هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا، تقول فيه إن اغتيال الجنرال قاسم سليماني في مطار بغداد، يعد تصعيدا كبيرا في المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن مقتل قائد فيلق القدس سليماني، بغارة على مطار بغداد، يعد تحولا دراميا قد يقود إلى مزيد من العنف في المنطقة وخارجها.
وتنقل الصحيفة عن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، قوله إن البنتاغون اتخذت "قرارا دفاعيا حاسما" ضد سليماني، القائد العسكري الموقر بين شبكة المليشيات في الشرق الأوسط، والمتهم بقتل مئات الأمريكيين، وأضاف إسبر أن "الجنرال سليماني كان يطور وبنشاط خططا لمهاجمة الدبلوماسيين والقوات الأمريكية في المنطقة"، مشيرا إلى أن الهجوم يهدف لردع هجمات إيرانية في المستقبل.
ويفيد التقرير بأن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، آية الله علي خامنئي، اعتبر مقتل سليماني "مرا"، لكن "النصر النهائي سيجعل الحياة مرة للقتلة والمجرمين"، فيما تعهد وزير الدفاع الإيراني الجنرال أمير حاتمي برد "ساحق"، واعتبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف الاغتيال بأنه "فعل إرهاب دولي"، وحمّل في تغريدة له على "تويتر" الولايات المتحدة تداعيات الاغتيال و"المغامرة المارقة".
وتلفت الصحيفة إلى أن المسؤولين العراقيين والتلفزيون الرسمي قد أعلنوا عن مقتل سليماني وجمال جعفر الإبراهيمي، المعروف بأبي مهدي المهندس، المتهم بهجمات ضد أهداف أمريكية تعود إلى 1982 خارج المطار، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وصف العملية بـ"الاغتيال" وشجبها، وعدّ مقتل الجنرال فعلا عدوانيا وخرقا للشروط التي تعمل من خلالها القوات الأمريكية في البلد.
وينوه التقرير إلى انتشار شريط فيديو وزعته جماعة شيعية، يظهر حطام السيارة التي كان فيها سليماني وجثته المغطاة بالدماء.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن اسمه، قوله، إن الهجوم تم من خلال طائرات مسيرة، وضرب سيارتين كانتا تحملان سليماني وآخرين على طريق قرب مطار بغداد الدولي، ويعتقد أن عدة أشخاص قتلوا في العملية.
ويشير التقرير إلى أن التعازي انتشرت بين أفراد المليشيات في الحشد الشعبي، من خلال رسائل على "واتساب"، فكتب المتحدث باسمه أحمد الساعدي: "عظم الله أجركم بوفاة القائدين الشجاعين حاجي سليماني وحاجي المهندس، وتقبلهما الله برحمته من الشهداء".
وتقول الصحيفة إن التوتر متصاعد بين الولايات المتحدة وإيران، وقد تعهدت إدارة دونالد ترامب باتخاذ موقف متشدد تجاه طهران لدعمها الجماعات الوكيلة، مستدركة بأن استهداف قائد عسكري كان مفاجئا، و"بالتأكيد سيؤدي إلى رد إيراني".
وينقل التقرير عن إيلان غولدنبيرغ من معهد الأمن الأمريكي الجديد، والمسؤول السابق في إدارة باراك أوباما، قوله، إن تحرك الإدارة "يعد تغيرا حاسما في قواعد اللعبة" في المنطقة، مشيرا إلى أن إيران "ستحاول الانتقام، وربما صعدت في العراق ولبنان والخليج ومناطق أخرى، وربما حاولت استهداف مسؤولين أمريكيين بارزين"، وأضاف: "أشك، لسوء الحظ، أن تكون إدارة ترامب قد فكرت في الخطوة التالية، أو تعرف ماذا ستفعل لتجنب الحرب الإقليمية".
وتجد الصحيفة أن القرار، الذي قال إسبر إن ترامب أمر به، يثير أسئلة حول النهج الذي يتخذه ترامب في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي استخدم فيه خطابا ناريا، وأصدر أوامر لضرب أهداف تابعة لنظام بشار الأسد، إلا أنه أكد رغبته في الخروج من المنطقة، وتخليص أمريكا من الحروب المكلفة فيها.
وبحسب التقرير، فإن الهجوم يهدف على ما يبدو لشل حركة قوة كانت في مقدمة التأثير الإيراني في المنطقة خلال العقود الماضية، مشيرا إلى أن سليماني، الذي نشأ في عائلة فقيرة في جنوب شرق إيران، دخل الحرس الثوري شابا، ثم أصبح في التسعينيات من القرن الماضي، قائدا لفيلق القدس، المسؤول عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري.
وتفيد الصحيفة بأنه في ظل قيادة سليماني توسعت عمليات الفيلق في الشرق الأوسط، بما في ذلك في العراق، فتتهمه الولايات المتحدة بقتل 600 من الجنود الأمريكيين بعد الغزو عام 2003، مشيرة إلى أن الفيلق اتهم بالتخطيط لقتل دبلوماسي سعودي في مطعم في واشنطن عام 2011.
