلعين على ما حدث.
وقال مورش: "لم نعرف شيئا عن لغز داربيشاير ولا الغموض الذي يحيط باللغز عندما بدأنا بعمل الفيلم. ولم يكن شيئا من هذا ظاهرا لنا على الشاشة. واكتشف تقي أشياء مع تقدمنا في العمل. ولم تكن الإثارة عنصرا من قالب الفيلم والذي كان يهدف منه الرجوع إلى مقابلات لم يتم عرضها. وكانت هذه أكبر كمية من المادة التي تعاملت معها – 532 ساعة – أكثر من ضعف ما تعاملت معه لفيلم Apocalypse Now".
"نهاية الإمبراطورية"
ولفتت الصحيفة، إلى أن نقطة التحول كانت عندما وجد أميراني أدلة مهمة في دراسة لم يتم استكمالها في سلسة وثائقية لتلفزيون غرانادا في أواسط ثمانينيات القرن الماضي بعنوان "نهاية الإمبراطورية"، وتضمن مخطط أحد الحلقات أصلا نص مقابلة مع داربيشاير الذي تحدث بصراحة.
وقال داربيشاير في المقابلة: "لقد كانت وظيفتي بسيطة.. اذهب إلى هناك ولا تخبر السفير، واستخدم المخابرات لأي تكاليف مالية تحتاجها لضمان الإطاحة بمصدق بأساليب قانونية أو شبه قانونية".
وأوضح ضابط المخابرات، أنه أنفق "كما كبيرا من المال، أكثر من مليون ونصف جنيه إسترليني.. وكنت أعطي الأوامر شخصيا وأدير انتفاضة الشارع".
وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يتم بث تلك المقابلة إطلاقا، وفي فيلم أميراني يقوم رالف فينيس بلعب دور داربيشاير مستخدما نص المقابلة الذي خضع للرقابة. وكان مقال الأوبزيرفر للمراسل نايجل هوكس عام 1985 قد نشر قبل أن تظهر حلقة إيران على القناة الرابعة البريطانية.
ولفتت إلى أنه عندما تم عرض الحلقة كانت قصة داربيشاير وشهادته غائبة. ولم يذكر مقال في الأوبزيرفر للناقد جوليان بارنيس حول البرنامج التلفزيوني بعد أسبوع من بثه شيئا عن هذا الجانب من القصة.
واستنتج أميراني ومورش والخبراء الأمنيون الذين استشاراهما أن الحكومة تدخلت بعد عرض خاص للحلقة، ومنعت منتجي الفيلم من استخدام مقابلة داربيشاير. ويتوقع أن الصحف مثل الأوبزيرفر التي كان يحررها في وقتها دونالد تريلفورد، أخبرت أيضا بألا تذهب أبعد من ذلك حول تلك القصة، باستخدام حكم يطلق علية "إخطار د" (D Notice).
وذكرت الصحيفة، أن داربيشاير عمل بشكل وثيق مع نظيره في وكالة الاستخبارات المركزية، ستيفن ميد، والذي حذف ذكره أيضا من وثائقي "نهاية الإمبراطورية". ويصف زميله البريطاني قائلا: "شخص كفؤ كان يتحدث الفارسية بطلاقة بالإضافة للفرنسية".
مقتل قائد الشرطة الإيرانية
ولفتت إلى أن أكثر الأدلة إثارة للصدمة بشأن "انقلاب 53"، كانت تورط البريطانيين في الاختطاف والقتل "غير المقصود" لقائد الشرطة الإيرانية محمود أفشرطوس.
وأوضحت أن هذه الحادثة أثارت بشكل متعمد الفوضى، التي أدت إلى اعتقال وسجن مصدق في آب/ أغسطس.
ونوهت إلى أنه في لقطات المقابلة المفقودة، يزعم داربيشاير أنه قام "بالقراءة السيكولوجية الصحيحة لشخصية الجمهور الإيراني"، ولكنه كان يعرف أنهم أيضا "كانوا يشعرون بأنه تم استغلالهم منذ عام 1920، وهم محقون".
وتوفي ديربيشاير عام 1993، وقالت الباحثة السابقة أليسون بوبر، التي عملت على وثائقي"نهاية الإمبراطورية"، وكذلك المخرج مارك أنديرسون، لأميراني بأنهما لا يذكران بشكل جيد مقابلة ضابط المخابرات، أو ما الذي حصل للتسجيل.
وأضافت الصحيفة، أن الشاه الذي كان يعيش في إيطاليا عاد إلى إيران، التي كان تحكم وقتها من الجنرال فضل الله زاهدي، الذي كان يحظى برضا كل من المخابرات السرية البريطانية، ووكالة الاستخبارات المركزية.
ولفتت إلى أنه في أمريكا عرف الانقلاب بعملية" إيجاكس"، وفي بريطانيا عرف بعملية "بوتس". وقام الشاه بحكم البلد حتى عام 1979.
وقال أميراني: "هذا الانقلاب لم يشكل فقط العلاقات الغربية مع إيران لمدة 60 عاما، ولكنه غير الشرق الأوسط (..) تخيل لو كانت هناك ديمقراطية (في إيران)".