هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت موافقة اللواء الليبي، خليفة حفتر، على وقف الاقتتال في "طرابلس" استجابة للمطالبات الدولية والشعبية بعض التساؤلات حول تطبيق هذا الأمر فعليا، وما إذا كان الجنرال الليبي سيُجبر على ذلك بسبب أزمة وباء "كورونا" المستجد.
وأكد المتحدث باسم "حفتر"، أحمد المسماري أن "القيادة العامة (حفتر) ترحب بالدعوة الصادرة بخصوص وقف القتال لأغراض إنسانية للاستجابة لوباء "كورونا"، مؤكدا أن قواتهم ملتزمة بوقف القتال طالما التزمت به بقية الأطراف في إطار الالتزام المتبادل"، وفق بيان وصل "عربي21" نسخة منه.
مطالبة وترحيب حكومي
وكانت الأمم المتحدة وسفارات دول غربية وعربية طالبت أطراف النزاع في ليبيا بوقف فوري للقتال، خوفا من تفشي وباء "كورونا"، وضرورة وقف النقل المستمر للمعدات العسكرية والأفراد إلى ليبيا، من أجل تمكين السلطات المحلية من الاستجابة سريعا للتحدي غير المسبوق لهذا الفيروس على الصحة العامة".
اقرأ أيضا: قوات حفتر: نرحب بالدعوة لهدنة إنسانية بليبيا بسبب كورونا
من جهتها، رحبت حكومة الوفاق الليبية، بهذه الدعوات الدولية، مؤكدة التزامها بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2510 لسنة 2020 الذي يعزز نتائج مؤتمر برلين وينص على جملة مقررات من بينها وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين"، وفق بيان رسمي.
والسؤال: هل يطبق "حفتر" قراره فعليا ويوقف الاقتتال؟ وما الخطوة بعد ذلك؟
"الوفاق" تشكك
شككت القوات التابعة لحكومة الوفاق الليبية في قرار قوات حفتر.
وقال
المتحدث باسم رئاسة الأركان التابعة للحكومة الليبية العقيد محمد قنونو في تصريحات
خاصة لـ"عربي21": "نحن لا نثق في أي تصريحات أو قرارات تصدر عن حفتر وناطقه، ونحن على ثقة أن القرار ليس بأيديهم، ونتساءل: ماذا يعني
أن يعلن عن وقف الاقتتال، ونحن في فترة وقف إطلاق نار منذ يناير
الماضي".
وأضاف:
"لقد عهدنا من حفتر الغدر، ولن نأمن جانبه، أما قراراته المعلنة
فلا وزن لها عندنا، فإذا كان صادقا فلينسحب إلى الحدود التي حددتها له لجنة
الرئاسي المشاركة في اجتماعات اللجنة العسكرية (5+ 5) بجنيف".
وتابع قنونو: "وللعلم في هذه اللحظات التي أرد فيها على استفساركم أصيب
طفلان بمنطقة باب بن غشير وسط العاصمة جراء سقوط
قذيفة عليهما في منزلهم، ما يؤكد حالة الغدر والتناقض".
وحول
موقفهم من تصريحات متحدث حفتر أكد: "سندرس خياراتنا، فحكومة الوفاق أعلنت عن ترحيبها بالدعوات
الدولية لوقف إطلاق النار ومضت في إجراءاتها الاحترازية إزاء الوباء العالمي
"كورونا"، وكانت النتيجة أن داهمها حفتر بقوات المرتزقة في محاور الرملة وعين زارة، وقصف المدينة
القديمة ومعالمها الأثرية بالمدفعية".
"حفتر أخطر من كورونا"
عضو مجلس الدولة الليبي، عادل كرموس، قال إن "حفتر لازال متعنتا ويصر على السيطرة على طرابلس من أجل الوصول للسلطة، وفي سبيل ذلك أراق دماء كثيرة لم يعبأ لها يوما وأزهق أرواح أكثر مما سجل من وفيات بسبب "كورونا" في العالم كله".
وأضاف: "لذا فإن "حفتر" الآن هو أخطر على الليبيين من أي وباء يمكن تخيله لأنه مستعد من أجل الوصول لمراده أن يضحي بالشعب الليبي بأكمله"، بحسب قوله.
