هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت "بي بي
سي" الضوء على حكاية ديك كافيت المحاور التلفزيوني الأمريكي، مشيرة إلى أن
رغبة الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون بـ"تدمير
كافيت" ساهمت في زيادة شهرته.
وتلفت كاتبة المقال كريستينا
نيولاند في بداية المقال إلى التسجيل الصوتي الذي ظهر لنيكسون عام 1971، وهو يناقش
كيفية تدمير المحاور التلفزيوني.
وتستعرض الكاتبة إعجابها بتقديم كافيت لبرنامج "ذا
ديك كافيت شو"، قائلة إنه "كان بمثابة كبسولة تحوي بداخلها ملخصا لما كانت
عليه الولايات المتحدة في سبعينيات القرن العشرين".
وبدأ كافيت مسيرته التليفزيونية عام 1968 على شاشة محطة "إيه بي
سي"، ثم انتقل إلى "سي بي إس" عام 1975، قبل أن يتنقل بين العديد من
الشبكات التلفزيونية الأخرى على مدار عقد الثمانينيات.
وتشير الكاتبة إلى أن كافيت تمتع بـ"دماثة الخلق والثقافة الواسعة. وكان يرحب
بضيوف ينتمون لشتى ألوان الطيف السياسي، رغم تبنيه توجهات ليبرالية بكل معنى الكلمة".
اقرأ أيضا: وزير أمريكي سابق يتحدث عن تأثير كورونا على النظام العالمي
ونجح كافيت، بحسب الكاتبة، في مجادلة ومحاججة ضيوف يُعرفون بأنهم شديدو
المراس أكثر من غيرهم، وذلك بأسلوب مزج فيه بين البراعة وسرعة الخاطر من جهة والبعد
عن الادعاء من جهة أخرى، دون أن يمنع ذلك على الإطلاق، من أن تبدو عليه في بعض الأوقات،
علامات الخجل كفتاة لا تزال في سن المراهقة.
وعن أسلوبه في المحاورة، تقول: "كان كافيت يُسهّل النقاش بين ضيوفه،
بظرف وروح دعابة وتواضع وعدم ادعاء في الوقت نفسه، حتى وهو يلعب دور المُضيف، لتجمّع
من الضيوف الذين يتحاورون على نحو يُذكِّر بالأجواء الفكرية التي سادت الصالونات الباريسية
العتيقة".
ونبعت كراهية نيكسون لكافيت آنذاك من اهتمام المحاور الأمريكي،
بتناول الموضوعات السياسية الجادة والخطيرة في الوقت نفسه. وضمت قائمة الشخصيات، التي
قد توصف بأنها "مخربة" سياسيا، ممن استضافهم البرنامج: عضو فريق البيتلز
جون لينون والممثلة الشهيرة جين فوندا، وكذلك بعض أعضاء مجموعة من المحاربين القدماء
المناهضين للحرب في فيتنام.
وكان أول من استضاف كافيت على شاشة التليفزيون، عسكريين سابقين
خاضوا هذه الحرب، وذلك في ذروة النقاش الذي شهدته الولايات المتحدة حول هذا الملف،
بل إن أحدهم ظهر على الشاشة، وهو جالس على كرسي متحرك.
وتضيف الكاتبة: "يمكن القول إن كافيت لا يختلف كثيرا عن
"النخب الليبرالية" الموجودة حاليا في نيويورك، التي يبغضها الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب وأنصاره. فقد كان تجسيدا لكل ما كانت تكرهه "الأغلبية الصامتة"،
وهو المصطلح الذي نحته نيكسون، للإشارة إلى ما اعتبره أعدادا كبيرة من أنصاره، ممن
قال إنهم يعيشون خارج المراكز الحضرية في مدن البلاد".
ومن بين أكثر المقابلات إثارة للجدل التي أجراها كافيت، تلك
التي استضاف فيها السياسي الأمريكي المؤيد للتفرقة العنصرية ليستر مادوكس، وشكلت مصدر
إلهام لأغنية "ريدنيكس" (المتخلفين)، التي قدمها المغني والموسيقي الأمريكي
راندي نيومان عام 1974.
وقد تضمنت الأغنية هجوما شديدا على توجهات الفصيل السياسي المؤيد
لنيكسون. وتضمنت كلمات من قبيل: "شاهدت الليلة الماضية ليستر مادوكس في برنامج
تليفزيوني/بصحبة بعض يهود نيويورك من الساخرين أصحاب حس الدعابة، الذين يراهم البعض
مزعجين".
وتتناول الكاتبة ما تصنعه آلة الدعاية الحديثة حاليا حول
"النجوم"، حيث أصبحت تفرض قدرا مفرطا من الحماية حول "أبقارها المقدسة"،
بشكل يجعلها لا تكترث كثيرا بالشكل الذي يظهرون به أمام جماهيرهم.
وتضيف: "الوضع كان على النقيض من ذلك في عصر كافيت، فحينئذ
لم يكن الممثلون والنجوم مجرد شخصيات تتصرف بتهذيب أكثر من اللازم، أو تردد مقاطع صوتية
معدة بعناية لتلائم البث عبر وسائل الإعلام، كما هو الحال الآن".
اقرأ أيضا: مسلسل قصير حول فضيحة "ووترغايت" على "HBO"
وتابعت بالقول: "حتى لو كانوا في وقت ما كذلك، فقد سمح
لهم المجتمع الأمريكي، في الحقبة التي سادت فيها ما تعرف بـ"الثقافة المضادة"
للقيم الأخلاقية والجمالية المتعارف عليها، بأن يكونوا شديدي الصراحة والوضوح والاتساق
مع أنفسهم، على نحو لم يكن معهودا من قبل".
وتصف اندفاعها لمشاهدة مقاطع من هذا البرنامج الآن، خلال العزلة المنزلية، بـ"التوق إلى تلك
الأيام التي كانت فيها الساحة العامة في الولايات المتحدة زاخرة بالنقاشات الفكرية.
حينما كان يُحتفى بالاختلافات والتناقضات بين البشر، لإثارة نقاشات شديدة الإثارة والجاذبية،
بدلا من استغلال ذلك بشكل يفرغه من مضمونه، ويجعله أداة للتسلية ليس إلا".
وتقول: "استعادة هذه المقاطع، تجعلني أشعر بالحنين الشديد إلى تلك السنوات، التي كانت فيها
الساحة الثقافية والإعلامية ووسائل التواصل الجماهيري الرئيسية، أكثر انفتاحا على الآراء
المعارضة والمخالفة لما هو سائد".
والآن، أسدل ديك كافيت الستار على مسيرته التليفزيونية الحافلة، التي استضاف
خلالها عددا هائلا ومتنوعا من نجوم الروك وكبار الرياضيين والساسة الغاضبين والمغنيات
الشهيرات، اللواتي تقدمن في العمر. وقد حاور كل هؤلاء بكياسة وذكاء وخفة دم كذلك.
اليوم يبلغ هذا الرجل 83 عاما من العمر، وأصبح خبيرا مخضرما في صناعة الإعلام
والترفيه. وقد أصدر أكثر من كتاب يتضمن ذكرياته عن خبراته في مجال تقديم البرامج الحوارية
على شاشة التليفزيون، رغم أنني لم أكن قد وُلِدُتُ بعد، عندما بلغ "ذا ديك كافيت
شو" ذروة مجده وتألقه. لتختم الكاتبة بالقول: "إنني أشعر الآن بافتقاده بشدة".