صحافة دولية

NYT: كورونا كشف حجم التمييز ضد الأجانب في الخليج

العمالة الوافدة السعودية  جيتي
العمالة الوافدة السعودية جيتي

قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن تفشي فيروس كورونا، كشف عن حجم الظلم وعدم المساواة، التي تتعرض لها العمالة الوافدة في دول الخليج.

وقالت الصحيفة في تقرير للصحفية "فيفيان يي" ترجمته "عربي21": إن كورونا، أجبر دول الخليج الثرية، على التعامل مع قوة العمل المهاجرة، بطريقة مختلفة، وهي التي يعتمد عليها في الكثير من الأعمال التي لا يريد مواطنوها القيام بها.


وأشارت إلى برنامج عرض على التلفزيون الكويتي، لمناقشة موضوع كشف عنه فيروس كورونا المستجد، وهو ما بات المواطنون يتساءلون عنه، وهو "هل على بلدهم الصغير والمملكة الغنية بالنفط، الإعتماد وبشكل كبير كما فعل في الماضي على العمالة الأجنبية، التي عانى أفرادها من أكبر إصابات من الفيروس ودفعوا الثمن للإغلاق العام؟".

وتساءل أحد المشاركين، ويدعى أحمد باقر قائلا: "اذهبوا لمراكز التسوق في الكويت، فهل تشاهد كويتيا يعمل هناك؟" ويجيب "لا إنهم من جنسيات مختلفة". وتعلق الصحفية، ساخرة إن باقر لم يكد يكمل كلامه حتى ظهر عامل من جنوب آسيا يحمل صينية شاي وقدمها للمشاركين.

ولفتت إلى العامل تكرر حضوره الذي لم يلتفت إليه أحد ثلاث مرات، إلا في حالة واحدة عندما طلب أحد المشاركين كأس شاي جديد. ففي مجتمعات الشرق الأوسط الثرية تعتمد آلة الحياة اليومية على العمالة الوافدة من آسيا وأفريقيا والدول العربية الفقيرة، وهناك ملايين العاملين في المقاهي وفي الخدمة المنزلية والمجال الطبي وعمال البناء وخدمات التوصيل والطهاة وجامعي النفايات والحراسة وصالونات التجميل والفنادق.

وقالت الصحيفة إنه "عادة ما يتجاوز عدد العمال الوافدين السكان الأصليين. وعادة ما يقوم هؤلاء بالوظائف التي لا يريد المواطنون القيام بها، إلا أن تراجع أسعار النفط وتحول معسكرات العمالة إلى بؤر لانتشار الفيروس، دفع المواطنين لمطالبة حكوماتهم لحمايتهم أولا، والتعامل مع الوضع القائم، بحالة الاعتماد على العمالة".

وأشارت إلى أن العداء ضد العمالة الأجنبية في تزايد مستمر، وأصبح الصوت عال، وكذا الحديث عن كيفية استبدال العمالة الأجنبية بعمالة من المواطنين، وإصلاح طرق جلب العمال من الخارج. وتقول إيمان أبو حسين، الزميلة في معهد دول الخليج العربية بواشنطن "هناك أمران تعتمد عليه دول الخليج كثيرا، النفط والعمالة الأجنبية، وتعرض هذان الأمران بشدة لفيروس كورونا.

وأضافت أن الفيروس فتح الباب، أمام مناقشة هذه الموضوعات التي كانت على الرف ولوقت طويل.

وبالنسبة للعمالة الأجنبية التي أرسلت عام 2017 تحويلات مالية لبلدانها وصلت إلى 124 مليار دولار، فتداعيات فيروس كورونا كانت واضحة بشكل قاتم، وأدت إلى خسارة عشرات الألاف منهم أعمالهم أثناء عملية الإغلاق التي فرضتها الحكومات ودفعتهم للحصول على حصص الطعام، تاركين عائلاتهم تكافح بدون تحويلاتهم. وهناك من أصيب منهم بالفيروس الذي انتشر داخل مجمعاتهم السكنية المزدحمة بالعمال.

وكما هو حال العمال في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية والهند وغيرها فإن بعضهم عاد إلى بيته خاوي الوفاض. وقال محمد، 39 عاما والذي يعمل سائق تاكسي في دبي "لم يعد هناك أحد ولا عمل". وتوقف محمد عن إرسال الأموال لعائلته في بنغلاديش "منذ 3 أعوام ولو استمر الوضع فسأعود". وعلى مستوى العالم يتوقع البنك الدولي انخفاض تحويلات العاملين الأجانب هذا العام بنسبة الخمس، من 714 مليار دولار إلى 572 مليار دولار.

ومع انخفاض موارد النفط وتراجع معدلات السياحة، باتت دول الخليج تعيد النظر في علاقتها مع العمالة الاجنبية. وتقول كارين يانغ المتخصصة بشؤون الخليج في معهد أمريكان إنتربرايز:"قبل ذلك كان هناك ما يكفي الجميع ولكن الدول تعتمد على نصف ما كان لديها قبل ثلاثة أشهر وتخفيض النفقات قادم".

