هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر المحامي الإسرائيلي مايكل سفارد من أن ضم "إسرائيل" أراضي من الضفة الغربية المحتلة سيكون له تداعيات كارثية على المقيمين الفلسطينيين، وعلى ممتلكاتهم داخل المناطق التي سيتم ضمها.
وتوقع
سفارد، في حوار أجراه مع موقع "ميدل ايست آي" أن عدم تنفيذ
"إسرائيل" للضم في هذا التوقيت، يعني عدم طرح الموضوع من جديد لمئة عام أخرى.
وردا
على من يقول بأن الضم "واقع" على الأرض بطبيعة الحال، قال سفارد إن هذا
"خطأ شائع"، لأن الضم سيترك آثارا عميقة على الفلسطينيين.
وأشار
إلى أن الضم يعني "تأميم" معظم الأراضي في تلك المناطق، بحيث تعتبر مساحات
واسعة من الأراضي المملوكة لفلسطينيين يعيشون خارج تلك المناطق "أملاك غائبين"
(يحق لسلطات الاحتلال مصادرتها).
اقرأ أيضا: هكذا قرأت صحف الاحتلال قرارات عباس للرد على الضم بالضفة
وأفاد
بأن المستوطنين الذين يقطنون مستوطنات الضفة الغربية المحتلة "يشعرون داخل
مستوطناتهم كما لو كانوا داخل إسرائيل، والشيء الوحيد الذي يقيدهم فعليا هو التطوير،
أي حقيقة أنهم تحيط بهم كثير من الأراضي الزراعية التي يجدون صعوبة في وضع أيديهم عليها".
واعتبر
بأن خطة الضم ستفضي إلى جعل "إسرائيل" دولة فصل عنصري، ليس لدى النشطاء السياسيين
والحقوقيين فحسب، بل لدى عامة الناس.
ويقول:
"بينما كانت إسرائيل تدعي في الماضي عدم الرغبة في حكم الفلسطينيين وأن الوضع
الحالي وضع مؤقت، سوف يعني الضم إدامة حالة الهيمنة على الفلسطينيين وإدامة قهرهم،
وسيبدو ذلك تخليدا لما كان من قبل مؤقتا".
وتاليا نص الحوار كاملا:
بعد
مرور ما يقرب من ثلاثة وخمسين عاماً على احتلالها للضفة الغربية، باتت إسرائيل أقرب
من أي وقت مضى إلى ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية.
بموجب
المادة 39 من صفقة الائتلاف التي تم التوقيع عليها بين زعيم الليكود رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو وزعيم حزب أزرق وأبيض بيني غانتس، يجوز لرئيس الوزراء – بالتنسيق مع البيت
الأبيض – التقدم بمقترح تطبيق السيادة الإسرائيلية للنقاش داخل الحكومة وطلب موافقة
البرلمان عليه بدءاً من الأول من يوليو/تموز.
وبما
أن "تطبيق السيادة"، وهو المصطلح الجديد المرادف للضم، يتمتع داخل البرلمان،
أو الكنيست، بأغلبية واضحة، فإن إسرائيل نظريا لا تبعد سوى شهرين ونصف عن ضم أجزاء
من الضفة الغربية – وهو التحرك الأبرز، بلا منازع، منذ أن احتلتها في عام 1967.
من المتوقع
أن تضع الحكومة، التي تشكلت يوم الأحد، الضم على قائمة أولوياتها.
نقول
"نظرياً" لأنه مع مرور الزمن منذ التوقيع على اتفاقية الائتلاف، يتعاظم الضغط
الذي يمارس على إسرائيل.
فقط
يوم الجمعة، قال مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد
الأوروبي سوف يستخدم "جميع إمكاناته الدبلوماسية" لوقف الضم، بينما حذر عاهل
الأردن الملك عبدالله من "صراع كبير" فيما لو مضت إسرائيل في عملية الضم.
بل وحتى
إدارة دونالد ترامب بدت أقل حماسة إزاء تنفيذ عملية الضم من طرف واحد مما كانت عليه
قبل أسابيع فقط، حيث أعلن مورغان أورتاغوس، كبير المتحدثين باسم مايك بومبيو، بعد زيارة
وزير الخارجية إلى إسرائيل في الأسبوع الماضي، إنه ينبغي أن يكون الضم "جزءاً
من نقاشات تجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين."
