نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا، تتساءل فيه عن الكيفية التي تعرضت فيها
السعودية لهجمات أصابت الإنتاج السعودي من النفط، وخفضته بنسبة النصف.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المتمردين الحوثيين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجمات، لافتا إلى أنه من غير المعلوم إن كان الضرر قصير الأمد أم أن من السهل احتواؤه، وفيما إن كان سيترك أثره على الاقتصاد العالمي، أم أنه سيقود إلى تصعيد التوتر في المنطقة.
وترى المجلة أن الضربة المتعددة على منشأة
بقيق جعلت من الكابوس الذي خشي منه المخططون الغربيون والسعوديون يتحول إلى حقيقة، لافتة إلى أن السعودية قررت وقف إنتاج 5 ملايين برميل نفط في اليوم، فيما يتوقع أن يصدر تقرير عن مدى الضرر الذي تسببت به الغارات في الأسبوع المقبل.
ويلفت التقرير إلى أن مسؤولا سعوديا نقلت عنه وكالة أنباء "رويترز"، قوله إن عملية إصلاح الضرر تحتاج إلى وقت طويل، مشيرا إلى أن الهجمات الأخيرة تأتي في أعقاب ما يقوم به
الحوثيون من استهداف للمنشآت النفطية والمطارات في السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وتتساءل المجلة عن دور
إيران في الهجمات، قائلة إن ما هو واضح أن قدرات الحوثيين في استخدام الطائرات المسيرة في الهجمات طويلة المدى قد زادت بشكل كبير خلال العام الماضي، بحسب فارع المسلمي من معهد صنعاء للدراسات الاستراتيجية، الذي يقول إن الطائرات المسيرة الرخيصة تمكن الجهات غير الحكومية من اختراق الدول ذات الأنظمة الدفاعية المتقدمة، لكن المسؤولين الأمريكيين ليس لديهم أي شك في الجهة التي تقف وراء الهجمات الأخيرة للحوثيين، كما هو الحال في الماضي.
وينوه التقرير إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو سارع إلى اتهام إيران بالوقوف وراء الهجمات، التي قال إنها تعد هجوما على سوق الطاقة العالمي، مشيرا إلى أنه مثل الكثير من الخبراء الأمنيين، فإن بومبيو رفض الفكرة القائلة إن الحوثيين لديهم القدرة على تطوير التكنولوجيا من أجل إطلاقها عبر الحدود اليمنية إلى السعودية، وقال في تغريدة: "لا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن".
وتفيد المجلة بأنه بعد أن توصل المسؤولون في هجمات أيار/ مايو إلى أن الصواريخ انطلقت من العراق، فإن هناك من قال إن الهجمات الأخيرة جاءت من جماعات شيعية موالية لإيران في العراق، إلا أن الحكومة العراقية نفت هذا الأمر يوم الأحد.
ويذكر التقرير أن الحكومة الإيرانية رفضت الاتهامات الأمريكية، ووصفتها بأنها لا معنى لها، فيما هدد الحرس الثوري باستهداف الأرصدة الأمريكية في المنطقة، مشيرا إلى أن إيران تعرضت لصعوبات اقتصادية بسبب الضغط الأمريكي على النفط الإيراني، الذي قلل من مستوى الإنتاج من 2.5 مليون برميل إلى لا شيء تقريبا.
وترى المجلة أن "ضرب مركز الطاقة العالمي تطور مهم، لأن أسعار النفط سترتفع بشكل نسبي، في حين أنه من غير الواضح مدى الضرر الذي ستتركه الضربات على الإمدادات العالمية، خاصة أن هناك عددا قليلا من الدول التي لديها القدرة على تعويض النقص الناجم عن توقف الإنتاج السعودي، وأشار مسؤولون سعوديون إلى أن بلادهم قد تستخدم الاحتياطي لتعويض النقص، فيما قال بومبيو إن الولايات المتحدة ستتأكد من استمرار الإمدادات للنفط".
ويورد التقرير نقلا عن المؤسس المشارك في شركة استشارات "إنيرجي أسبكتس"، ريتشارد مالينسون، قوله: "لو استمرت حالة التوقف في الإمدادات فإن التداعيات على أسواق الخام ستكون ضخمة".
وتشير المجلة إلى أن السبب الثاني هو أن الهجوم على بقيق أعاد المخاوف الجيوسياسية للسوق النفطية، التي تجاهلت طوال السنوات الماضية المخاطر على البنى التحتية، وركزت بدلا من ذلك على النمو الاقتصادي والحروب التجارية.
ويستدرك التقرير بأن تعرض البنى التحتية للطاقة، التي تخضع لحراسة أمنية مشددة، للهجوم، يكشف عن عرضتها للخطر، مشيرا إلى أنه في حال عودة المخاوف على البنى التحتية، كما في الماضي، فإن هناك ما يثير القلق في ظل التهديد الإيراني بالحرب من مضيق هرمز إلى النزاع في ليبيا والهجمات الأخيرة بالطائرات المسيرة، ما سيزيد في أسعار النفط، ويمكن أن يؤدي هذا إلى وقف النمو الاقتصادي في ظل زيادة القلق من الحروب التجارية وبطء التصنيع.
وتقول المجلة إن الهجمات بددت أي أمل بالتقارب بين إيران والولايات المتحدة، في ظل الحديث عن إمكانية لقاء بين الرئيس دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني، مشيرة إلى أن هذه الهجمات تقتل أي أمل بقبول أمريكا الخطة الفرنسية، التي تمنح الإيرانيين تخفيفا من العقوبات مقابل البقاء في الاتفاقية النووية التي خرج منها ترامب العام الماضي.
ويبين التقرير أنه في الوقت الذي تردد فيه ترامب في استخدام القوة في الصيف، وألغى هجوما على إيران بعد إسقاط طائرة أمريكية مسيرة، إلا أن بومبيو أكد يوم السبت أن أمريكا ستتأكد من محاسبة إيران، مشيرا إلى قول مسؤول دفاعي إن المسؤولين اجتمعوا يوم الأحد لمناقشة الخيارات، و"الخيارات كلها مطروحة على الطاولة".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن محللين يتوقعون ردا سعوديا على هجمات بقيق، مثل تشديد الغارات على الحوثيين، أو القيام بعمليات سرية ضد إيران، لافتة إلى قول المسلمي: "إننا دخلنا مستوى جديدا من المواجهة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)