نشر موقع "
تيك كرانش" الأمريكي تقريرا تحدث
فيه عن
الحرب الإلكترونية القائمة بين
روسيا والولايات المتحدة، حيث أصبحت الهجمات
الإلكترونية الروسية الأمريكية أكثر عدوانية وعدائية بعد تنامي الهجمات
التي تستهدف
البنية التحتية الأساسية وخاصة شبكات الكهرباء.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"،
إنه قد أُعلن عن بداية هذا الصراع العنيف في الشهر الماضي، عندما أبلغت صحيفة
"نيويورك تايمز" عن اتباع القيادة الإلكترونيّة الأمريكية لنهج أكثر
عدوانية وعدائية في استهداف شبكة الطاقة الكهربائية الروسية.
وذكر الموقع أن هذا التقرير أثار شكوكا من طرف بعض
الخبراء وقوبل بالنفي من الإدارة، لكنّه دفع موسكو إلى التحذير من أن هذا النشاط يمثل
"تحديا مباشرا" ويتطلب الردّ. ونشرت مجلة "وايرد" في اليوم نفسه مقالا يشرح بالتفصيل الهجوم الإلكتروني المتنامي الذي تتعرّض له شبكات
الولايات المتحدة، من خلال برامج ضارة متطورة صادرة من مؤسسة أبحاث روسية.
وعلى الرغم من أن كلا الطرفين يستهدفان البنية الأساسية بعضهما لبعض منذ سنة 2012 على الأقل، وذلك وفقا لمقال نشرته مجلة
"تايمز"، إلا أن العدوان ونطاق توسّع هذه العمليات يشهد نسقا غير مسبوق.
وأفاد الموقع بأن واشنطن وموسكو تتشاركان العديد من أوجه
التشابه المتعلقة بالردع الإلكتروني. فعلى سبيل المثال، ينظر كل منهما إلى الآخر
على أنه خصم ذو قدرة عالية. وكذلك يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق إزاء قدرة
موسكو على نقل سلطتها الاستبدادية إلى الأوساط الأكاديمية الروسية والقطاع الخاص
والشبكات الإجرامية لتعزيز قدرتها السيبرانيّة.
ورغم أوجه التشابه التي يتشاركانها في مجال الاستهداف
الإلكتروني، مرّت كل من موسكو وواشنطن بمسارات مختلفة في تطوير القدرات والسياسات
الخاصة بالحرب الإلكترونية، ويعزى ذلك في جزء كبير منه إلى التفسيرات المختلفة
لكلا الطرفين للأحداث العالمية ومقدار الموارد المتاحة أمامهما.
وأشار الموقع إلى أن هناك فجوة في مجال استخدام العمليات
الإلكترونية والقدرة على إطلاقها تفصل بين كلا الإدارتين منذ ما يقارب 20 سنة. وفي
حين أن الولايات المتحدة قد فشلت في مواكبة القدرات الجديدة في مجال العمليات
الإلكترونيّة، خاصة داخل جيشها، فقد تفوّقت روسيا في استخدام العمليات الإلكترونية
ضد الخصوم المحتملين، على قدرتها. وبينما أبدت الولايات المتحدة استعدادا
متزايدا لشن عمليات ضد روسيا، عززت موسكو إلى حد ما من قدرتها العسكرية
الإلكترونية من خلال توسيع مبادرات التجنيد وتطوير البرمجيات الضارة.
ومع ذلك، لا يكمن خطر الردع السيبراني في إرادة كلا
الطرفين وقدراتهما المتقاربة فقط بقدر ما هو متجذر في سوء التفاهم المتبادل. فعلى
سبيل المثال، لدى السلطات السيبرانيّة في الكرملين وجهة نظر ثابتة، مفادها أن
الولايات المتحدة تسعى إلى تقويض مكانة روسيا العالمية في المجال الرقمي. كما أن هذه
السلطات قد أشارت إلى العمليات الإلكترونية الأمريكية التي كانت وراء الأحداث
العالمية غير الملائمة لأهداف السياسة الخارجية الروسيّة.
وأضاف الموقع أن واشنطن لا تبذل جهدا كبيرا لفهم مدى
تعقيد رؤية روسيا للحرب الإلكترونية والردع. إن مقارنة جهود روسيا سنة 2016
للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعمليّة سيبرانيّة أو سياسيّة شبيهة
"ببيرل هاربور"، تدلّ على أن المسؤولين الأمريكيين كانوا يجهلون الحقيقة
بسبب النهج الخاص الذي تتبعه موسكو في الحرب السيبرانية.
وفي هذا الصدد، أطلق المشغّلون العسكريون الروس ما يمكن
اعتباره حملة إلكترونية أكثر عدوانية قبل سنة من التدخل في الانتخابات الرئاسية،
عندما تظاهروا بأنهم "سايبركاليفاتس"، وهو فرع تابع لتنظيم الدولة ونشط
على الإنترنت، وهاجموا وسائل الإعلام الأمريكية وهددوا سلامة أزواج العسكريين
الأمريكيين.
ونوه الموقع بأنه على الرغم من النفوذ الجديد الذي تحظى
به القيادة الإلكترونيّة الأمريكيّة، إلا أن المخترقين في موسكو غير مقيدين نسبيا
بالحدود القانونية أو المعيارية، ولديهم قائمة أوسع بكثير من الوسائل والأساليب في
التنافس مع الولايات المتحدة. ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يمرّ نشاط الكرملين
دون أن يقابل بردّ، نظرا لأن تعطيل الولوج إلى الإنترنت والتهديد بتعتيم مناطق في
روسيا، من شأنه أن يعرّض بعض المعايير الهشة الموجودة في هذه المنافسة الإلكترونية
الثنائية للخطر، وربما تؤدي إلى توسيع نطاق استهداف المنشآت النووية.
وفي الختام، أكد الموقع أنه يمكن لواشنطن أن تحذو حذو
موسكو في إدراك أن هذا الصراع طويل الأمد، يتطلب حلولا مبتكرة ومدروسة بدلا من
الحلول الانعكاسية. كما أن زيادة التكاليف الدبلوماسية المخصّصة للعدوان السيبراني
الروسي، أو تعزيز الدفاعات الإلكترونية، أو حتى تعزيز قنوات التواصل الدبلوماسية
العسكرية سواء كان ذلك بشكل سريّ أو غير رسمي، يمكن أن يقدّم خيارات أفضل من
المقامرة بسلامة المدنيين الذين أقسمت قوات الطرفين على حمايتهم.