وفي تصريحاته لـ"عربي21"، أوضح أن "البلاد الآن أمام سيناريو آخر بالإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب "حفتر" وقواته وفي الخفاء تستمر العمليات العسكرية وفي هذا الوضع ليس أمام حكومة الوفاق وجيشها إلا القضاء على هذا الوباء الأخطر على حياة الليبيين ومقدراتهم"، كما وصف.
اقرأ أيضا: جائحة كورونا وحرب طرابلس.. قليل من الإنسانية والمسؤولية
في حين طالب وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي جميع الأطراف بضرورة وقف العمليات العسكرية الحالية في "طرابلس" كون المتضررين الآن أكثر من 3 ملايين نسمة هم تعداد سكان العاصمة، وهناك اتفاق حتى من قبل الخارجون عن القانون (لم يذكرهم) بضرورة التصدي للوباء المستجد".
وبخصوص توقعاته برد "حفتر" على المطالب الدولية والشعبية لوقف الاقتتال، قال لـ"عربي21": "الحقيقة لا أدري تحديدا موقفه، لكن أقول هو يحدد مواقفه حسب المزاج"، وفق تصريحاته.
"علامات استفهام"
لكن السفير الليبي وكبير مستشارين سابق بالأمم المتحدة، إبراهيم قرادة، أكد أن "الدعوات الدولية والشعبية تتزايد وتتصاعد حاليا من أجل تبيث وتفعيل هدنة لأغراض إنسانية لتسخير الجهود لمواجهة جائحة "كورونا"، لكن للأسف حتى أيام قليلة لازالت الهجمات مستمرة وقصف أحياء في العاصمة".
وأضاف لـ"عربي21": "هناك من يقول إن هذه العمليات هي محاولات مستميتة لإحراز تقدم بأي شكل بعد عام من شلل الهجوم وذلك باستغلال الضغوط الناتجة عن وباء "كورونا"، غير أن هذا التكتيك للأسف لا يقدر عواقب ذلك على سلامة وحياة السكان المدنيين في مدينة طرابلس التي يسكنها ثلث الليبييين"، كما رأى.
وتابع: "كما أن استمرار العمليات الآن قد يهدف إلى خلق إرباك في مواجهة الكورونا، أما بخصوص تأخر "المشير حفتر" في أخذ قرارا بالخصوص فهو يضع علامات إستفهام كبيرة، لكن الأيام قد تكشف ذلك"، وفق رأيه.
"هروب وإجبار"
وزير العمل الليبي السابق، محمد بالخير، أشار إلى أن "قرار إيقاف الحرب أو استمرارها ليست من صلاحيات "حفتر" كونه مجرد منفذ لأوامر داعميه، كما أن وقف القتال لايعني قبول المدافعين "الحكومة" بذلك كونهم يشترطون انسحاب الجنرال العسكري من المنطقة الغربية ومن الموانيء النفطية بالكامل وهذا يعني لحفتر هزيمة اختيارية".
وفي تصريحه لـ"عربي21" أوضح أن "المعطيات الجديدة والتي تصب في صالح قوات "الوفاق" قد تجبر "حفتر" على مراجعة حساباته خاصة بعد سقوط أعداد كبيرة من جنوده مؤخرا بين قتيل وأسير، لذا قد يكون قبوله وقف إطلاق النار هو بمثابة الهروب إلى الأمام من وقع هزيمة أضحت قريبة منه أو بمثابة الاستراحة واغتنام الفرصة لترتيب قواته"، بحسب تقديراته.
"تجميد الوضع"
ورأى الناشط السياسي الليبي، محمد خليل، في حديثه لـ"عربي21"، أن "تصريحات حفتر ما هي إلا مناورة جديدة بعد فشله على مدار اليومين السابقين في إحداث أي تقدم، هدفها كسب الرأي العام الناقم بشدة جراء استمرار الحرب رغم أزمة "كورونا" المأساوية التي تهدد كامل التراب الليبي؛ وأعتقد –حال وافق على وقف عملياته- أن يجمد الوضع فترة من الزمن ثم يتم استئناف الحرب من جديد".