ويذكر التقرير أن سليماني كان في الفترة الماضية يتردد بشكل مستمر على المليشيات في العراق وسوريا ومناطق أخرى، مظهرا تأثيره العسكري، وكذلك نفوذه الدبلوماسي، لافتا إلى أنه بعد ظهور تنظيم الدولة عام 2014، التقت المصالح الإيرانية مع المصالح الأمريكية لمحاربة الإرهاب، وإن كان ذلك مؤقتا، حيث تعاون الطرفان لهزيمة تنظيم الدولة.
وتورد الصحيفة نقلا عن المسؤول السابق في "سي آي إيه" مارك بوميروبوليس، قوله: "كان سليماني شخصية مشهورة في إيران، وعلاوة على هذا، فإنه كان الأداة الرئيسية التي تم استخدامها لإظهار قوتهم في المنطقة"، مرجحا ردا إيرانيا قويا؛ "لتأكيد شرعية النظام الإيراني"، وأضاف: "على الرأي العام الأمريكي أن يكون على علم بأننا قد نخسر أرواحا أمريكية بعد هذا العمل".
ويلفت التقرير إلى أن الرد في الكونغرس بدا قائما على الحزب، فحيا الجمهوريون ترامب، الذي مارس "العدالة" ضد إيران، فيما حذر الديمقراطيون من أن هذا الفعل "غير المتناسب" قد "يؤدي إلى تصعيد محتوم".
وترى الصحيفة أن الغارة في الساعات الأولى من صباح الجمعة بدأت في 27 كانون الأول/ ديسمبر، عندما تعرضت قاعدة قرب كركوك لهجوم صاروخي، قتل فيه متعهد أمريكي وجرح آخرون، وحمّل البنتاغون كتائب حزب الله التي تدعمها إيران مسؤولية الهجوم، وأمر ترامب بعد الهجوم بغارات على مواقع الجماعة المسلحة قرب الحدود العراقية السورية، وخلفت الغارات 25 قتيلا وأعدادا من الجرحى، ما أدى إلى محاصرة السفارة الأمريكية في بغداد ردا على العملية.
ويجد التقرير أنه رغم خفوت حدة الأزمة بحلول الخميس، إلا أنها كشفت عن الوضع المشتعل بين الولايات المتحدة وإيران، والمخاطر التي يتعرض لها الدبلوماسيون الأمريكيون في المنطقة، مشيرا إلى أن إسبر قد تحدث للصحفيين بعد الهجوم على السفارة، قائلا إن قواعد اللعبة قد تغيرت، وبأن بلاده جاهزة لإحباط أي هجمات من المليشيات.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي، قوله، إن النقاش حول الهجوم بدأ بعد مقتل المتعهد، لافتة إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو ألغى خططه لزيارة أوروبا الشرقية، لمراقبة الوضع عن كثب من واشنطن، وقال إنه يريد البقاء إلى جانب ترامب لتقديم النصح له.
وينوه التقرير إلى أنه من غير المعلوم ماذا ستتخذ الإدارة من إجراءات لحماية الدبلوماسيين والعسكريين من عمليات انتقامية إيرانية محتملة، مشيرا إلى قول مسؤول أمريكي إنهم يتخذون خطوات لحماية الأمريكيين، فيما قال آخر: "نحن على وعي بإمكانية رد إيراني".
وتفيد الصحيفة بأن الإدارة نشرت 750 من قوات الردع السريع في الكويت؛ من أجل القيام بعمليات في العراق، وأرسلت 100 منهم لحماية السفارة في بغداد، فيما هناك 5 آلاف جندي أمريكي وأعداد من المتعهدين ينتشرون في مناطق عدة من العراق؛ لغرض قتال تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن عدد الدبلوماسيين يبقى أقل مما كان في مستوى الذروة بعد تخفيض عددهم في السفارة، وبحسب مسؤولين، فإن الدبلوماسيين في السفارة بدأوا بحزم أمتعتهم تحسبا لزيادة المخاطر الأمنية.
ويورد التقرير نقلا عن قوات النخبة العراقية المكلفة بمكافحة الإرهاب، قولها إنها تلقت أوامر لإغلاق المنافذ المؤدية إلى المنطقة الخضراء التي تعمل منها وزارات الحكومة كلها، مشيرا إلى أن الغارات تأتي بعد عام من التوتر مع إيران، وفرض العقوبات المشددة عليها، بعد قرار ترامب ترك المعاهدة النووية.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن اغتيال سليماني سيزيد من توتر العلاقات الأمريكية العراقية، خاصة أن الحكومة -التي تعيش أزمة منذ اندلاع التظاهرات؛ احتجاجا على الأوضاع المعيشية والفساد، ما أدى إلى استقالة عبد المهدي، الذي ما يزال في منصبه حتى اختيار بديل له- تضم شخصيات على علاقة وثيقة مع طهران.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)