هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لأستاذة العلاقات الدولية في جامعة ساسكس، آنا ستافرينياكيس، تتحدث فيه عن تظاهر الحكومة البريطانية بالجهل رغم تورطها العميق في الحرب الأهلية اليمنية التي مضى عليها خمسة أعوام.
وتقول ستافرينياكيس في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الحكومة البريطانية ترفض متابعة الطريقة التي تستخدم فيها الأسلحة التي تبيعها إلى الدول المشاركة في النزاع، السعودية والإمارات، وهي تضرب المنشآت المدنية والصحية، وتواجه اليوم مخاطر وصول فيروس كورونا بعد الأزمة الإنسانية التي خلقتها الحرب التي شنها تحالف بقيادة السعودية عام 2015".
وتشير الباحثة إلى أن "انتشار الفيروس أدى إلى طرح أسئلة تتعلق بالحياة والموت في أنحاء العالم كله، فالمؤسسات الصحية تواجه مصاعب لاستيعاب الحالات المتزايدة، وسط نقص في الإمدادات الطبية، والقيود على حركة المواطنين، وفرض سياسة التباعد الاجتماعي، ويتزايد الخوف على الأحبة والمستقبل مع تحطم الشعور بالجيرة والتضامن، ومن هنا طرحت أسئلة حول المسؤول أو من يجب أن يتحمل المسؤولية لتخفيف الأزمة ومعالجة آثارها السيئة، وبالنسبة للكثيرين في بريطانيا فإن هذا وضع جديد".
وتقول ستافرينياكيس: "أما من يعيشون في محاور الحرب، مثل اليمن، ويحاولون النجاة عبر تأمين الأساسيات، فإن السؤال بات ملحا والشغل الشاغل لهم، ففي الخامس من آذار/ مارس أعلن التحالف السعودي تدخله في الحرب اليمنية، وهذا يعني مضي خمس سنوات على ضرب المؤسسات الصحية والأسواق والمباني العامة، وهي هجمات أدت إلى مقتل أكبر عدد من المدنيين، ويتحمل التحالف الذي تقوده السعودية المسؤولية".
وتلفت الكاتبة إلى أن التحليل الذي أجرته منظمة "مواطنة" و "أطباء لحقوق الإنسان" كشف عن أن الأطراف المتنازعة استهدفت النظام الصحي للبلاد 120 مرة على الأقل.
وتقول ستافرينياكيس: "تخيل تعرض الأطباء والممرضين الذين يكافحون فيروس كورونا على الخطوط الأمامية للقصف الجوي".
وتنوه الباحثة إلى أنه "بعد خمسة أعوام من الحرب والحصار، فإن اليمنيين عانوا من المجاعة والأزمات الصحية العامة، ولا يستطيع معظم اليمنيين الحصول على العناية الصحية أو الطعام الكافي، وذلك بسبب القتال والحصار الذي يمنع من وصول المساعدات الإنسانية، أو لأنهم لا يستطيعون شراء المواد الغذائية؛ نظرا لأسعارها الخيالية".
وتفيد ستافرينياكيس بأن "اليمن يعاني من انتشار وباء الكوليرا، الذي يعد الأسوأ في العالم، فيما لم يسجل حتى الآن حالات من كوفيد-19، لكن احتمال وصوله يضيف ضغوطا على نظام صحي منهار".
وتقول الكاتبة: "مثلما يحاول البريطانيون التضامن والمعاملة بالمثل في داخل مجتمعاتهم، فإن تفكيرهم في الدور الذي تؤديه بلادهم في أزمة بعيدة عنهم، كما في اليمن، أمر ضروري، لكن في ظل اهتمام الحكومة بمعالجة فيروس كورونا ورسم خطط لاحتوائه، فإن اليمن ليس على أجندة الاهتمام العام".
وتستدرك ستافرينياكيس بأن "الحرب هناك مستمرة، وعادت الأعمال العدوانية بعد هدوء استمر أشهرا، وبريطانيا منخرطة فيها بشكل قوي، فهي تبيع السلاح، وتوفر التدريب العسكري والغطاء الدبلوماسي للتحالف السعودي، فدون الدعم البريطاني والداعم الرئيسي للسعودية، أمريكا، لانتهت الحرب منذ وقت".
وتشير الباحثة إلى أنه في حزيران/ يونيو 2019 كشف عن حجم الدعم البريطاني للحرب، من خلال قرار محكمة الاستئناف، الذي اعتبرت فيه أن عدم تقييم الحكومة للمخاطر المرتبطة برخص بيع السلاح للسعودية غير قانوني، لافتة إلى أن الحكومة التزمت منذ ذلك الوقت بعدم إصدار رخص بيع سلاح جديدة للسعودية، لكنها تسمح للشركات المسجلة بالفعل بمواصلة التصدير.
وتلفت ستافرينياكيس إلى أن الحكومة تجنبت الجواب على أسئلة من النواب في البرلمان، وظلت تردد لازمتها المعروفة، بأن لديها أقوى بروتوكول للتحكم في صادرات السلاح في العالم، لكنها لم تستجب بعد للمتطلبات التي طلبتها منها محكمة الاستئناف بإلغاء القرارات السابقة وبطريقة قانونية هذه المرة، بالإضافة إلى أنها لم توضح إن كانت الشحنات العسكرية تمت بناء على النظام الموجود لإصدار رخص بيع السلاح، في الوقت الذي لم تصدر فيه رخصا جديدة.
وترى الكاتبة أن "العامل المشترك بين تعامل الحكومة مع صادرات السلاح وانتشار وباء فيروس كورونا هو: التظاهر بعدم المعرفة، ولأنها رفضت في البداية عمل ما قامت به الدول الأخرى، وهو الفحص، فإنها قدمت أرقاما متدنية وغير حقيقية عن حالات الإصابة، وكانت هذه النفعية السياسية مركزية في الكيفية التي تعاملت فيها الحكومة مع الأسئلة حول المسؤولية والتحركات لمواجهة الوباء".
وتجد ستافرينياكيس أن "وزارة الدفاع فشلت في المقام ذاته بمتابعة الطريقة التي استخدم فيها التحالف الأسلحة البريطانية، وربما خرقت القانون الدولي، فمن خلال التظاهر بعدم وجود مخاطر واضحة يمكن للحكومة الزعم بأن الأسلحة لن تستخدم بطرق غير قانونية، ولا حاجة بالتالي لوقف التصدير".
وتختم الباحثة مقالها بالقول إن "رفض الحكومة التدقيق في الكيفية التي تستخدم فيها السعودية الأسلحة، يعد مركزيا لمواصلة دعم السعودية، والزعم في الوقت ذاته أنها لا تخرق القانون الدولي، وكما هي الحال مع انتشار فيروس كورونا فإن هذا لا يعني أن المشكلة ليست موجودة وأن الحكومة لا تتحمل المسؤولية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)