وعلى
الرغم من أن اليسار الإسرائيلي تعرض لهزيمة شنيعة في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه ما زال
ثمة معارضة للضم من داخله. ومن أبرز الشخصيات ضمن هذه المعارضة المحامي الإسرائيلي
مايكل سفارد، الخبير في قانون حقوق الإنسان والمستشار القانوني لعدد من منظمات حقوق
الإنسان في إسرائيل ومؤلف كتاب بعنوان "الجدار والبوابة: إسرائيل وفلسطين والمعركة
القانونية من أجل حقوق الإنسان."
في مقابلة
أجريت معه الأسبوع الماضي، حذر سفارد من أن الضم ستكون له تداعيات كارثية على المقيمين
الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم داخل المناطق التي سيتم ضمها. ولكنه زعم في نفس الوقت أن
الضم إذا ما تم وقفه فلن يطرح من جديد لمائة عام أخرى.
ميدل
إيست آي: كثيراً ما يُزعم، حتى من قبل الفلسطينيين، بأن الضم جار على كل حال، ولذلك فإن الإعلان الرسمي عن الضم لن يحدث تغييراً كبيراً.
هذا خطأ شائع جدا، ويمثل إخفاقا في إدراك ما الذي يعنيه الضم بالنسبة لكل
فرد من الفلسطينيين وبالنسبة للمجتمعات الفلسطينية، ومدى عمق الأثر الذين سيتركه الضم
على حياتهم وعلى حقوقهم. سوف يعني ضم المناطق بكل تأكيد "تأميم" معظم الأراضي
فيها. وسوف تعتبر مساحات واسعة من الأراضي المملوكة لفلسطينيين يعيشون خارج تلك المناطق
أملاك غائبين.
ميدل
إيست آي: هل لك أن تشرح ذلك؟
كان يُقصد من قانون أملاك الغائبين لعام 1950 حيازة ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين
الذين غادروا أو فروا أو أبعدوا من الأرض التي أصبحت في عام 1948 إسرائيل. وقد نص ذلك
القانون على تعريف الغائب بأنه ذلك الشخص الذي يقيم في "منطقة العدو" أو
في "أي جزء من فلسطين الانتداب ليس دولة إسرائيل".
وفي
عام 1967، حينما طبقت إسرائيل قانونها على القدس الشرقية، غدا كثير من مواطني الضفة
الغربية ممن كانت لهم أملاك هناك غائبين من الناحية القانونية رغم أنهم لم يفعلوا شيئاً
حتى يتحولوا إلى غائبين، فهم لم يغادروا. إنه وضع صوري، ولكنه وضع قانوني.
ميدل
إيست آي: ما الذي يجعلك تعتقد بأنهم سوف يستخدمون هذا القانون الآن؟
لم يطبقوا (أي الحكومة الإسرائيلية) القانون داخل القدس الشرقية لسنين، ولكنهم
طبقوه خلال العشرين سنة الماضية. فقد أقنع لوبي المستوطنين المدعي العام بإجراء استثناء،
وقد أجازت هذه الاستثناءات وباركتها المحكمة العليا الإسرائيلية. ونحن نعرف من التجربة
أن كل استثناء يصبح حكماً، ولهذا فثمة خطر عظيم يحدق بالكثير من الأراضي التي سوف تصنف
على أنها أملاك غائبين.
والآلية
الأخرى التي سوف تلجأ إليها إسرائيل للاستيلاء على الأراضي هي مصادرتها من أجل النفع
العام. ففي كل بلد توجد قوانين استيلاء تسمح للحكومة بوضع يدها على الأرض من أجل إنشاء
الطرق، إلخ ...
