هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت التصريحات الواردة من طرف معسكر الجنرال خليفة حفتر، عن ضرورة السلام وسلامة المواطنين، تساؤلات عديدة، حول الأسباب الدافعة لهذا التوجه، وما إذا كان الجنرال العسكري يبحث عن تسوية تضمن بقاءه بعد فشله في الشيطرة على العاصمة "طرابلس".
وقال المتحدث باسم "حفتر"، أحمد المسمارى، مؤخرا إن "أيديهم لا تزال تمتد بأغصان الزيتون وأنهم يؤيدون السلام، لكن الطرف الآخر لا زال يجابههم بالطائرات المسيرة والحربية"، وفق زعمه.
"رد ميداني"
وفي رد ضمني على هذه التصريحات، كثف سلاح الجو التابع لقوات حكومة الوفاق الليبية ضرباته على أغلب تمركزات "حفتر" في الغرب الليبي وفي كل من مدن "ترهونة وبني وليد" أسفرت عن تدمير مخازن أسلحة وقطع الإمدادات عن قواته هناك، وفق المتحدث باسم قوات الوفاق.
ورأى مراقبون أن "ليونة الموقف والتصريحات من قبل "حفتر" تنبئ عن نيته البحث عن تسوية أو هدنة جديدة لإعادة ترتيب أوراقه وتعويض خسائره الكبيرة اليومية في ضواحي العاصمة من أجل البقاء في المشهد أو التقاط الأنفاس، لكن يبدو أن الوفاق فهمت اللعبة"، وفق رأيهم.
والسؤال: ما وراء هذا التراجع من قبل "حفتر" ومتحدثه؟ وهل يبحث الجنرال الليبي فعلا عن هدنة أو تسوية؟
"تضليل واستعطاف"
ورأى الضابط الليبي وآمر الحاكم العسكري سابقا، العقيد سعيد الفارسي أن "معسكر "حفتر" يبحث فعليا الآن عن التهدئة حتى يتمكن من إعادة تنظيم صفوفه، أما "المسماري" فهو لا يملك إلا الكذب والتضليل ويحاول بتصريحه هذا استعطاف المجتمع الدولي وتضليل الرأي العام".
اقرأ أيضا : مسيّرات إماراتية تقصف هدفا بسرت.. والسراج يلوم الأوروبيين
وفي تصريحاته لـ"عربي21" أكد أن "حفتر يستميت الآن من أجل كسب الوقت والحفاظ على مواقعه العسكرية في الغرب الليبي والبقاء في معارك "طرابلس"، كون انهيار جبهته هناك يعني انهيار مشروعه وحلم داعميه من دول محور الشر العربي"، وفق تعبيره.
وتابع: "وحتى لو كان "حفتر" يبحث عن تسوية ما من أجل ضمان البقاء في المشهد فهو يريد فقط كسب الوقت ثم العودة إلى الحرب مرة أخرى لأن مشروعه هو حكم ليبيا وليس تقاسم السلطة مع أحد، فهو يريد أن يكون القائد الأوحد في البلاد"، كما أشار.
"تسوية مفروضة"
الأكاديمي الليبي وأستاذ القانون بجامعة "سوينبرن" في أستراليا، عزالدين المحجوب قال من جانبه إن حفتر على مدار 6 سنوات رفض كل التسويات التي جاءت عبر وسطاء محليين ودوليين، بل اختار المضي في الحرب بمباركة داعميه الإقليميين والدوليين رغم اتفاقات "باليرمو وباريس وأبوظبي بين 2017 2019".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "حفتر لا يسعى للتسوية بل إن التسوية قد تُفرض عليه، أما كلام "المسماري" فبالنظر إلى سلوكهم العدواني على مدار سنوات هو فقط من أجل المناورة لكسب مزيد من الوقت، خاصة بعد اشتداد قصف طيران "الوفاق" وتوفير منظومات دفاع جوي حول "طرابلس".
وتابع: "يسعى حفتر عبر متحدثه إلى تحييد نقاط تفوق قوات "الوفاق"، ويبدو أن الجنرال العسكري يواجه الآن صعوبة في الحصول على دعم فعال من "مصر والإمارات" وهذا سبب أنهم يمدون أغصان الزيتون"، حسب تصريحاته.
"قوة ضربات الوفاق"
لكن الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، فيروز النعاس رأت أن "قوة ضربات الجيش الليبي التابع للوفاق والتقدم العسكري والسيطرة على الجو وقطع الإمدادات بكل أنواعها على "عصابات حفتر" هو الذي وراء تغير لهجة المتحدث باسمه، أما حديثهم عن أغصان الزيتون والسلام للجميع فهو كذب وادعاءت باطلة يحاولون بها التغطية على خسائرهم المتتالية وهزيمتهم القادمة"، وفق تقديرها.
وأضافت: "والحقيقة أنهم لا يبحثون عن تسوية فقط بل يريدون فرصة لإعادة التقاط أنفاسهم ثم يعاودون هجومهم وإرهابهم من جديد، لأن "حفتر" لن يقبل بأي تسوية تقوض أطماعه وشرهه للسلطة التي لن يتراجع عنها مهما كان الثمن"، كما قالت لـ"عربي21".