هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تسمح الديمقراطية الحديثة بأية إجراءات تمس حقوق المواطنين وعقائدهم؛ حتى بدأت موجة جديدة من استخدام الآليات الديمقراطية من أجل ترسيخ الردة على المكاسب التي حظيت بها البشرية خلال العقود الماضية بعد مآسي الحرب العالمية الثانية، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة. أحد ملامح هذه الموجة يتجلى الآن في الهند وبدرجة أقل في بريطانيا.
ففي الهند، سنت الحكومة اليمينية المتطرفة قانونا يسمح بتجريد عشرات الملايين من المسلمين من جنسياتهم، والعودة إلى الوراء أكثر من ستة عقود لتحديد من يحق له أن يكون هنديا ومن لا يحق له. يحدث هذا في بلد شديد التنوع العرقي والديني واللغوي، وكان مضرب المثل في الديمقراطية حتى وقت قريب.
وخطورة المسألة ليست فقط في السماح لحكومة، قد تتغير بعد أربع سنوات، بأن تجرد الملايين من حق المواطنة، الذي هو الأساس الذي تقوم عليه الديمقراطية الحديثة، ولكن أن يحدث ذلك ضد سكان البلاد الأصليين والذين يتم اتهامهم بأنهم أجانب. وعلى فرض صحة الاتهام، فقبل التواريخ التي حددتها الحكومة الهندية، كانت باكستان وبنغلاديش ضمن حدود الدولة الهندية أصلا وكانوا جميعا هنودا.
خطورة المسألة ليست فقط في السماح لحكومة، قد تتغير بعد أربع سنوات، بأن تجرد الملايين من حق المواطنة، الذي هو الأساس الذي تقوم عليه الديمقراطية الحديثة، ولكن أن يحدث ذلك ضد سكان البلاد الأصليين
هناك عدة نقاط مضيئة تبعث على التفاؤل وطرح احتمالية تأجيل أو فشل هذه الموجة أمرا مطروحا. منها على سبيل المثال، التضامن الهندوسي الإسلامي في مظاهرات الهند كان لافتا
ووسط هذا الظلام، فإن هناك عدة نقاط مضيئة تبعث على التفاؤل وطرح احتمالية تأجيل أو فشل هذه الموجة أمرا مطروحا. منها على سبيل المثال، التضامن الهندوسي الإسلامي في مظاهرات الهند كان لافتا، حين شارك عشرات الآلاف من الهندوس إلى جانب المسلمين في المظاهرات العارمة التي تجتاح البلاد منذ فترة والتي جعلت الحكومة تقطع عنها الإنترنت. وهو وعي محمود بخطورة هذه الهجمة، خاصة وأنه بحسب كل المعايير والدراسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحقيقية، فإن شن هذه الحرب المتصاعدة ضد المسلمين كأقلية عددية ليس في صالح هذه البلاد. وبالتالي فإن هذه الموجة الخبيثة التي بدأت تنتشر آسيويا وغربيا هي ضد مصالح هذه الدول في المقام الأول، وتجب مقاومتها بكافة السبل، سواء على الصعيد الدولي الأممي أو المحلي الحقوقي والقانوني.