هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الخبرات التركية وإيمان مقاتلي الوفاق بقضيتهم حسم المعركة
أردوغان أخذ قرار التدخل بليبيا في موسكو عندما رفض حفتر التوقيع على الاتفاق هناك
هزيمة حفتر سببها عنصر المفاجأة من جانب الوفاق بالتحرك غربا
مصر لن تتدخل بشكل مباشر في ليبيا ولكن ستحافظ على تواجدها
توقف القتال الآن سببه محاولات الوصول لتسوية سياسية
حفتر دمية وسيكون كبش الفداء ويمكن أن تستبدل به شخصية أخرى
ترامب سيلعب دورا بليبيا لاستعادة التواجد الأمريكي بالمنطقة
الأزمة الليبية ربما تقود إلى أزمات عديدة ما لم يتم احتواؤها
قال العميد السابق بالجيش المصري، عادل الشريف، إن الدعم التركي لحكومة
الوفاق أحدث انقلابا في الموازين في ليبيا، حيث استعادت قوات الوفاق العديد من
المناطق من أيدي قوات حفتر، مؤكدا أن ذلك جاء عبر خطة عسكرية محكمة تميزت بعنصر
المفاجأة بالتحرك غربا وليس جنوب طرابلس، والسيطرة على مواقع عسكرية مهمة، ساعدت
كثيرا على تراجع قوات حفتر، والتمهيد لإنهاء حصار العاصمة طرابلس وتحرير باقي
المناطق.
وأضاف العميد الشريف، في حوار مع "عربي٢١"، أن أردوغان أخذ
قرار التدخل في ليبيا عندما رفض حفتر التوقيع على الاتفاق بموسكو وانسحب، وهو ما
دفع أردوغان للتدخل لصالح الوفاق؛ لإجبار جبهة حفتر على التعاطي مع ما يتم
طرحه لحل الأزمة، وهو ما حدث لاحقا عقب هزيمة حفتر حيث طرحت المبادرات من جانب داعميه، خاصة المبادرة المصرية التي طرحها السيسي من
القاهرة.
وحذر الشريف من عدم التوصل لحل يرضي كل الأطراف، خاصة حكومة الوفاق
الشرعية، وأن ذلك سيقود إلى صراعات متعددة، وتحول ليبيا إلى بؤرة ملتهبة بالمنطقة، لافتا
إلى عدم تدخل مصر بشكل مباشر تورطها عسكريا بليبيا، ولكن سوف تدعم بشكل أو بآخر
جبهة حفتر، ولم يستبعد التضحية بحفتر ككبش فداء، واستبدال شخصية أخرى به من أجل
الوصول إلى تسوية سياسية.
وتاليا نص الحوار:
- كيف ترى المشهد الليبي بعد التطورات الأخيرة؟
بالتأكيد حدث تغير كبير ربما يكون انقلابا كاملا في موقف الطرفين
المتصارعين، حيث باتت الغلبة لحكومة الوفاق بعدما كان هناك حصار للعاصمة طرابلس
لمدة عام، والآن الأوضاع على الأرض تغيرت كثيرا بعد الاتفاقية التي وقعتها حكومة
الوفاق مع تركيا والدعم التركي الذي غير الأوضاع بشكل كلي، وأجبر حفتر وقواته على التراجع
وفرض عليه أمرا واقعا، وعاد مرة أخرى إلى مناطقه بالشرق الليبي.
من وجهة نظر عسكرية.. كيف ترى الدعم التركي لحكومة الوفاق، وإلى أي مدى قلب الموازين؟
بالتأكيد، الدعم التركي قلب الموازين هناك، ولعل مغادرة
حفتر لموسكو أثناء التفاوض كان دافعا لإصرار أردوغان على التدخل المباشر لتأديب
هذه الأطراف المنحرفة سواء حفتر وابن زايد والسيسي وقبلهم موسكو، التي سهلت لحفتر
الخروج والتملص من استحقاقات التفاوض ومقرراته، ومن هنا كان القرار التركي
بهذا الدعم الذي قلب الطاولة على الجميع.
- وهل هذا يأتي في سياق تحرك تركي بالمنطقة لنصرة الشرعية والربيع العربي وحماية مصالح تركيا؟
هذا صحيح إلى حد كبير، فما جرى لليبيا كان فرصة لأردوغان للي
ذراع موسكو وباريس على أرض ليبيا، كما سبق له لي ذراع موسكو وواشنطن في إدلب، كما
كانت فرصة لإثبات قوة تركيا وحتمية التعامل معها كقوة إقليمية.
- برأيك كخبير عسكري لماذا كان التفوق التركي في ليبيا بهذا الشكل؟
يرجع هذا لعدة أسباب، منها امتلاك تركيا لأسلحة حديثة ومتطورة مثل
برنامج الطائرات المسيرة (بيرقدار)، ومجموعة من الأسلحة التركية المحضة التي
تم تجريبها في إدلب أولا ثم في ليبيا، الشيء الآخر خبرات تركيا في القتال في سوريا
ودعمها المعارضة هناك، وغيرها من الخبرات الأخرى للجيش التركي وعضوية الناتو التي
تجعله يتدرب على أحدث الأسلحة وأساليب القتال، فضلا عن إيمان مقاتلي الوفاق
بقضيتهم وأنهم أصحاب الأرض وليس كمرتزقة حفتر.
- هل كان هناك تأثير للمعارضة الداخلية التركية لهذا الدور في ليبيا؟
المعارضة بدأت مؤخرا تتهم الرئيس التركي بالتورط في الملف الليبي، بينما
ترد الصحافة الموالية لأردوغان بالمصالح الاقتصادية المتحققة لتركيا في غرب المتوسط،
ولذلك بدأ الجانب التركي يتفاعل مع الجانب الروسي لإحراز تهدئة طويلة المدى تسمح
لأعمال التفاوض أن تحرز نتائجا إيجابية وناجزة.
