هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت مجلة
"نيويوركر" الضوء في تقرير لها على ما وصفته بـ"مؤامرة سعودية
جديدة ضد ناقد لها مقيم في الولايات المتحدة".
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) اتصلوا في أيار/
مايو مع المسؤول السابق في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، علي صوفان، وقالوا
له إن تنظيم القاعدة يقوم بالتخطيط ضده. وطلب المسؤولون من صوفان، الذي لعب دورا
كمحقق في الأشهر قبل هجمات أيلول/سبتمبر، عدم الكشف عن المعلومات.
صوان أخبر فيلكينز: "كانت المعلومات مهمة
بدرجة، شعروا أن هناك حاجة لإخباري بها".
وبعد أسبوعين، أصبح صوفان الذي يعيش في
نيويورك هدفا لحملة خبيثة على منصات التواصل الاجتماعي. وتضخمت الحملة من خلال
المتصيدين والخادم الآلي، واحتوت على تهديدات مثل "سيد علي" "حضر
نفسك للموت، بداية النهاية". وأحضر صوفان المعلومات إلى مسؤولي (أف بي أي)
الذين قاموا بفتح تحقيق. ولكن خبراء الأمن الإلكتروني الذين استأجرهم صوفان تتبعوا
عددا منها إلى الحكومة السعودية.
ويبدو أن الحملة شارك فيها عدد من الذين
استهدفوا الصحفي جمال خاشقجي، الذي كان مقيما في فرجينيا قبل قتله في القنصلية
السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018.
ويقول الكاتب إن صوفان له أعداء، فقد كان خصما
قديما للقاعدة. وكمحقق في (أف بي أي) تتبع المتشددين الذين قاموا بتفجير سفارتي
الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998. وكذا الأشخاص الذين نفذوا تفجير
البارجة الأمريكية "كول" قرب الشواطئ اليمنية عام 2000. كما حقق في خلية
المهاجمين الذين نفذوا هجمات 9/ 11. ومنح لجهوده هذه جائزة التميز من (أف بي أي)
التي تمنح للمحققين المبرزين في المكتب.
وظهرت جهود صوفان في السلسلة الوثائقية-
الدرامية "البرج الذي يلوح بالأفق". ويقول المحلل السابق في (سي آي إيه)
والباحث في مركز بروكينغز "هو بطل قومي".
لكن صوفان لم يكن مرضيا عنه في السعودية، فبعد
مغادرته (أف بي أي) عام 2005 أنشأ "صوفان غروب" كشركة استشارات أمنية في
نيويورك. وقامت المجموعة بتدريب مسؤولي الأمن وقوات الأمن في قطر. وفي كانون
الثاني/ يناير، عندما نشر نائب الرئيس مايك بنس تغريدة، حمّل فيها إيران مسؤولية
هجمات 9/ 11 رد صوفان أن 15 من المنفذين كانوا من حملة الجنسية السعودية. ورغم
تحلل الحكومة السعودية من الهجمات، إلا أن لها تاريخا طويلا في التواطؤ مع
القاعدة، حسب تقرير المجلة. وقدمت عائلات ضحايا هجمات 9/ 11 دعاوى قضائية ضد
السعودية في المحاكم الأمريكية؛ بتهمة مساعدة المهاجمين.
تعرف صوفان على خاشقجي، الذي كتب سلسلة من
المقالات الناقدة للنظام السعودي. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2018، قتل خاشقجي،
وقطعت جثته في إسطنبول، ولم يعثر له على أثر، إلا أن المخابرات الأمريكية توصلت
إلى معرفة أن ولي العهد محمد بن سلمان مسؤول عن الجريمة بدرجة "متوسطة- عالية
من الثقة". وبعد مقتل خاشقجي، ساعد صوفان بعقد تأبين له في الكابيتال هيل،
حضره نواب وشيوخ في الكونغرس.
