فنون منوعة

هل ترضخ مصر لضغوط إسرائيل بوقف مسلسل "النهاية"؟

يعتقد نقاد أن مصر لن توقف المسلسل
يعتقد نقاد أن مصر لن توقف المسلسل
رغم إشادات إسرائيلية سابقة ببعض ما قدمته الدراما المصرية الرمضانية عن اليهود في مصر؛ إلا أن أول رد فعل لها على دراما رمضان الجاري جاء غاضبا من أول تجربة درامية للخيال العلمي بمصر والوطن العربي.

واعترضت الخارجية الإسرائيلية على مسلسل "النهاية" المصري، الذي تحدث بأولى حلقاته عن زوال الكيان المحتل، والذي يقدم دور البطولة فيه الممثل ذائع الصيت يوسف الشريف، والمنتج تامر مرسي صاحب شركة "سينرجي"، إحدى أهم أذرع النظام المصري بالدراما والإعلام.

"لماذا تعترض؟"

ويتوقع "النهاية" مستقبل العالم بعد مئة سنة، ويعرض سيطرة التكنولوجيا على الأرض، وتعرضه قناة "ON" وتنتجه شركة سينرجي التي تتبعها عدة قنوات مصرية وتتبع جهات سيادية أيضا؛ وقدم أحد مشاهده أطفالا بالعام 2120، يتلقون درسا بالتاريخ عن "حرب تحرير القدس".

وبالمشهد الذي أغضب إسرائيل، قال المعلم: "بالنصف الأول من القرن الـ 21، تغير ميزان القوى، وبدأت أمريكا تضعف وتتفكك، وتغير الحال بالدول العربية لتصبح أقوى عسكريا واقتصاديا".

وأضاف: "ومع ضعف أمريكا، لم تستطيع دعم دولة الاحتلال الصهيونية، التي تخلصنا منها بحرب "تحرير القدس"، ودمرت فيها دولة إسرائيل الصهيونية، قبل مرور 100 سنة على إنشائها، وهرب اليهود، وعادوا لبلادهم الأصلية".

وأصدرت خارجية الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، بيانا أعربت فيه عن غضبها من محتوى الحلقة، واعتبرت توقع المسلسل نهاية إسرائيل بأنه "مؤسف وغير مقبول، بين دولتين أبرمتا اتفاقية سلام منذ 41 عاما".

ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن مسؤولين إسرائيليين استغرابهم سماح مصر بهذا الحوار بمسلسل تنتجه شركة شبه رسمية، رغم أن إسرائيل سمحت للجيش المصري، بعهد السيسي، بالاقتراب بمعداته الثقيلة وقواته من الحدود، خلافا لنصوص معاهدة السلام، على حد قولهم.

"رد المؤلف"

وجاء رد مؤلف "النهاية"، عمرو سمير عاطف، على البيان الإسرائيلي، عبر مداخلة بفضائية "اكسترا نيوز" الإخبارية المحلية، مساء الأحد، قائلا إنهم يقدمون عملا ترفيهيا، ويحمل معاني واحتمالات مطروحة، ومؤكدا أنه لا يهتم برد الفعل الإسرائيلي.

وفي إشارة منه إلى أن العمل أجازته الدولة، قال إن "طارق مرسي، -مقرب من جهات سيادية- منتج مخضرم، ويعرف كيف يختار أعماله"، فيما قال عاطف، لوكالة "أسوشيتدبرس"، إن "نهاية إسرائيل مستقبلا متوقعة لرفضها السلام العادل مع العرب".

"بين الحذف والإشادة"

تلك الواقعة تذكر بطلب إسرائيل حذف 147 مشهدا من مسلسل "فارس بلا جواد"، الذي كانت تدور أحداثه بحقبة الاحتلال الإنجليزي لمصر، ويتناول "برتوكولات حكماء صهيون"، عام 2002، واستجابت مصر بعهد حسني مبارك لطلبها بحذف 40 مشهدا، وفق تصريحات لبطل العمل الممثل محمد صبحي.

وفي الوقت الذي أغضبت فيه الدراما المصرية إسرائيل هذا العام؛ فإنها كانت قد أشادت مرارا بأعمال درامية وسينمائية وممثلين مصريين، خاصة مسلسل "حارة اليهود" إنتاج عام 2015.

وعلى الجانب الآخر، أشادت الخارجية الإسرائيلية، الاثنين، عبر صفحتها إسرائيل بالعربية بحديث مسلسل "أم هارون"، عن تاريخ اليهود بالكويت، والذي تذيعه فضائية "إم بي سي" السعودية.

وتذيع "إم بي سي"، أيضا، المسلسل الرمضاني "مخرج7"؛ الذي يروج فيه الممثلان ناصر القصبي، وراشد الشمراني، بشكل صريح للتطبيع مع إسرائيل، ويهاجمان الفلسطينيين.

"عقدة اللص"

من جهته، قال المخرج المصري علي أبوهميلة: "بداية، هناك قاعدة بأن الكيان الإسرائيلي لديه إحساس بأنه غير شرعي ومغتصب لأرض عربية ولذا فهو حساس تجاه أي مسألة متعلقة برفع الستار عن سرقته، تماما كعقدة الخيانة وأزمة (رابعة) التي يشعر بها السيسي، فيردد كلمات أنه شريف".

