هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يحرص الفلسطيني المقدسي منذر حمادة على اصطحاب أطفاله لتأدية صلاة العيد في المسجد الأقصى المبارك من كل عام، ليبدأوا يومهم الجميل وينطلقوا بعدها لزيارة الأقارب، ولكن هذه المرة كانت الصورة قاتمة حين أجهضت مجموعات المستوطنين وقوات الاحتلال فرحة العيد باقتحامها للمسجد والاعتداء على كل من فيه بحجة حلول ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل" المزعوم.
ولم يكد حمادة ينهي صلاة العيد ويهنئ المتواجدين في الأقصى، حتى بدأ اقتحام شرطة الاحتلال العنيف والهجوم على المصلين، حيث تعرض للضرب المبرح كالعشرات غيره ممن حاولوا الدفاع عن مسجدهم في وجه الاقتحامات.
ويقول لـ"عربي21" بأنه كان كما في كل عيد يتواجد في المسجد ولكنه تفاجأ بالكثير من عناصر شرطة الاحتلال يهاجمون المصلين وحتى الأطفال والنساء من بينهم، وحين حاول الدفاع عن إحدى السيدات تم الاعتداء عليه بالضرب.
ويضيف: "لم أكد أدفع الجندي عن إحدى النساء حتى انهال علي خمسة آخرون منهم بالضرب بأعقاب البنادق حتى أصبت برضوض في الكتف، وبعد ذلك حاول الجنود اعتقالي ولكنني نجحت في التواري عن أنظارهم رغم إصابتي ووجدتهم انشغلوا بضرب مصلين آخرين".
ويرى حمادة بأن الاحتلال انتهك حتى فرحة العيد بالنسبة للأطفال الذين كانوا يرتدون ملابس جديدة وفرحين باستقبال عيدهم، ولكن ما حدث بعد ذلك أشبه بالمجزرة فتحولت الضحكات إلى دموع والابتسامات إلى صراخ وبكاء.
أما المصور الصحفي محمد قاروط ادكيدك فيقول، إنه يتواجد دائما في المسجد الأقصى حتى دون وجود مناسبة، فهو تربى في القدس التي تحتضن المسجد وأركانه واعتاد على زيارته دائما، وحين سمع بإمكانية اقتحام الأقصى صبيحة يوم العيد أصر على التواجد فيه.
اقرأ أيضا: الفلسطينيون يتذكرون "البراق".. أول ثورة ضد تهويد القدس
ويتابع لـ"عربي21": "كنت أوثق الأحداث في المسجد وأقوم بعملي الصحفي وألتقط الصور للمصلين الفرحين باستقبال العيد، وفي الساعة العاشرة اقتحم بعض ضباط المخابرات وعناصر شرطة الاحتلال المسجد لتقييم الوضع فبدأ المصلون بالتجمع والتكبير، ثم بعد نصف ساعة بدأ الاقتحام من قبل المستوطنين بحماية أضعافهم من عناصر الشرطة الذين كانوا متأهبين وهاجموا المصلين دون سبب".
ويوضح ادكيدك بأنه كان يسير في طريقه قرب صنابير المياه فقام أحد الجنود دون مبرر بدفعه على الأرض ما أدى إلى إصابته برضوض، بينما سجلت عشرات الإصابات يومها في ظل تأهب شرطة الاحتلال ومحاولتها فرض صورة جديدة على واقع الأقصى.
وبعد يوم واحد فقط من هذا الاقتحام، شدد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "جلعاد أردان" على ضرورة تقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المستوطنين والفلسطينيين، حيث لاقت تصريحاته ردود فعل واسعة في الأوساط الفلسطينية وخاصة دائرة الأوقاف الإسلامية التي تدير شؤونه.
وحمّل مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني الاحتلال مسؤولية التصريحات التي تصدر عن قادته حول نوايا تقسيم المسجد، معتبرا أن ذلك يوضع في إطار الاستهانة بالوصاية عليه والتعدي على التفاهمات المتعارف عليها دوليا وعالميا.