 

إقرأ أيضا: سلطنة عمان تقرر "توطين" العمالة في الشركات الحكومية

وتابعت: "سيكون هناك نقاش جديد حول ما تقدمه الدولة للمواطنين وغير المواطنين، وحتى الدول الغنية بشكل باهر مثل قطر والإمارات واللتان تخدم فيهما جيوش من العمالة الأجنبية لخدمة المواطنين، وتقوم ببناء مشاريع البلد الكبرى، ستقومان على أكبر احتمال بتخفيض نسب العمالة مع تراجع التنمية والسياحة".

وقالت الصحيفة: "لو غادر المصرفيون والمستشارون، فسيتبعهم العمال الأجانب والمصممون الذين يعتمدون عليهم. ولا يمكن للدول التي تعتمد على النفط، ولديها سكان فقراء مثل السعودية والبحرين وعمان مواصلة توفير مستويات حياة جيدة".

ونقلت عن محللين قولهم: "إن خطط محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي لتنويع الإقتصاد السعودي وفتح المجال امام السياحة والحفلات الموسيقية البراقة، ستتراجع، وحذر وزير المالية الأسبوع الماضي من تخفيضات مؤلمة".

وقالت الصحيفة "في معظم دول الخليج فإن النفقات التي تخصصها الدول لمواطنيها لمواطنيها عالية من أجل المساعدة، خاصة أن ثلثيهم يعملون لصالح الحكومة، رغم محاولاتها لدفعهم من أجل الدخول إلى القطاع الخاص ومنح الشركات منافع كي تكون قادرة على استخدام العمالة المحلية وفرض ضرائب عالية على العمالة الأجنبية".

ولفتت إلى أن السعوديين باتوا يعملون في الفنادق، ويبيعون العطور بمراكز التسوق بالرياض، ويرحبون برواد المطاعم ويعملون في كسائقي سيارات، وربما ساعد فيروس كورونا على تسريع هذه التوجهات.

وقالت ياسمين فاروق من وقفية كارنيغي: "السعوديون لن يعملوا في الأعمال التي يعتقدون أنها أقل من مؤهلاتهم". وأشارت الصحيفة، إلى أنه ومهما كانت التداعيات التي سيتركها فيروس كورونا، على طريقة عمل هذه المجتمعات، فالعمال الذين يعيشون تحت رحمة الكفيل، ليس لديهم أي حماية، ويعملون ساعات طويلة وبأجور قليلة وتحت حر الشمس. ويمكن لأصحاب المصالح تأخير أو وقف الأجور بدون خوف من العقاب.

وقال مدافعون عن حقوق العمال: إن حالات فيروس كورونا يمكن التقليل منها لو تم تحسن ظروف الحياة في مدن الصفيح المزدحمة التي يعيش فيها العمال الأجانب، لو تم تحسين ظروفهم. وقالت هبة زيادين من منظمة "هيومان رايتس ووتش"، إن ما كشفت عنه الأزمة الحالية، "هو التمييز المنظم في دول الخليج، وما يمكن أن تصبح الأمور فيه رهيبة بشكل كامل".

وقالت الصحيفة إن الكويت التي تتمتع بهامش واسع من الحرية، مقارنة مع بقية دول الخليج الأخرى، انتشر النقاش على منصات التواصل الإجتماعي، حول كيفية تخفيض أعداد العمالة الأجنبية.

ودعا المعلقون الحكومة لإصلاح نظام "السمسرة" الذي يجلب عمالة أجنبية وخلق اقتصاد ظل. وقال المذيع التلفزيوني أحمد فاضل "هؤلاء الناس جائعون بعدما توقفت الحياة في الكويت، هل هذا ذنبهم؟ هذا ذنب من جلبهم". ولكن العداوة للأجانب في تصاعد حيث تم تحميلهم مسؤولية انتشار الفيروس، بحسب الصحيفة.

وتعرضت الممثلة الكويتية حياة الفهد، لانتقاد واسع عندما دعت إلى طرد كل العاملين الأجانب، الذين يشكلون ثلثي السكان ورميهم في الصحراء. وقالت "ماذا سيحدث لو رفضت عائلاتهم اخذهم، فهل علينا تحمل مسؤوليتهم؟". وقام بعض السعوديين بتوفير بعض المساعدات للعمال الأجانب.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه على الرغم من ذلك، لن تكون السعودية قادرة على توفير الرعاية الصحية للأجانب، فيما تدفع قطر رواتب الأجانب حتى في الشركات الخاصة التي لا تستطيع مواصلة دفعها لفترة طويلة.

وقالت الصحيفة إن الكثير من العمال يريدون العودة إلى بلادهم، لكن الأموال التي دفعوها للحصول على التأشيرات والغرامات التي فرضت عليهم، بسبب خروقات العمل تقف في طريق عودتهم. ولكن الكثيرين منهم مستعدون للعمل في أعمال البناء كما يقول فروليان ماليت الذي يهتم بالخليج في كامبريدج.

التعليقات (1)
جمال الجمال
الأحد، 10-05-2020 07:01 م
الكثير من العمالة وخاصة العمالةالعربية ترغب بالعودة وبشدة الى بلادهم ولكن اغلاق الحدود البرية والمطارات تمنعهم من ذلك، فالعمل في دول الخليج لم يعد مجدياً بالاضافة الى ما تتعرض له بعض العمالة من عدم دفع اجورهم .