ميدل
إيست آي: ولكن ذلك غير ممكن اليوم داخل الضفة الغربية؟
هو اليوم غير ممكن بسبب قوانين الاحتلال، وبموجب المبادئ التي حافظت عليها المحكمة
العليا الإسرائيلية ووزارة العدل على مدى السنين الماضية. ولهذا السبب استخدمت إسرائيل
كافة أنواع المناورات القانونية مثل الإعلان عن أراضي الدولة. ولكن بمجرد أن يتم ضم
الأراضي، يصبح الجمهور هو الجمهور الإسرائيلي وفي هذه الحالة بإمكانك وضع اليد على
الأراضي خدمة للجمهور. من الواضح أن ذلك هو الذي سيحدث، وذلك بالضبط هو السبب في رغبة
إسرائيل ضم تلك الأراضي.
ميدل
إيست آي: هذا هو السبب؟ أليست بادرة رمزية وسياسية؟
بالطبع هناك جانب يتعلق بالرمزية وبالعزة الوطنية، ولكن دون وضع اليد على تلك
الأراضي فلن يحقق الضم رغبات وأهواء من يلحون عليه. فالمستوطنون يشعرون داخل مستوطناتهم
كما لو كانوا داخل إسرائيل، والشيء الوحيد الذي يقيدهم فعلياً هو التطوير، أي حقيقة
أنهم تحيط بهم كثير من الأراضي الزراعية التي يجدون صعوبة في وضع أيديهم عليها.
ميدل
إيست آي: إذن، الحافز الأساسي هو انتزاع الأراضي؟
نعم، بالتأكيد، فانتزاع الأراضي من وجهة نظر من يطالبون بالضم هو السمة الأساسية
للضم. في النهاية، يتمحور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حول الأرض، فهو ليس صراعاً دينياً
ولا صراعاً ثقافياً، إنما هو صراع على الأرض. والضم دون انتزاع الأراضي لا يعتبر انتصاراً.
هذا
شيء. وثانيا، في ما يتعلق بالمجتمعات الفلسطينية التي تبقى أسيرة داخل تلك المناطق
المضمومة، فإن بعضهم، وربما الكثير منهم، سوف يواجهون خطر الإبعاد قسراً. فإسرائيل
تتحكم بسجل السكان الفلسطينيين وكانت تعتمد سياسة تحظر على الفلسطينيين تغيير عناوينهم
إلى مناطق معينة مثل جنوب جبل الخليل ووادي الأردن ومحيط القدس.
بمعنى
آخر، إن كثيرا من المجتمعات، على الأغلب تلك التي تتشكل من تجمعات صغيرة وضعيفة، من
يعيشون فيها لو دققت في بطاقات هوياتهم الصادرة عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، لوجدت
أنهم مسجلون في أماكن أخرى من الضفة الغربية. سوف يصبح هؤلاء بعد الضم أجانب يقيمون
بشكل غير شرعي داخل دولة إسرائيل وسوف يكونون مهددين بالطرد. طبعاً لن يحدث ذلك في
اليوم التالي مباشرة، ولكن ذلك سيكون مصيرهم على المدى البعيد.
ميدل
إيست آي: أنت واحد من الذين زعموا منذ وقت طويل أن ما تقوم به إسرائيل في الضفة الغربية يشبه الفصل العنصري (الأبارتايد). ألن يساعدك الضم على إقناع المجتمع الدولي بأن ذلك هو الحاصل فعلاً؟
لم تزل إسرائيل توجه إليها تهمة الضلوع في الفصل العنصري منذ سنوات عديدة، وقد
عبر عن ذلك كثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين الراديكاليين والهامشيين. سيكون من
نتائج الضم أن تصدر هذه التهمة عن عامة الناس. بينما كانت إسرائيل تدعي في الماضي أننا
لا نرغب في حكم الفلسطينيين وأن الوضع الحالي وضع مؤقت، سوف يعني الضم إدامة حالة الهيمنة
على الفلسطينيين وإدامة قهرهم، وسيبدو ذلك تخليداً لما كان من قبل مؤقتاً.
ميدل
إيست آي: إذن، ألن يساعد ذلك أشخاصا مثلك؟
من المؤكد أنه سيعزز الحجة. ولكنني لا أريد أن تكتسب حجتي قوة مقابل انتزاع
الأراضي وإبعاد الفلسطينيين. إن الناس الذين يظنون أن من شأن مثل ذلك الحدث أن يولد
معارضة أقوى للسياسات الإسرائيلية لا يدركون التداعيات المهولة للضم ولربما يبالغون
في تعليق الآمال على المعارضة الدولية. إسرائيل دولة قوية جداً، والمرة تلو الأخرى،
ارتكبت إسرائيل من الأفعال ما ظن بعض الناس أن المجتمع الدولي لم يكن ليسمح لها بها،
ولكنه غض الطرف عنها.
