هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
العديد من التساؤلات أثارها أحدث تقرير
لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) عن احتلال مصر مركزا متقدما بين
الدول الأكثر شراء للسلاح على مستوى العالم رغم وضعها الاقتصادي المزري ونسب الفقر
والبطالة والتضخم، والديون الداخلية والخارجية التي تحاصر أكبر بلد عربي من حيث
السكان.
التقرير الذي نشره معهد ستوكهولم في 9
آذار/ مارس الجاري، وجاء بعنوان "الولايات المتحدة وفرنسا تزيدان بشكل كبير
من صادرات الأسلحة.. والسعودية أكبر مستورد للأسلحة"، أكد أن مصر تأتي بعد
السعودية التي جاءت بالمرتبة الأولى بنسبة 12 بالمئة، والهند الثانية 9.2 بالمئة،
موضحا أن أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين، هي أكبر مصدري السلاح بالعالم.
وقال إن "واردات مصر تضاعفت ثلاث
مرات بين الأعوام (2010-2014) و(2015-2019)، ما يجعلها ثالث أكبر مستورد للأسلحة
في العالم"، موضحا أن قيمة واردات القاهرة بلغت حوالي 5.58 بالمئة من سوق
شراء السلاح العالمي، لافتا إلى انخفاض واردات قارة إفريقيا من الأسلحة.
وأشار إلى أن "صناعة الأسلحة
الفرنسية استفادت من الطلب على الأسلحة في مصر وقطر والهند"، كما أشار
التقرير إلى زيادة في صادرات روسيا إلى مصر والعراق ما بين عامي (2015-2019)، رغم ما
أصاب صادرات موسكو من تراجع.
— Army Recognition (@ArmyRecognition) March 9, 2020
مصر التي وصل تعدادها السكاني بالداخل
لـ100 مليون نسمة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 11 شباط/ فبراير
الماضي، ترزح تحت نير الديون الخارجية التي بلغت 109.4 مليار دولار، بنهاية أيلول/
سبتمبر الماضي، حسب البنك المركزي في 27 تشرين الثاني/ يناير 2020.
وفي الوقت الذي سجل متوسط نصيب الفرد
من الدين الخارجي نحو 1009.8 دولار، وتبلغ نسبة الدين الخارجي إلي الناتج المحلي
الإجمالي 34.4 بالمئة، فقد بلغ الدين المحلي بنهاية أيلول/ سبتمبر الماضي نحو 4.186
تريليون جنيه.
ووفقا للجهاز المركزي، وفي 10 شباط/
فبراير الماضي، قفزت معدلات التضخم السنوي 4.5 بالمئة، فيما ارتفعت معدلات الفقر
إلى 32.5 بالمئة بنحو 32 مليون فقير، إلا أن البنك الدولي، أكد في أيار/ مايو
2019، أن 60 بالمئة من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر.
"يحتاجها جاهلة وعاطلة"
ويعتقد رئيس مجلس إدارة مجموعة تنمية
القيادة (LDG)
الدكتور هاني سليمان، أن "شراء مصر للأسلحة هدفه الأساسي عمل تحالفات سياسية
مع الدول الغربية التي تبيعه الأسلحة، مثل فرنسا وروسيا وألمانيا وإيطاليا وليس
نتيجة حاجة فعلية لهذه الأسلحة".
وأكد لـ"عربي21"، أن
"هذه التحالفات لها أهداف، كالحصول على دعم تلك الدول لحكم السيسي، وإسكات
منظمات حقوق الإنسان الغربية التي تنتقد أوضاع حقوق الإنسان بمصر، وربما أيضا
إقناع أمريكا بأنها ليست المصدر الوحيد للسلاح المصري، وأنها تشتري السلاح الأوروبي،
وذلك لتخفيف الضغط الأمريكي على نظام الحكم".
الخبير المصري بمجال الإدارة والتخطيط،
قال إن "شراء السلاح من إيطاليا مثلا كان بهدف تخفيف ضغط روما على القاهرة
بقضية مقتل الطالب الإيطالي ريجيني".
وأضاف: "ربما كان من الأهداف
الأخرى لشراء الأسلحة تصوير جيش مصر كأكبر وأقوى جيوش المنطقة، بمحاولة لردع دول
كإثيوبيا بنزاعها مع مصر حول سد النهضة، وربما تركيا التي تتدخل حاليا
بالمنطقة".
وفي رده على الرأي القائل بضرورة توفير
ولو جزء من هذا الإنفاق على المصريين، قال سليمان: "ومتى كان نظام الحكم يعمل
على تقليل نسب الفقر والبطالة والتضخم"، مضيفا: "على العكس فأنظمة الحكم
الشمولية تحرص على بقاء شعوبها فقيرة وجاهلة وعاطلة ليسهل حكمها".
وأكد أنه "كان من الأولى مثلا
تخصيص جزء من ميزانية التسليح الهائلة، والتي نقترضها غالبا من الخارج، لإصلاح
البنية الرئيسية المتهالكة التي وضحت تماما مؤخرا عندما هطلت الأمطار على مصر، فأغرقت
الشوارع وسدت الأنفاق ودمرت الطرق الحديثة، وتسببت بخسائر الأرواح".
"تكلفة من دم الشعب وأرضه"
وقال رئيس المركز المصري لدراسات
الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" مصطفى خضري: "بالنظر لنوعية
التسليح الذي تم شراؤه هذه الفترة فسنجده تسليحا استراتيجيف ثقيلا، تنوعت مصادره بنحو 18
دولة ما بين الشرق والغرب والشمال والجنوب".
الباحث المصري أضاف
لـ"عربي21"، أن "هناك تفسيرين لذلك الأمر: فإما أن يكون لهذا
التسليح احتياج حقيقي بمنظومة القوات المسلحة، وقد ساومت القيادة العسكرية نظام
السيسي بالحصول على ذلك التسليح مقابل الصمت تجاه استيلائه على الحكم".
ودلل على رؤيته بأن "النظام
الأمريكي وهو الداعم الأكبر للسيسي لم يكن المصدر الأكبر لهذه الأسلحة، بل العكس
فقد حل الغريم الروسي على رأس مصادر هذا التسليح".
وتابع: "أو أن تكون هذه المشتريات لشراء
تأييد دول كروسيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وبريطانيا لنظام السيسي، خاصة أنه عانى
من رفض عالمي وعزلة دولية مطلع استيلائه على الحكم، وقد تراجعت حدة هذا الوضع بعد
صفقات الأسلحة المتتابعة من هذه الدول".
ولكن؛ كيف يوجه كل تلك الأموال لشراء
السلاح رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والديون الداخلية والخارجية؟
أجاب خضري، بقوله: "الكثير من تلك
الصفقات تم تمويلها بدعم الحلفاء الخليجيين للسيسي وهم حكام السعودية والإمارات،
ولذلك لا يمكن اعتبار هذه الصفقات عبئا على الميزانية المصرية".
وأشار إلى أن "هناك عبئا آخر قد
تولد كثمن لهذا الدعم؛ وكانت تكلفته أكبر بكثير من فكرة المال، كجزيرتي تيران
وصنافير اللتين تخلى عنهما نظام السيسي كمقابل للدعم السعودي".
ولفت الباحث المصري أيضا إلى "التدخل
العسكري لدعم خليفة حفتر في ليبيا كمقابل للدعم الإماراتي وما ترتب على ذلك من
تكلفة بشرية وسياسية تحملتها مصر وشعبها".