فنّد حقوقيون ونشطاء سياسيون توسع القضاء
المصري في استخدام
التدابير الاحترازية
كعقوبة على النشطاء السياسيين والحقوقيين المعارضين؛ بهدف منعهم من إبداء آرائهم، وتكبيل
نشاطهم.
وأكد نشطاء سابقون أفرج عنهم بتدابير احترازية لـ"عربي21" أن
النظام يتعمد وضع النشطاء السياسيين أو الحقوقيين تحت ضغوط غير قانونية أو إنسانية، سواء خلال حبسهم أو بعد الإفراج عنهم.
وطالبوا بضرورة إلغاء الحبس الاحتياطي الذي يمتد لسنوات، الذي توسع القضاء
المصري في تنفيذه بعد تعديل قانون الإجراءات الجنائية في 2013 بلا قيد أو شرط، وإسقاط
التدابير الاحترازية.
ونددوا بالتدابير الاحترازية والتوسع في استخدامها؛ لأنها لا تليق إلا
بالمجرمين؛ بهدف منعهم من تكرار جريمتهم، وتحولها إلى سيف مسلط على رقابهم يجعلهم مهددين
بالحبس طوال الوقت.
وتفرج السلطات المصرية عن بعض المعارضين المحبوسين على ذمة العديد من
القضايا من وقت لآخر بعد اكتظاظ السجون ومراكز الاحتجاز، واستبدالهم معارضين آخرين بهم،
ولكن بتدابير احترازية.
وتنقسم التدابير الاحترازية إلى ثلاثة أنواع؛ الأول إخلاء سبيل المتهم، مع إجباره على عدم مغادرة منزله، أو إلزام المتهم بقضاء وقت محدد في قسم الشرطة. أما
النوع الثالث، فيتضمن حظر الذهاب لأماكن معينة، أو حظر مغادرة المدينة إلا بإذن قضائي
مسبق.
"تعليمات أمنية ..فوق قانون"
يقول المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن عاطف، أحد الأوائل الذين طبقت
عليهم عقوبة التدابير الاحترازية: "هذه التدابير عقوبة؛ لأنها سالبة للحريات،
وهي تقييد خارج نطاق الزنزانة، وكانت تستخدم في الماضي مع المجرمين ومروجي المخدرات
وليس السياسيين ومروجي الوعي".
وقال لـ"عربي21": "مارست معي السلطات هذا التضييق في عام
2016 من جانبين؛ المدة الزمنية، حيث كنت أقضي النهار في قسم الشرطة، والليل بالمنزل، وإساءة استخدام التدابير الاحترازية. فعندما تسلمت
حكما لتخفيف التدبير وأعطيته لقسم الشرطة، قام
باحتجازي فور دخولي، واتهمني بكسر التدابير المفروضة على شخصي".
وسخر قائلا: "إذا توافق يوم التدابير الاحترازية مع يوم انعقاد جلسة
التدابير مع اختلاف محل المحكمة عن محل السكن، فإما أن تحضر التدابير ولا تحضر الجلسة، فسيتم سجنك باعتبارك هاربا، وإذا حضرت الجلسة ولم تحضر التدابير سيتم احتجازك بقسم
الشرطة لكسر التدابير".
وأوضح الناشط الحقوقي أن "
الانتهاكات لم تتوقف على التدابير الاحترازية
والحبس الاحتياطي، بل تمتد للتغريب والحبس الانفرادي، والمنع من الزيارة والعلاج، ما يعني الحكم بإعدام متهم لم
يحاكم أصلا، وصادر بحقه حكما بالسجن، فيتحول إلى قتل متعمد".
"انهيار منظومة
العدالة"
هاجمت الناشطة السياسية والحقوقية في حركة 6 أبريل، سوسن غريب، التدابير
الاحترازية، قائلة: "التدابير الاحترازية في الأصل مخالفة للقانون؛ لأنها تطبق
فقط على المسجلين خطر، والمتهمين في القضايا الجنائية مثل المخدرات، والقتل.. الخ".
وأضافت في تصريحات لـ"عربي21": "نظام السيسي وقضاؤه أصبحا
يستخدمان عقوبة التدابير الاحترازية، وهي الاسم المرداف لكلمة المراقبة وقضاء وقت بالحجز، بما يخالف القانون الذي أفرج عن المعتقلين السياسيين أو انتهت عقوبتهم".
وحذرت من آثار الحبس الاحتياطي والتدابير الاحترازية على المرضى الذين
يحتاجون إلى متابعة دورية بالمستشفى أو عند الطبيب، قائلة: "شهدنا موت حالات في
الحبس الاحتياطي، وفي حالة مرض المفرج عنه الذي يطبق عليه التدابير الاحترازية تزيد
حالته الصحية سوءا".