تراجع حفتر
- لماذا تراجعت قوات حفتر هكذا رغم أنها كانت في وضعية عسكرية جيدة؟
أحد أسباب التراجع كما أشرنا هو المتغير الذي حدث على أرض المعركة بالتدخل
التركي في القتال، لكن اعتقد أن الخطط العسكرية ووضع الاستراتيجية القتالية
الصحيحة من جانب جبهة الوفاق برؤية تركية، بالتأكيد هي التي حسمت المعركة، خاصة أن
كل الأنظار كانت متجهة نحو طرابلس، لكن تم مفاجأة قوات حفتر بهجوم علي الجبهة
الغربية والالتفاف على قوات حفتر من محور الغرب، وهوما أربك العدو وجعله يضطر
للانسحاب والتراجع.
- هل يعني هذا أن جبهة الوفاق وتركيا كانت هي الأقوى قياسا لحفتر وداعميها وهو ما حقق النصر؟
ليس بالضرورة من الأقوى، ولكن من الذي يستطيع أن يستفيد من قدراته
بشكل أفضل، لأن جبهة حفتر لم تكن ضعيفة ولكن أعتقد أنه حين استخدام القدرات وحسن
التخطيط وإيمان الجنود بقضيتهم في جبهة الوفاق، وربما تغاضي بعض أطراف داعمة لحفتر
عن تقدم الوفاق في محاولة للوصول لحل سياسي كلها كانت أسباب التفوق.
الموقف المصري
- ماذا عن الموقف المصري فيما يجري هناك؟
مصر ستهدد فقط ولكنها لن تتورط في حرب مباشرة مع الأتراك على الساحة
الليبية، وغالبا ستتخلى عن دعم حفتر كشخص لكنها ستقنع مع الإمارات بالشرق الليبي،
أي اقتسام النفوذ والحفاظ على وضعها داخل ليبيا باعتبار أن هذا التواجد مهم للحفاظ
على أمنها القومي.
- هل هناك ملفات ضاغطة على مصر تمنعها من التدخل المباشر في ليبيا؟
طبعا هناك أزمة كورونا ومشكلة سد النهضة، وغيرها من الضغوط
الأخرى التي تمنع القاهرة من التورط في حرب مباشرة بليبيا، ولكن سوف تحاول بكل الطرق أن يكون لها دور مؤثر بليبيا للحفاظ على مصالحها
وأمنها القومي، وليس بالضرورة من خلال حفتر، بل ستحاول التخلص منه كمشكلة وأزمة
مزمنة، واستبداله بآخر ربما يكون عقيلة صالح.
- كيف ترى المبادرة المصرية في هذا السياق؟
هي محاولة للخروج من المأزق الذي وضعت فيه جبهة حفتر بالكامل
ومن بينها مصر، وجاءت هذه المبادرة كنتيجة وضغط وفرض أمر واقع بعد تقدم الوفاق، فكانت
هذه المحاولة من جانب القاهرة لتحقيق أهدافها بالسياسة التي فشلت في تحقيقها
بالحرب، أو ربما على الأقل لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق.
التخلص من حفتر
- ما هي رؤيتك لحفتر والدور الذي يقوم به؟
حفتر يتصرف كجندي وليس حتى كضابط، فهو دمية يتحرك مثلما يقال له بالضبط
ووفق خطاب موضوع له سلفا، وقائده المباشر هو السيسي تحديداً، ولعل ظهور حفتر في
افتتاح قاعدة محمد نجيب بالمنطقة الغربية العسكرية المحاذية للحدود الشرقية
الليبية حين أخره للسيسي ليكون آخر الراكبين على مركبة الاستعراض يؤكد هذا بوضوح.
- وهل المبادرة المصرية كانت تحمل استغناء مبطنا عن حفتر؟
في آخر عرض للمبادرة المصرية التي نقلها السيسي لترامب أنه جاهز
للتخلي عن حفتر للوصول إلى حل وسط بين أطراف النزاع، ولعل السيسي يراهن هذه المرة
على شخصية مدنية مثل عقيلة صالح رئيس مجلس نواب طبرق، لكن المشكلة أن ثوار ليبيا
يمكن أن يشكلوا حجر عثرة أمام أي حل يطرحه السيسي، لأن القادم وفق خطة السيسي
سيكون تابعا ذليلا له طبقا لرؤية الوفاق.
- وهل سعت تركيا إلى استبعاد حفتر؟
أظن أن الأتراك قد نسقوا مسألة استبعاد حفتر، فهنالك جرائم حرب
كثيرة قام بها السيسي وبن زايد لا بدّ أن يتحملها حفتر ويمثل بها
أمام الجنائية الدولية ككبش فداء لهما.
- وما ذاعن الدور الأمريكي في الملف الليبي؟
أعتقد أنه بمجرد التقاط ترامب لأنفاسه فحتما سيحاول إحراز أوضاع جديدة
في الشرق الأوسط يصحح به الانطباعات الداخلية والخارجية عنه كيميني عنصري متطرف، وسيحاول
التوصل إلى حل سياسي بليبيا والعمل على استقرار الوضع هناك.
- كيف ترى مستقبل المسألة الليبية بشكل عام؟
المسألة الليبية ربما تتحول إلى بؤرة ملتهبة تقود لفتح ملفات عديدة
إن لم يتم احتوائها بترضية معتدلة لأطراف النزاع وخاصة جبهة الوفاق وهو ما تدركه
بعض الدول المتداخلة في الأزمة ولهذا ربما يتم العمل على تسوية سياسية.