وعندما بدأت الحملة على منصات التواصل
الاجتماعي طلب صوفان من فريق الأمن الإلكتروني في شركته التحقيق، كما استأجر خبراء
من خارج شركته وطلب منهم النصح والاستشارة. وتوصل هؤلاء إلى أن تلك الجهود بدأها
حسين الغاوي، السعودي الذي قدم نفسه بالصحفي. وزعم من بين عدة أشياء أن صوفان، عذب
عندما كان محققا في (أف بي أي) أحد الأشخاص المشتبه بانتمائه للقاعدة واسمه علي
المري، وينكر صوفان هذا، فهو معروف برفضه أساليب التعذيب ضد مسؤول القاعدة أبو
زبيدة بعد اعتقاله عام 2002. وقدم لاحقا شهادة أمام الكونغرس تحدث فيها عن عدم
فعالية أساليب (سي آي إيه).
وفي تغريدة أخرى كتب الغاوي أن شركة صوفان
متحالفة مع قطر لتشويه السعودية وأنه حصل على الجنسية القطرية.
وعمل صوفان في قطر لكنه ينفي حصوله على
جنسيتها.
وقال الغاوي عن شركة صوفان "إن
هدفها" هو "إعفاء قطر من مسؤولية دعم الإرهاب".
وتم إعادة نشر هذه المزاعم في تغريدات عدة من
خلال بوتات وحسابات مزيفة. وقال أحدهم على "تويتر": "ستكون نهايته
في حفرة الزبالة بقطر إن شاء الله".
وقالت المجلة إنه كلما حفر فريق صوفان عميقا
في الحملة التي شنت على منصات التواصل كلما عثروا على تفاصيل تثير القلق. فقد كان
خاشقجي هدفا لحملة خبيثة على منصات التواصل الاجتماعي ساعد عليها الغاوي. وقبل
مقتل الصحفي السعودي نشر الغاوي نفس المنشورات والتغريدات عن خاشقجي، والتي أعيد
نشرها في بوتات وحسابات مزيفة.
وقال في واحدة منها: "لا يوجد أكبر من
الوطن، جمال".
وكما في حالة صوفان فإن نقدا خفيفا من
خاشقجي أدى إلى هجمات شرسة "حضر نفسك للموت"، كتب أحدهم في كانون
الأول/ديسمبر 2017.
وفي الشهر الماضي ظهرت حالة أخرى، عمر عبد
العزيز الشاب السعودي المقيم في كندا حيث أخبر صحيفة "الغارديان" أن
الشرطة الكندية حذرته من مؤامرة سعودية ضده. وكان عبد العزيز صديقا ومتعاونا مع
خاشقجي.
ويرى تقرير المجلة أن التهديدات ضد خاشقجي
وصوفان وعبد العزيز تحمل نفس الملامح واستخدمت فيها نفس التهديدات "حضر نفسك
للموت"، "بداية النهاية" و"نهايتك ستكون في حفرة
النفايات"، حيث ظهرت في كل التغريدات التي استهدف بها كل واحد منهم.
وتعبيرات كهذه شائعة على "تويتر" في
العالم العربي، ولم يكن خاشقجي وعبد العزيز وصوفان وحدهم الذين جرى استهدافهم من
الذباب الإلكتروني. ولكن صوفان شعر بالقلق من أنه صار هدفا، وقال: "قتل جمال
على يد عملاء سعوديين والتهديدات ضد عمر أكدتها السلطات الكندية وربطت
مباشرة بالسعودية"، مضيفا أن التهديد ضده لا يستبعد ربطه بالسعودية.
وتساءلت المجلة عن شخصية الغاوي؟
فالحساب على "تويتر" باسمه صحيح، فهو ليس خادم آلي (بوت) ولكن حسابه لا
يقبل رسائل مباشرة.
ويدير الغاوي برنامج على "تويتر"
اسمه "الجمرة" وينشر دعاية مؤيدة للسعودية.
ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على أسئلة
المجلة. لكن "تويتر" أعلنت في كانون الأول/ديسمبر 2019 عن حذف 5900 و20
ألف حساب اعتبرت جزءا من حملة مدعومة من الدولة في "تويتر" مصدرها
السعودية. وقالت الشركة إن معظم حسابات مبرمجة وخرقت "سياسات التلاعب
للمنصة". وكشفت السجلات أن خمسة منها تفاعلت مع حساب خاشقجي قبل مقتله.
وكشف فريق صوفان أيضا عن 37 حسابا أعادت
تغريدات أو مرتبطة بمنشورات ناقدة لخاشقجي وصوفان. ويقول زكاريشويتزكي الخبير الذي
استعان به صوفان للكشف على التغريدات: "هذه إشارات كلاسيكية عن حملة مدعومة
من الدولة".
وفي نفس الوقت الذي تم فيه الكشف عن مؤامرة
القاعدة حذره عملاء (سي آي إيه) بأنه قد يكون هدفا وهو في قطر.
وحملت التغريدات ضده نفس التهديدات. وقالت (سي
آي إيه) إن المؤامرة ضد جاءت بسبب عمله في (أف بي أي).
وقال صوفان: "استخدمت حملة التضليل
سرديات كاذبة وصور خطيرة عني مرتبطة بشكل مباشر بالتهديد". ويبدو الفيديو
الذي نشر في أيار/مايو على يوتيوب هو أكبر دليل على حملة التضليل. وتمت مشاهدة
الفيديو أكثر من مئة ألف مرة "محقق أمريكي- لبناني مسؤول عن تحقيقات
أيلول"، و"حاول كل جهده لشجب السعودية وتحميلها مسؤولية هذه الأحداث
يحمل الجنسية القطرية ويعمل في الدوحة".
ويظهر اسم علي الدغيش الذي تظهر صحفته على
لينكدإن أنه موظف في وزارة التعليم السعودية. وتعاون الدغيش في حملة
"تويتر" ضد الصحفية في الجزيرة التي انتقدت الحكومة السعودية لمقتل
خاشقجي. وعندما حمل الدغيش الفيلم على يوتيوب اقترح أن صوفان تعاون مع عائلات
ضحايا 9/11 في أمريكا. وقال "في كل مرة تخرج الجزيرة بمصدر يظهر وثائق مسربة
تثبت تورط المسؤولين السعوديين في أحداث 11 أيلول/سبتمبر". وشكر الدغيش
الغاوي على "الجمرة" لأنها قامت بالكشف عن العلاقة.
ويقول صوفان إنه لا يساعد في الدعاوى القضائية
التي يعتبر المحامي جيمس كريندلر الممثل الرئيسي. وقال الكاتب إن الفيديو مهم من
جهة أخرى لأن حمد المزروعي، المستشار لمحمد بن زايد قام بنشره مرة أخرى. وقام
المزروعي بنشر عدد من التغريدات الناقدة لخاشقجي قبل وفاته بأشهر منها تغريدة:
" الله لا يفرج عنه، عنزة تستحق الذبح".
تقول المجلة إنه ربما لم تكن أدلة صوفان قوية
لكن السعودية ورغم الشجب العالمي واصلت حملاتها لمعاقبة المعارضين. ففي أيار/مايو
كتب صحفي "واشنطن بوست" ديفيد إغناطيوس عن سجن السلطات السعودية ولدي
سعد الجبري، المسؤول الأمني السابق المقيم في تورنتو. وعلى خلاف الجبري، فصوفان
مواطن أمريكي ويحمل ميدالية تكريم. وأن تقوم السعودية باستهدافه مباشرة فسيكون
عدوان غير مسبوق، وما يخشاه، هو محاولة اغتياله في قطر، هذا إذا أخذنا تاريخ
القاعدة بعين الاعتبار. وهي عملية قتل سيتم تتبعها من خلال حملة على منصات التواصل
"فليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها دول إلى متشددين إرهابيين للقيام
بعمل قذر".