ويوضح في حديث لـ"عربي21" بأن هذه التصريحات تبين النية المبيتة تجاه الأقصى من قبل الاحتلال الذي يريد فرض أمر واقع في الأقصى، مبينا بأن التصريحات مردود عليها وهي مخالفة لكل القوانين الدولية.
ويضيف: "الاحتلال مهما صدرت عنه من تصريحات فإن ذلك يزيد من صمود الفلسطينيين وتمسكنا بالأقصى الذي وصايته إسلامية فقط، ونحن نقوم بواجبنا ولن تثنينا عنه مثل هذه المحاولات والأعمال الاستفزازية التي يقوم بها الاحتلال، فواجبنا رعاية وإدارة شؤون المسجد وإذا تعدى الاحتلال حدوده فهو يتحمل مسؤولية ما يحدث".
ويعتبر الكسواني بأن هذه التصرفات التي يقوم بها المستوطنون باقتحام المسجد الأقصى والدعوة إلى اقتحامه في تواريخ محددة هي مدعومة من أعلى الهرم الإسرائيلي، حيث يشارك رئيس حكومة الاحتلال في دعمها وشرطة الاحتلال كذلك التي تقمع المصلين وتحرس المستوطنين.
ويشير إلى أن كل الأذرع الإسرائيلية لها دور في فرض واقع على المسجد الأقصى المبارك، داعيا إلى ضرورة تحرك عربي وإسلامي من أجل دعم موقف دائرة الأوقاف الإسلامية الرافض لفرض واقع جديد في المسجد.
اقرأ أيضا: تحذيرات من تفجر الأوضاع بالأقصى نتيجة اعتداءات الاحتلال
ويتابع: "حماية الأقصى ليس واجب الأوقاف ولا الشعب الفلسطيني فقط وإنما مسؤولية الأمة ككل والتي يجب أن تستمر في دفاعها عن شرف الأمة وأن تأخذ مسؤولياتها تجاه الأقصى وانتهاكات قوات الاحتلال وأن تحاكمه على هذه الانتهاكات".
ويشير إلى أن الاحتلال يسعى في كل مرة أن يجعل القضية دينية بحتة، مشددا على ضرورة أن تؤخذ تلك التصريحات على محمل الجد.
وبحسب دائرة الأوقاف فإن اقتحامات المستوطنين للمسجد بدأت عام عبر باب المغاربة الذي يسيطر الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال الشطر الشرقي للمدينة عام 1967.
يذكر أن اقتحامات المستوطنين للأقصى تستمر من يوم الأحد وحتى الخميس في كل أسبوع ما عدا الأعياد الإسلامية والعشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، أما جولاتهم فتبدأ من باب المغاربة الأقرب إلى حائط البراق الذي يسيطر عليه الاحتلال ويحول اسمه إلى "حائط المبكى"، ثم تستكمل مرورا بمحاذاة المسجد القبلي والسير باتجاه السور الشرقي والوقوف مقابل باب الرحمة والذي تتم أمامه بعض الصلوات الصامتة أو العلنية وهي التي يتصدى لها حراس المسجد ويمنعونها.
وتستمر جولة الاقتحام بمحاذاة السور الشمالي للمسجد حتى الوصول إلى باب القطانين ثم يغادرون المسجد عبر باب السلسلة.
أما أبرز المنظمات الاستيطانية التي تدعو إلى اقتحام المسجد الأقصى وتتصدر ذلك هي جماعة "أمناء جبل الهيكل" التي تأسست عام 1967 والتي تهدف إلى إقامة ما يسمى بالهيكل مكان المسجد الأقصى المبارك، وتنضوي تحت إطارها عدة تجمعات للمستوطنين تدعو لاقتحام الأقصى وإقامة الصلوات التلمودية فيه علناً.