فرض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نفسه بقوة على المشهد الليبي، بعد حالة
التقارب الكبيرة مع حكومة الوفاق، وتوقيع اتفاقية أمنية وبحرية معها، وتصريحاته باستعداد
بلاده دعم الحكومة بقوات على الأرض، وتحركاته دوليا لإقناع بعض الأطراف بالتخلي عن دعم
اللواء المتقاعد، خليفة
حفتر.
وأكد أردوغان أنه سيتواصل مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لبحث الملف الليبي،
ومناقشة موضوع دعم موسكو لقوات حفتر في مواجهة قوات الحكومة المعترف بها دوليا، ومنع
تحول هذه الدولة إلى "سوريا جديدة".
"تطبيع
الوضع"
وبالفعل، أجرى الرئيس التركي اتصالا هاتفيا مع بوتين، تناولا فيه التطورات في
ليبيا، وتوصلا إلى ضرورة تسوية الأزمة، وأعربا "عن قلقهما إزاء الاشتباكات في محيط
العاصمة طرابلس، مؤكدين أن وقف إطلاق النار العاجل واستئناف محادثات السلام بين الليبيين،
سيسهم في تطبيع الوضع"، وفق المتحدث باسم الكرملين.
ووجهت اتهامات مؤخرا لروسيا بدعم الجنرال الليبي المناوئ للحكومة بمرتزقة
تتبع شركة خاصة، وسط مطالبة رسمية من قبل الحكومة بالتحقيق في الأمر، وهجوم من الحكومة
على النفوذ الروسي في ليبيا، ومطالبة أمريكا بلعب دور لمنع ذلك.
وجاءت تحركات أردوغان تجاه موسكو لتطرح بعض التساؤلات عن قدرة أنقرة في إقناع
بوتين بالتخلي عن حفتر ومشروعه، وما المقابل حال حدث ذلك.
"قوة
تركيا الآن"
الناشطة الليبية نور عمر أوضحت أن "ما يقوم به الرئيس التركي الآن هو
عملية سياسية، هدفها استمالة الطرف الروسي للتخلي عن حفتر، مقابل الحصول على حصة اقتصادية
كبيرة في إعادة الإعمار بالاتفاق مع الحكومة الليبية، وأن أنقرة ستنجح في ذلك".
وتوقعت عبر تصريح لـ"عربي21" أن "نجاح أنقرة في إقناع
روسيا
فعليا بالتخلي عن الجنرال الليبي سيقابله تحقيق
مصالح تركية روسية في المنطقة، وبخصوص حلفاء حفتر فإن مصر سترفض الزج بنفسها في دوامة سياسية، خاصة أن حليفها لم يحقق حسما على
الأرض، أما الإمارات فهي لا تنوي معاداة تركيا الآن، وبخصوص أمريكا" فهي تريد الاستقرار في ليبيا دون الدخول في التفاصيل".
"موقف
تركي ضعيف"
بدوره، قال الإعلامي من الشرق الليبي، عاطف الأطرش، إن "العلاقات التركية
الروسية علاقات متقاطعة في بعض النواحي، لكن تركيا لا تملك ورقة مفاوضات تضغط بها على
روسيا لتغيير موقفها في ليبيا، ووقف دعمها لحفتر".
وأضاف: "لا يخفى على أحد الاستعجال التركي بخصوص الملف الاقتصادي في ليبيا بين مسألة الاستثمارات وترسيم الحدود البحرية، وهذا يجعلها في موقف أضعف أمام
محادثاتها مع روسيا بخصوص الملف الليبي، لذا لا يعول كثيرا على التأثير التركي على
قرار روسيا في ليبيا، لكن لا أستبعد الوصول إلى نقطة تلاقي بين الطرفين لحلحلة الأمور
هناك"، كما صرح لـ"عربي21".
"مصالح
مشتركة"
وأشار الناشط السياسي الليبي موسى تيهو ساي إلى أن "مصالح روسيا مع أنقرة
أكبر بكثير من حفتر الذي لا يمثل شيئا مقابل
المصالح الروسية التركية، خاصة في سوريا والشرق الأوسط بشكل عام، خاصة أن تركيا تعتبر
اللاعب الوحيد في المنطقة الذي يمكن أن يضمن مصالح موسكو".
وتابع لـ"عربي21": "في ليبيا يمكن لحكومة الوفاق ضمان حصة
كبيرة لروسيا في إعادة الإعمار إن هي ساعدت في الاستقرار وسحب مرتزقة فاغنر، وفي هذا
الإطار سمحت حكومة الوفاق بإعادة استئناف عمل شركة "تات نفط" الروسية في ليبيا قبل يومين، في حين لا يستطيع حفتر تحقيق ذلك للروس"، وفق كلامه.
"بحث
عن مخرج"
من جانبه، قال عضو برلمان طبرق الليبي، صالح فحيمة، إن "تركيا باتت هي
الذراع الدبلوماسية والصوت المعبر في المحافل الدولية عن آراء حكومة الوفاق، وإذا ما
سلمنا جدلا بأن كل الجهود التي تبذلها أنقرة تصب في هذا الاتجاه، وإذا ما نظرنا من هذه
الزاوية إلى محادثة "أردوغان وبوتين"، سوف نرى أن هذا المطلب هو في الأساس
طلب حكومة السراج".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "وإذا ما دققنا أكثر فسيقودنا
ذلك إلى أن تلك الحكومة قد أصبحت تعلم جيدا بأن مسألة دخول "الجيش" إلى طرابلس
هي مسألة وقت، وبالتالي فهي تحاول أن تجد مخرجا من خلال الدبلوماسية التركية"،
كما رأى.
اقرأ أيضا: هل تطلب "الوفاق" الليبية قوات عسكرية تركية.. وما أثر ذلك؟