صحافة دولية

إندبندنت: طرابلس لبنان تخاف الجوع أكثر من خطر كورونا

تعتبر طرابلس ثاني أكبر مدن لبنان واكثرها معاناة مع الفقر والبطالة وهي تمثل الثقل السني بالبلاد- جيتي
تعتبر طرابلس ثاني أكبر مدن لبنان واكثرها معاناة مع الفقر والبطالة وهي تمثل الثقل السني بالبلاد- جيتي

نشرت مجلة "إندبندنت" تقريرا، لمراسلتها بيل ترو، من داخل أفقر مدن لبنان، والتي يدفع فيها الجوع الناس لتحدي الإغلاق.

 

وتقول الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته"عربي21"، إن الجوع يلاحق عائلة انتصار المكونة من خمسة أفراد يعيشون في بيت بائس بمدينة طرابلس، وهو صغير لدرجة أن المطبخ المؤقت موجود في حمام محطم، وتقول الأم التي تربي أبناءها فيه لوحدها أنها تعيش على التبرعات.

 

وفي هذا الحي الفقير من طرابلس، ثاني أكبر مدينة في لبنان، يخشى سكانه الجوع اكثر من خشيتهم من الإصابة بفيروس كورونا.

  

وأدى انهيار الاقتصاد الذي زاده انتشار الوباء، إلى استشراء الجوع في الأحياء الفقيرة بالمدينة التي تقع في أقصى الشمال مع الحدود السورية.

 

وتقول الصحيفة إن الجوع والفقر والعوز دفع الكثير من سكان المدينة، الذين يعدون من الناحية الإحصائية من أفقر مناطق البلاد للخروج والإحتجاج.

 

وفي هذا الصدد، قامت الجموع الغاضبة برمي القنابل الحارقة على البنوك واشتبكوا مع قوات الأمن التي أدت إلى مقتل شاب بعمر 26 عاما.

 

ورغم الفقر الذي يطحن سكان الشمال، إلا أن ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة تدفع بقطاعات واسعة إلى خط الفقر، وتزيد من التوتر بدرجة بات فيها الكثيرون يخشون من اندلاع النزاع. 


ويشير التقرير إلى حي القبة، وهو أحد الأحياء المعدمة، والذي تتمايل فيه البنايات المتهالكة مثل النقاط على سفح جبل، تقول انتصار من هناك إن التبرعات التي يعتمد عليها الكثيرون تخف.

 

فالجمعيات نفسها أصبحت بدون مال، وتقول "يجب تسمية هذا الحي بحي البؤساء"، وخارج البيت كان المتطوعون يوزعون اللحم المطبوخ وهي أول مرة يحصل فيها سكان الحي على وجبة منذ عدة أسابيع.

 

وتقول انتصار "في العام الماضي كانت وجبات مثل هذه توزع بشكل منتظم، ومع ارتفاع الأسعار لم يعد هناك أحد قادر على العمل الخيري، حيث انهار الوضع، بل ويتم إطلاق النار على المتظاهرين ويزداد الفقر والأسعار دون أي أفق للمستقبل .

 

اقرأ أيضا : دياب يحذر من خطورة الأوضاع في لبنان.. ويعرض خطته المالية

 

وتبعد طرابلس عن الحدود السورية 30 كيلومترا، وكانت يوما ما مركزا اقتصاديا حيويا للبنان وميناء نشطا على البحر الأبيض المتوسط.

 

بل وازدهرت أثناء الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما، بسبب ازدهار تجارة التهريب إلى سوريا، لكن إهمال الحكومة الطويل لها والمواجهات بين السنة والعلويين التي خفت عام 2015 أدت إلى دخول المدينة في حالة من الفقر المدقع.

 

وفي حي القبة، والذي لا تزال البيوت تحمل فيه آثار الحرب الأهلية، وصلت نسبة البطالة إلى 60 بالمئة، قبل الأزمة الأخيرة.

 

فيما لا يعرف حجم الفقر في المدينة التي يعيش فيها حوالي 730.000 نسمة، لكن المستويات تظل الأعلى في البلاد.

 

ويقول سكان المدينة القدامى والصحافيون الذين غطوا الحرب الأهلية والنزاعات الأخرى، إنهم لم يشاهدوا المدينة في وضع يائس ومتوتر مثل ما هي عليه الآن.

 

وتقول عالية إبراهيم، الصحافية المولودة في المدينة ومشاركة في موقع "درج دوت كوم" إن "مستويات الفقر وصلت درجات لم تمر عليها من قبل"، مضيفة :"لو قلت للناس إنكم ستصابون بالفيروس أو ستعانون من الفقر فسيختارون قتال الفقر، وسينفجر الوضع".

 

وفي تجمع احتجاجي يوم الأحد، تسرب الغضب بين الجماهير في ساحة النور بطرابلس حيث تحدى المتظاهرون قوانين البقاء في البيوت والبكاء على فواز فؤاد السمان الذي قتل في 27 نيسان/إبريل.

 

ومشى المتظاهرون وهم يحملون صور الأب الشاب باتجاه بيته وهم يهتفون بسقوط النظام، في وقت راقبتهم قوات الأمن.

 

وقالت فاطمة، 24 عاما شقيقة فواز وهي ثورية إن الحكومة والبنوك أمضت العقود الماضية في سرقة الشعب ولهذا السبب تريد حركة الإحتجاج تغييرا شاملا، محذرة من نزاع عميق قادم.

 

وقالت "هذه هي أفقر مدينة في لبنان، ولم يكن أخي قادرا على توفير الخبز لابنته، وخرج للتظاهر وقتل" وأضافت "ما أخشاه أن مقتل أخي فتح صفحة جديدة في هذه الثورة التي قد تصبح عنيفة، ولم يعد لدى الناس ما يخسرونه".

 

وقال رامي هادي، 41 عاما الذي لا يعمل منذ 6 أعوام أن البلد تحكمه "الميليشيات والساسة الفاسدون، ولا أعرف إلى أين تمضي هذه الأمور لكننا وصلنا إلى حافة الجوع ويجب أن يسمع صوتنا".

 

ويقول التقرير إن الفقر متجذر منذ عقود من سوء الإدارة والفساد والمحسوبية ما قاد إلى انتفاضة في تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي.

 

وأدى وصول فيروس كورونا إلى تدهور الأوضاع الإقتصادية أكثر حيث توقفت الأعمال والحدود للحد من انتشاره.

 

ويعيش في البلد 6 ملايين نسمة من بينهم مئات الألاف من السوريين والفلسطينيين إلا أن الحالات التي سجلت فيه لم تتجاوز 740 حالة و24 وفاة.

 

ويعتقد الكثير من اللبنانيين أن الأزمة الاقتصادية قد تكون أسوأ من الوباء، ولهذا السبب تركز الغضب على البنوك وتم استهداف آلات الصرف الآلي بالقنابل الحارقة.

 

وفي الأثناء أصدر البنك المركزي الذي اتهمته الحكومة بتحفيز أزمة تضخم، عددا من التعليمات المتناقضة وهو يحاول التعامل مع نقص الاحتياطي من العملة الأجنبية.

 

وأدت الأوامر للسيطرة على رأس المال، ما أدى للحد من سقف المبالغ التي يسحبها المودعون أو التحويلات، ما زاد من ضائقة أصحاب البيوت.

 

ومع خسارة العملة نصف قيمتها، زادت الأسعار، وتضاعفت قيمة مواد أساسية مثل الأرز، ومعه ارتفعت معدلات البطالة.

 

التعليقات (0)