ميدل
إيست آي: وما الذي يمكن أن يمنع إسرائيل من تنفيذ الضم؟
هناك ثلاثة معسكرات في إسرائيل، كلها ستصوت لصالح الضم. أما أحدها، فهو المعسكر
الأيديولوجي، ومنتسبوه لا يوجد شيء يمكن أن يحملهم على تغيير رأيهم. وأما المعسكر الثاني
فيتشكل ممن يقومون بذلك لأسباب سياسية داخلية. بالنسبة لهؤلاء، فيما لو رجحت كفة التكاليف
على كفة المنافع، فقد يقاومون الضم. والتكاليف يمكن أن تكون أمنية أو اقتصادية، والأهم
من ذلك، قد تتمثل في الإضرار بوضع إسرائيل لدى المجتمع الدولي.
وأما
المعسكر الثالث فهو نتنياهو نفسه، فهو رجل واحد ومعسكر واحد، ومصالحه شيء مختلف تماماً.
لا أعتقد أنها في هذه اللحظة ذات طبيعة أيديولوجية، بل إن القضية الرئيسية بالنسبة
له تتعلق بنجاته وكيف يمكن أن يؤثر الضم في ذلك.
وهناك
شيء آخر. لعل هذه أهم خطوة سيادية تقدم عليها إسرائيل منذ إعلان الاستقلال، ومع ذلك
فهي إلى حد كبير ستتقرر ليس في القدس وإنما في واشنطن.
ميدل
إيست آي: الكثيرون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في الوسط وحتى في اليمين، يريدون وقف الضم لأنهم يريدون استمرار الوضع الراهن والمتمثل بالاحتلال. ألا تشعر بعدم الارتياح لكونك تقف معهم في نفس المعسكر؟
أخبرهم بذلك. ولكني أعتقد أنهم لا يفهمون أنه لا يوجد في الشرق الأوسط وضع راهن.
إذا ما توقف الضم فلن نعود إلى واقع ما قبل الضم. أعتقد بالفعل أن وقف الضم سيكون أهم
خطوة في اتجاه تحقيق حل عادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
الكثير
من قطع الأحجية تأخذ مواقعها، وهو الشيء الذي لم يكن يحلم اليمين الإسرائيلي بأنه يمكن
أن يحدث: رئيس في البيت الأبيض لا يدعم فقط الضم بل يدفعنا للقيام به، وأوروبا في غاية
الضعف، وأغلبية داخل البرلمان الإسرائيلي، ورأي عام إسرائيلي لم يفتأ على مر العقدين
السابقين ينزع بشكل مستمر نحو اليمين. ولدينا الفلسطينيون في حالة من الضعف لم يسبق
أن كانوا في مثلها.
كل النجوم
اتسقت من أجل ذلك. فإذا ما أمكن في مثل هذا الوضع المثالي منع الضم، فسوف يعني ذلك
أن حدود الحل الممكن للصراع الإسرائيلي الفلسطيني سيعاد رسمها من جديد. إذا لم نتمكن
اليوم من الضم، فالأغلب أن ذلك لن يحدث خلال المائة عام القادمة.
ولسوف
ينجم عن ذلك تشقق هائل داخل معسكر المطالبين بالضم، فقد انتظروا ألفي عام، وكأنما جاء
المخلص، ووقف بجوار بابنا، ولكنه لم يفتحه ومضى في طريقه.
ميدل
إيست آي: إذن، لست متفائلاً؟
لست متأكداً من أنني سوف أراهن على أنه لن يحدث. ولكني أعتقد أن ثمة احتمالاً
معقولا بأنه لن يحدث، وأن للمجتمع الدولي دوراً رئيسياً في منعه من الحدوث. ودورنا
نحن هو استنفار كل تلك القوى التي يمكن أن تحول دون حدوثه.