هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعرب خبراء ومختصون مصريون عن مخاوفهم من تنفيذ مخطط حكومي لخصخصة آثار مصر، بعد استحواذ الصندوق السيادي المصري على منطقة باب العزب، في قلعة صلاح الدين الأيوبي لمدة 49 عاما بموجب اتفاقية مع وزارة الآثار.
وقالوا لـ"عربي21"، إن استحواذ الصندوق السيادي على هذه المنطقة الأثرية تحت شعار تنميتها، من خلال مستثمرين مصريين وأجانب، محاولة للالتفاف حول القانون المصري الذي يمنع ويجرم بيع الآثار المصرية.
وأوضحوا أن الاتفاق جرى بعد أقل من شهر على إعلان الصندوق السيادي المصري، تأسيس صندوق سيادي خاص بالاستثمار في الآثار المصرية.
وكان وزير الآثار المصري خالد العناني، أعلن توقيع الوزارة والصندوق السيادي المصري، على عقد يسمح للأخير باستغلال منطقة باب العزب بالقلعة، لمدة 49 عاما، دون أن يعلن عن قيمة العقد أو أسبابه، ولماذا تم اختيار هذه المنطقة على وجه التحديد، ومن هي الشركات التي ستقوم بعمليات التطوير والاستثمار.
ويعد "باب العزب" واحدا من أهم الآثار المصرية الإسلامية، فهو بجانب كونه الأثر الأفخم والأكبر من حيث البناء، فإنه كان شاهدا على مذبحة القلعة التي نفذها محمد علي باشا ضد المماليك، كما أنه يطل على منطقة آثرية هامة تضم (باب العزب، وجامع أحمد كتخدا العزب، وبقايا القصر الأبلق، وبرج الرفرف، وترسانة القلعة، وقبة الأربعين، ودار ضرب النقود في عصر برقوق، والأسوار، وبقايا المباني التي كانت عامرة أيام باب العزب، مثل مصنع الملابس الخاص بالجيش في عهد الخديوي إسماعيل).
اقرأ أيضا: في 2019.. خطوات خطاها جيش مصر لتوسيع سطوته على الاقتصاد
رشوة جديدة
وأكد عضو البرلمان المصري السابق، عزب مصطفى لـ "عربي21"، أن البرلمان المصري، سبق وأن رفض مشروعا مماثلا طرحه وزير الثقافة وقتها فاروق حسني، والذي كان بمثابة رشوة واضحة لمستثمرين إيطاليين، من أجل انتخابه أمينا عاما لمنظمة اليونسكو، إلا أن اللجان التي شكلها البرلمان وقتها رأت في المشروع تدميرا للمنطقة الأثرية، وتحويلها لمجموعة من الفنادق والمطاعم.
وأضاف مصطفى، الذي كان عضوا بالبرلمان الذي رفض المشروع في المرة الأولى قائلا: "يبدو أن المشروع يتجدد مرة أخرى، ورغم أن الصندوق السيادي هو الذي يتصدر المشهد، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون وراءه الإيطاليين مرة أخرى، وقد يكون المشروع برمته رشوة من السيسي لإيطاليا، لغلق موضوع مقتل الباحث الإيطالي جوليو روجيني، الذي قتلته المخابرات المصرية، وأعادت السلطات الإيطالية فتح التحقيقات فيه من جديد، وطالبت البرلمان الإيطالي، بالتدخل لتقديم المتهمين بقتله للمحاكمة".
وحسب مصطفى، فإن الصندوق السيادي الذي دشنه رئيس سلطة الإنقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي، لا يخضع للمساءلة والمراقبة، كما أن أعماله معفاة من الضرائب، وهو ما يثير الشكوك حول أهدافه، خاصة وأن السيسي الذي تنازل عن تيران وصنافير لصالح السعودية، ليس لديه مانع من بيع كل الأصول المصرية، مقابل أن يستمر الدعم الدولي والإقليمي لوجوده.
وحمل مصطفى حكومة الانقلاب العسكري، مسؤولية الحفاظ على الأصول والممتلكات المصرية، وخاصة التي تمثل جزءا من تاريخ مصر، وأن الانطلاق من فشل الوزارات المعنية في إدارة هذه الممتلكات والآثار، ليس مبررا على الإطلاق أن يكون مدخلا لبيع الآثار المصرية، تحت شعار التطوير والتنمية.
اقرأ أيضا: هل يضحي السيسي بالجيش لجذب الاستثمارات ؟ خبراء يجيبون
التفاف على القانون
واتفق الباحث المختص بشؤون الآثار محمد المطراوي لـ"عربي21"، مع الرأي السابق بـأن مشروع تطوير باب العزب، ليس جديدا، حيث سبق طرح الموضوع من خلال وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسني، وكانت رشوة للمستثمرين الأجانب، من أجل دعمه في انتخابات منظمة اليونسكو، ولكن عددا من المثقفين وعلماء الأثار تصدوا للمشروع، وتم غلقه وقتها بتدخل من رئاسة الجمهورية.
وقال المطراوي، إن منطقة باب العزب، تعاني من الإهمال، مثل معظم الآثار المصرية، لكن مشروع التطوير المطروح للمنطقة، يحمل الكثير من الغموض، كما أن إبرام العقد لمدة 49 عاما، هو التفاف حول القانون، الذي يجرم ويمنع بيع الآثار المصرية، وبالتالي فإن طرح حق استغلاله لهذه المدة، أشبه بحق امتياز قناة السويس، الذي قدمه سعيد باشا لديليسبس.
وأشار الباحث الأثري، إلى أن الموضوع لو كان متعلقا بالتطوير، كان يمكن الاستفادة من برامج التمويل الدولية التي تقدمها الهيئات المانحة المهتمة بمثل هذه المشروعات، وكان يمكن إسناد عملية التطوير لمختصين مصريين، كما جرى في تطوير شارع المعز لدين الله.
وتابع: "إذا كان الهدف من المشروع إعادة تطوير المنطقة، مع الحفاظ على طابعها الأثري، وعدم هدم المنشآت الموجودة بحجة أنها متهالكة، لإقامة منشآت سياحية أخري مكانها، والالتزام بالضوابط التي وضعتها منظمة اليونسكو في الحفاظ على الآثار، فإنه في هذه الحالة يكون الهدف وطني، ولكن إذا تم تحويل المنطقة الهامة والحيوية، لمجموعة من الفنادق والمطاعم، بحجة الجذب السياحي فإنها سوف تكون مؤامرة واضحة على الآثار المصرية من مختلف العصور".