هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال مستشرق إسرائيلي، إن "العالم العربي يعيش اليوم فيضانا من الأخبار والتطورات، ولم يعد سهلا تغطية كل الشؤون العربية كما كان في سنوات وعقود سابقة، منذ أن بدأت مهنتي هذه أواخر ستينيات القرن الماضي، قبل سنوات كنت أتابع إذاعة مونت كارلو وبعض الصحف، اليوم لا أكاد أستطيع متابعة شبكات التواصل الاجتماعي ومجموعات الواتس آب، رغم أن ثلاثة يعملون معي ضمن فريق العمل".
وأضاف إيهود يعاري المستشرق الإسرائيلي، ومحلل الشؤون الفلسطينية والعربية بالقناة 12 الإسرائيلية، في حوار مطول مع صحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "صراعنا مع العرب آخذ في التعمق، هناك 300 قناة تلفزيونية عربية، قليلة هي التي تبث دروسا دينية ومحاضرات تحريضية، والباقي ليبرالية وعلمانية".
اتفاق أوسلو
وأكد يعاري ابن الـ75 عاما، "لا أرى نفسي منسجما مع أصحاب التوجهات القومية المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي، الذين يأخذوننا نحو الدولة ثنائية القومية، محظور أن نمنحهم فرصة أن يأخذوننا إلى مكان لا نريده، والغريب أنني أجد نفسي متفقا في القضايا السياسية مع العرب أكثر من اليهود، لأننا لا نختلف على القضايا الجوهرية في الصراع، أما اليهود فيريدون حل مشاكلهم بغرف مغلقة، ولا أعتقد أن هذا أمر واقعي".
وينتقل يعاري للحديث عن اتفاق أوسلو قائلا إنني "لا أستطيع القول إن اسحاق رابين شاورني في مستقبل اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين، لكن كانت هناك حوارات ما حول الاتفاق، وقد عبرت له عن معارضتي له لأنني عرفت ما هو الاتفاق، قلت ذلك بصورة علنية، وكتبت ذلك في هآرتس، وحينها خضت معركة مع أعز أصدقائي من الصحفيين والكتاب، الذين تفاءلوا بافتتاح عهد السلام مع الفلسطينيين والعرب".
وتابع قائلا: "عارضت اتفاق أوسلو لأسباب مركزية، ولم أخطئ منذ حينها، وكانت لدي خطة بديلة عن أوسلو نشرتها في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى اسمها "الانفصال الإداري إسرائيل-فلسطين"، تقوم على نقل صلاحيات الإدارة المدنية الإسرائيلية إلى الفلسطينيين المحليين، لأنني أؤيد كثيرا الانفصال عن الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية بعيدا عن اتفاق أوسلو".
اقرأ أيضا: تقدير استخباري إسرائيلي: يجب تسريع الهجمات ضد إيران
وأضاف يعاري، الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ومؤلف "السلام المجزأ مع مصر": "أؤيد أن يكون الحل الأفضل مع الفلسطينيين إقامة دولة فلسطينية، دون توقيع اتفاق سلام، ومع حدود مؤقتة، لأن الأفضل لنا هو التفرغ لمواجهة التهديد الإيراني، وتهدئة الملف الفلسطيني، إسرائيل يمكن لها أن تنفصل عن الفلسطينيين من خلال جدران أو معابر منظمة، رغم أني لا أعرف فلسطينيا واحدا سيقبل بهذا الحل".
التطبيع العربي الإسرائيلي
وأوضح أن "الفلسطينيين يسعون للحصول على ما قدمه أريئيل شارون لهم في غزة بالانسحاب منها في خطته لعام 2005، دون أن يدفعوا ثمنا على ذلك، إسرائيل تعطيهم أراضي، ولا تطلب مقابل لها، رغم أن الفلسطينيين لن يتنازلوا إطلاقا عن حق العودة، لا اليوم، ولا مستقبلا، لأن الحركة الوطنية الفلسطينية قامت على أساس حق العودة، ولا يستطيع أي زعيم فلسطيني الذهاب لمخيم لاجئين، ويقول لهم أننا تنازلنا عن حق العودة".
وأكد أنه "قد تحصل تسويات تقوم على تبادل الأراضي، وهو ما وافق عليه عرفات وعباس، لكن المفاوضات وصلت لطريق مسدود بسبب الخلافات حول النسب المئوية من الأراضي المستبدلة، والتعويضات التي قد يحصلون عليها من الإسرائيليين".
وأشار إلى أن "مبادرة ترامب (صفقة القرن) تقوم على التطبيع العربي الإسرائيلي، ولو أراد الفلسطينيون البقاء خارج الصورة، وكأن العرب يخاطبونهم بأنهم لا يملكون الفيتو لمنع التواصل بإسرائيل، لكن السعودية والإمارات أصيبتا بالإحباط جراء عدم الرد الأمريكي على الاستفزازات الإيرانية المتمثلة بمهاجمة منشآت النفط، ولذلك باتوا يتريثون بمشاركة ترامب في مبادرته لحل الصراع حتى يتعرفوا على حقيقة نواياه النهائية، لأنهم باتوا قلقين من جهته".