وأضاف لـ"عربي21" أن "مسألة اعتراض الكيان في مجال الفن قديمة، وأول تجربة هي فيلم (عنتر ولبلب)، عام 1952، لمحمود شكوكو وسراج منير، والقائم على فكرة أن الذكي يهزم القوي شكلا، وهنا اعترض الكيان الإسرائيلي على اسم (شمشون ولبلب)، واعتبروه إهانة لأحد رموزهم، فتم تغيير الاسم".

وأكد المدير العام بقطاع القنوات المتخصصة بالهيئة الوطنية للإعلام، أن "الاعتراضات الإسرائيلية استمرت، وطالت مسلسلي (دموع في عيون وقحة) عام 1980، و(رأفت الهجان) 1987، ثم (فارس بلا جواد) 2002، بحجة أنها أعمال تزود حالة الكراهية بظل سلام قائم بين إسرائيل ونظام مصر ".

ويعتقد أن "الاعتراض اليوم يأتي في سياقاته السابقة وليس جديدا عليهم، خاصة وأن العمل اليوم حول انهيار الكيان"، مشيرا إلى أن "الاعتراض الإسرائيلي على الأعمال الفنية المصرية محاولة منها لكسر أنف الفن والخيال وحتى لا يعبر أحد عن هذا الوضع غير الطبيعي".

وتوقع المخرج المصري، عدم استجابة مصر للطلب الإسرائيلي بوقف المسلسل، لافتا إلى أنه "ومنذ 2010 تفلتت مسلسلات من الرقابة والقبضة الحديدية المفروضة حول الأعمال الفنية من أجهزة المخابرات والدولة والشركات المنتجة، والتي يمثلها هنا تامر مرسي الذي تخضع أعمال شركته للمخابرات الحربية".

ويرى أن مسلسل "النهاية"، فلت لأنه "يتحدث عن المستقبل بعد 100 سنة، وبه جانب خيالي"، معتقدا بوقوع "صراع داخلي حوله بين أجهزة الدولة وخاصة أن بعضها قد يكون مؤمنا بقضية فلسطين وبتحرير القدس، وبين آخرين يقودهم من يدين بالولاء للكيان الصهيوني".

وأوضح أبوهميلة، أن المسلسل "له علاقة بقضايا نهاية العالم وبالخطط الماسونية الصهيونية العالمية التي تحدث عنها مؤخرا وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر، وأيضا الفكر الموجود عند المسلمين حول قائد آخر الزمان أو الفتى الذهبي وقائد جيوش الخير مقابل جيوش الشر".

وأكد أن "المسلسل يمس النظريتين وصراعهما المحتمل، حتى أن أجزاء منه مثل فكرة الصراع حول (الشريحة)، والشركات المهيمنة على الطاقة، والتعليم الموحد، تعبر عن أفكار موجودة بخطط الصهيونية وبعض النبوءات الصادرة من مسلمين حول أحداث نهاية الزمان والمعركة الكبرى وتحرر القدس وظهور المسيخ الدجال".

وختم بالقول: "يجب أن نشيد بالمسلسل؛ لأنه يحلم والحلم بداية تحقيق الواقع"، مؤكدا أنه "بكل الأحوال لا يغسل وجه النظام من العمالة للكيان".

 

اقرأ أيضا: إسرائيل تحتج على مسلسل "النهاية" المصري لهذا السبب

"إيحاء الحرية الخاطئ"

وحول ما قد يترتب على البيان الإسرائيلي من ضغط على الجانب المصري لوقف عرض المسلسل، قال الكاتب الصحفي أشرف الريس: "لا أعتقد أن يُثمر هذا الضغط إن وُجد عن إيقاف عرض المسلسل"، متوقعا أن "يستخدم بالخطأ للإيحاء بأن هناك حرية تعبير بمصر".

الكاتب المتخصص بالصحافة الفنية، أضاف لـ"عربي21": "ربما تكون تلك الكلمات وهذا المشهد رسالة من المؤلف؛ وهي بالتأكيد محمودة تأتى للتأكيد على هوى أغلب المشاهدين".

ويعتقد الريس، أيضا أنها "ليست محاولة من النظام لغسل وجهه من الاتهامات التي تطاله بالعمل لصالح الكيان، بعدما بات مكشوفا للجميع حيث لن يُجدى معه ذلك على الإطلاق".

ويرى أيضا أن صناع المسلسل والرقابة بمصر مرروا تلك الجمل رغم أن الجهات السيادية تسيطر عليهما؛ لكي تسمح بالإيهام الخاطئ بوجود حرية في التعبير لترد بها على بعض صحف الغرب بما فيهم إسرائيل بأن هناك كبت حريات وقمع وسجن وتشريد".

وأضاف: "وربما لتربح تلك الجهات من وراء ذلك أشياء سنعرفها وستتضح معالمها بوقت ما وليس الآن".

وحول ما إذا كان المسلسل برمته سيغضب إسرائيل، الحليف المهم للنظام العسكري الحاكم لمصر، قال الريس: "سيغضبها بعض الوقت؛ ولكن الرد سيكون بأن ذلك لا يعبر عن منظور الدولة بل نتاج الحرية".

وختم بالقول إن "الأيام ستكشف لنا الحقائق التي بالتأكيد لا نملك خيوطها كما ينبغي الآن".

التعليقات (0)