هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قصة ترويها ابنة البطلة، وتكشف سرها في أول دقيقة من الفيلم، قصة أم أحبت ذئبا أو "مستذئبا" كما يحب البشر أن يصفوه، وتكشف الفتاة كما يكشف غلاف الفيلم عن نصف القصة، قصة عائلة من أم وذئب وطفلين، كما يكشف اسم الفيلم بعضا منه، فالقصة هي قصة "أبناء الذئب" وليست قصته، ولا قصة زوجته، وإن كنت ستبكي لحالها ربما.
الفيلم من إخراج
الياباني مامورو هوسودا، الفنان الذي كان يرسم بالزيت، قبل أن يدخل مجال الإخراج،
فأخرج وأبدع، وحصد جوائز عالمية ومحلية.
شاهدته على متن طائرة وصلت إلى وجهتها قبل انتصاف الفيلم، في يوم من أيام الشتاء الكئيبة، فاجتمعت كآبة الشتاء مع قصة الفيلم الحزينة، وما أن وصلت المنزل حتى بحثت عن الفيلم وأكلمت نصفه الثاني.
ذئب بهيئة إنسان، يعيش
في المدينة ويتجول فيها، بل ويرتاد الجامعة التي ترتادها "هانا" بطلة
الفيلم لكنه ليس طالبا، بل يحضر ضيفا بلا اسم ولا هوية، ويبقى كذلك في الفيلم،
اسمه "الذئب"، الذئب فقط.
أما "هانا"
فولدت في الربيع، وأعطاها أبوها اسما جميلا، ووصية، بأن تظل مبتسمة مهما حصل،
فابتسمت يوم وفاته وكانت "حمقاء" كما تصف نفسها، ربما لأن وفاته لم تكن
هي أسوأ ما سيحصل في حياتها، فاستعجلت الابتسام.
لم يكن للذئب اسم في الفيلم، ولكن مهما كان اسمه، فلن يكون أقوى دلالة أو معنى من كونه ذئبا.
يصبح الذئب أبا لعائلة، كان يكفيه عمله سائقا لإطعام نفسه، لكنه أصبح يصطاد في الليل ليكفي أهله، وابنة صغيرة ولدت حديثا.
تسأل الأم: "ماذا
ستصبح حين تكبر؟"، يجيب الذئب: "ستصبح ما تريد، أريدها أن تختار بنفسها
حين تكبر"، يختار لنا الآخرون أحيانا ما نكون، لكن هذا ليس بالضرورة ما نريد.
اقرأ أيضا: "Spirited Away".. حين تودي بنا شهواتنا وننسى أسماءنا
يولد الطفل الثاني "آمي" سريعا، لكنه لا يعرف الكثير عن والده، فقد خرج ليصطاد ويسقط ميتا، ويوضع في كيس دون أن تستطيع الأم توديعه أو منعهم من أخذ "ذئبها"، لتنتهي بذلك الأيام الجميلة التي كانت تحلم بها "هانا".
تبكي
"هانا".. وتبتسم، تترك عملها لتعتني بطفلين، ليسوا كأي طفلين، ذئبين
صغيرين لديهما مشكلة في الاختيار، ماذا نريد أن نكون؟
تنتقل الأم إلى
الجبال، لكي تستطيع أن تمنح طفليها مساحة أوسع للحياة، فهناك يمكنهما أن يكونا
ذئابا وقتما أرادا، ومن بني البشر وقتما يشاءان.
تقع "يوكي"
في حب حياة الذئاب، تتحول إلى ذئبة متى تشاء، إذا فرحت، أو إذا غضبت، بينما
"آمي" الخجول يخاف من أن يصبح ذئبا، لأنه مكروه عند بني البشر.
تنتقل
"هانا" من فشل لآخر، تفشل.. وتبتسم، فيخبرها عجوز في القرية أن عليها
الكف عن الابتسام، وأنها لن تنجح طالما بقيت هذه الابتسامة على وجهها، فهل كانت
نصيحة والدها خاطئة؟.. ربما.
يكبر الأطفال، وتكبر
الذئاب في داخلهم، ولا تستطيع الأم مجاراتهم.
يكبر الذئب في داخل
"آمي"، وتكبر الإنسانة في داخل "يوكي"، يجد الذئب نفسه في
البرية، وتشق الإنسانة طريقها بين البشر.
تحاول "يوكي"
كبت الذئب في داخلها، ويحاول "آمي" إطلاق العنان له.
علمتها أمها
"تعويذة" قادرة على أن تخفي الذئب في داخلها عن أعين الناس، لكنها لا
تعمل أحيانا، فمهما حاولنا، فإننا لا نستطيع أن نخفي حقيقتنا.
يعلن "آمي"
صراحة أنه يريد أن يكون ذئبا، بينما تعلنها "يوكي" أنها إنسانة، وإن
أخاها عليه أن يكون إنسانا أيضا، لكنهما يتشاجران كالذئاب.
يبدأ الطفل الذي أراد
وهو صغير أن يخفي الذئب في داخله بارتياد الجبال أكثر فأكثر، فتخاف الأم وترجوه
ألا يصعد إلى هناك فهي في نهاية الأمر لا تريد أن تخسر "ذئبا" آخر.
تريد أن تحمي
"آمي" من نفسه، لكن الذئب الناضج في داخل الطفل الصغير يريد أن يشق
طريقه لوحده، فيصعد إلى الجبال، فتبكي "هانا".. وتبتسم.
تنتهي دقائق الفيلم الـ180 سريعا، حتى قبل أن تدرك ذلك، يذهب "الذئب" إلى الجبل، وتعيش "الإنسانة" بين البشر، وتجلس "هانا" التي هربت من المدينة لتربية ذئابها في بيتها الجبلي سعيدة، وتزداد سعادتها كلما سمعت "ذئبا" يعوي.
تفرقنا الحياة رغما
عنا، وتكبر حقيقتنا في داخلنا مهما حاولنا كبتها، وفي النهاية علينا أن نكون ما
نريد، لا ما يريد الآخرون.