وأضاف أنه "على الصعيد الفلسطيني هناك أصوات بدأت تتعالى تطالب بإقامة دولة واحدة للشعبين، لأن الفلسطينيين يريدون البقاء داخل إسرائيل، التي يعتبرونها وفلسطين كوحدة جغرافية واحدة، على الأقل في المدى المنظور، بما في ذلك الحصول على حقوق المواطن الإسرائيلي، بغض النظر إن بلغت نسبتهم 55%، أو بقوا أقلية بنسبة 45%".
التسوية مع حماس
بالنسبة لحماس، قال يعاري إنني "لا أفضل أن نصل إلى اتفاقات نهائية مع حماس، ربما ترتيبات نعم، أو تسويات مؤقتة، أنا أدعم كثيرا فكرة التسوية مع حماس، ورغم الهدوء الذي تشهده جبهة غزة، لكن لا زالت الفصائل تقوم بتنقيط القذائف الصاروخية بين حين وآخر، نحن نجد أنفسنا متورطين في هذا المستنقع، ومع ذلك فإن التهدئة تخرجك من دائرة الحرب والمواجهة، ولو مؤقتا على الأقل".
وأشار أن "التهدئة مع حماس تعني أن الحقول الزراعية تخضر من جديد في مستوطنات غلاف غزة، ويمكن لأحدنا شراء شقة في مستوطنة نتيفوت أو كفر عزة، صحيح أن هذا ليس الوضع المثالي مع حماس، لكني تعلمت أن إسرائيل تستطيع استغلال أوقات الهدوء، ووقف إطلاق النار كثيرا، ربما أكثر من العرب، فهي تبني اقتصادها، وتستجلب المزيد من المهاجرين اليهود الجدد".
اغتيال سليماني
ينتقل يعاري إلى الملف الإيراني، قائلا إن "اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الايراني يعتبر الحدث الأكثر خطورة منذ اغتيال راينهارد هايدريخ النازي في حزيران/ يونيو 1942، فسليماني أخطر عدو لإسرائيل منذ إقامتها، رغم أن العرب والفلسطينيين أخرجوا لنا تحديات كثيرة عملت على القضاء على المشروع الصهيوني، لكن شخصية سليماني مختلفة كليا عمن سبقه".
اقرأ أيضا: معاريف: ترامب ونتنياهو متفقان على شطب حل الدولتين
وأضاف أن "سليماني ربما فاق في خطورته من وجهة نظر إسرائيل جمال عبد الناصر، ياسر عرفات، صدام حسين، لا أذكر اغتيالا يشبه اغتيال سليماني، بمن فيهم أحمد ياسين، عباس الموسوي، أحمد الجعبري، وخليل الوزير".
وأشار إلى أن "هناك سليماني، وهناك خطة سليماني، واليوم هناك شكوك تحيط بمدى قدرة إيران على استكمال مشاريعها في المنطقة بدون سليماني، لأن خليفته الجديد إسماعيل قاآني لن يكون قادرا على القيام بالمهمة، على اعتبار أن ملفه الأساسي هو أفغانستان".
أما عن سوريا، فيقول إن "إسرائيل لاحت لها فرصة تاريخية لإحداث تغيير جوهري في المشهد السوري بعد اندلاع ثورتها الداخلية، في 2012 كان بشار الأسد يحزم أمتعته، والطيارة تنتظر لأخذه إلى موسكو، حينها كان يمكن لإسرائيل أن تتدخل، حتى دون أن تتورط هي ذاتها بريا داخل سوريا، لكن توفرت لها الكثير من الأدوات والوسائل، إلا أن عقدة حرب لبنان الأولى 1982 رافقت صناع القرار الإسرائيلي بعد 30 عاما".
ويختم يعاري حديثه عن لبنان بالقول إن "الطائفة الشيعية كانت حليفة قوية للحركة الصهيونية، وأنا ابن عائلة مطلة على الحدود اللبنانية مباشرة، أمي نشأت مع أطفال بقرية كيلا، أحد معاقل حزب الله اليوم، جدي عمل في مرج عيون، في إحدى المرات تعاركت مع بعض أبناء جيلي اللبنانيين، وحين أبلغت كبارهم أنني حفيد "أبو نمر" وهي كنية جدي، تم تسوية الأمر، لكن اسرائيل فقدت هذه العلاقة مع شيعة لبنان بعد حرب 1948".
وأشار إلى أن "حزب الله يعلم تبعات الحرب مع إسرائيل، وهو يتجنبها فعليا، وقد طلبت منه إيران عدة مرات الذهاب إلى حرب مع إسرائيل، لكنه تمنع عنها لمعرفته بالنتائج المتوقعة على طول الدولة اللبنانية كلها".