هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية
تقريرا قالت فيه إن إسرائيل وبعض الجماعات البريطانية التابعة لها، بذلت مساعي
محمومة خلال السنوات الماضية لوضع حد للحياة السياسية للزعيم السياسي البريطاني
لحزب العمال، جيريمي كوربين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن العديد من الأحداث والتطورات التي شهدتها الأسابيع
الماضية، تؤكد أن هذه الأطراف التي تلاحق كوربين، تسعى لتقويض الدعم الذي يحصل
عليه هذا الزعيم، والتصدي لتعاطف الأغلبية في حزب العمال مع القضية الفلسطينية.
وذكرت أنه لم يعد خفيا أن إسرائيل تريد القضاء
تماما على جيريمي كوربين بأسرع وقت ممكن، لذلك فإن العديد من الزعماء الإسرائيليين
والشخصيات البريطانية المرتبطة بهم، لم يتوقفوا عن مهاجمته وتوجيه الاتهامات له
بشكل يومي، وذلك بهدف تقويض صورته ومستقبله السياسي، على خلفية مساندته لمبدأ
إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في سنة 1967.
وأوردت الصحيفة أن الأسبوع المنقضي شهد وابلا
من الاتهامات الموجهة لكوربين ولحزبه بدعوى معاداته للسامية؛ وهي قضية تصدرت واجهة
الأحداث في كل من لندن وتل أبيب، فيما يتواصل هذا الجدل الذي بات يلقي بظلاله على
مستقبل قيادة حزب العمال.
وأشارت الصحيفة إلى أن شبكة "بي بي
سي" الإخبارية البريطانية بثت يوم الثلاثاء برنامجا حول ما أسمته
"معاداة السامية في حزب العمال". وقد سارعت إسرائيل بالركوب على الحدث،
حيث أن الوزير زئيف إلكين المقرب من نتنياهو، صرح قائلا: "أعتقد أن كوربين
أثبت أكثر من مرة أو مرتين أنه شخصية تكره دولة إسرائيل وتكره الشعب
اليهودي". كما أفادت نائبة وزير الخارجية تسيبي هوتوبلي، المنتمية لحزب
الليكود، بأن "ظاهرة معاداة السامية في هذا الحزب البريطاني باتت قضية خطيرة
جدا".
ولاحظت الصحيفة أن تصريحات المسؤولين
الإسرائيليين دائما ما تتجاهل تورط دولتهم في الاحتلال العسكري للضفة الغربية
وغزة، وتؤكد عدم اكتراثهم لكل الانتقادات الموجهة لهم بسبب سياسة الاحتلال
الممنهج، وحرصهم دائما بالرد عليها بأنها مجرد معاداة للسامية.
وأضافت الصحيفة أن الهجمة الإسرائيلية لم تقتصر
فقط على الأحزاب القومية، بل امتدت أيضا إلى حزب العمال الإسرائيلي، الذي أعلن في
العام الماضي القطيعة الرسمية مع جيريمي كوربين، متذرعا بـ "كراهيته المعلنة
لدولة إسرائيل". وخلال الأسابيع الماضية، أعلن هذا الحزب قطيعته مع حزب
العمال البريطاني بأكمله، "ما دام كوربين عضوا فيه".
إقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي يتوقع وصول كوربين لرئاسة الحكومة ويدافع عنه
في المقابل، اتخذ الكاتب البارز في صحيفة
"هاآرتس"، جدعون ليفي، موقفا معارضا لسياسة حكومة بلاده، واعتبر أن
"كوربين وقع ضحية لحملة ممنهجة ضده، موجها أصابع الاتهام إلى إسرائيل والعديد
من الجماعات البريطانية التابعة لها". كما حذر ليفي من أن كوربين يتم تصويره
على أنه "النسخة الثانية من أدولف هتلر، وأنه شخص نازي ومعادي للسامية".
وتوقع ليفي أنه في حال وصول كوربين إلى منصب رئاسة الوزراء، فإن العديد من الأمور
ستتغير في علاقته بفلسطين.
وأوضحت الصحيفة أن جيريمي كوربين عبر مؤخرا عن
دعمه لحل الدولتين من أجل إنهاء الصراع، وهو موقف كان إلى حد وقت قريب يحظى بإجماع
دولي كامل، إلا أن إسرائيل والولايات المتحدة تراجعتا عنه، بهدف فسح المجال أمام
ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما وقع سابقا مع مرتفعات الجولان السورية والقدس
الشرقية. وقد سبق أن عبّر كوربين عن موقفه المعارض لإسرائيل بكل وضوح، حين قال:
"نحن في حزب العمال سوف نعترف بدولة فلسطين حال فوزنا بالانتخابات".
وأشارت إلى أن صحيفة "الغارديان" تعد
واحدة من أبرز وسائل الإعلام البريطانية التي تلعب دورا رئيسيا في هذا الهجوم على
كوربين. وعلى الرغم من أنها مرتبطة بشكل غير رسمي بحزب العمال، إلا أنها تواصل
مهاجمة كوربين دون هوادة منذ سنوات. ويعتقد البعض أن هذا الأسلوب تقف وراءه كاثرين
فينر، التي أصبحت مسؤولة عن الصحيفة منذ سنة 2015، ويمكن ملاحظة موقفها المعادي
لكوربين في المقالات اليومية المنشورة.
وذكرت الصحيفة أن هذه "السيدة اليهودية"،
أقدمت خلال الأسبوع الماضي على ثلاثة تصرفات تؤكد هذا الموقف، حيث سمحت بنشر إعلان
موقع من ستين ممثلا عن حزب العمال يشككون في قيادة كوربين للحزب، ويتهمونه بمعاداة
السامية. كما منعت نشر دعاية موقعة من مئات المثقفين اليهود، من بينهم نعوم
تشومسكي، تدعم كوربين وتدافع عنه. وقامت أيضا بالتصدي لنشر رسم كاريكاتوري يهاجم
نتنياهو، ولم تقدم أي تفسير لموقفها.
وأشارت إلى أن عمليات التهجم على كوربين تسير
على قدم وساق، حيث ينتظر في بداية الأسبوع المقبل أن تقوم مجموعة من ممثلي حزب
العمال بعقد تصويت ضده بتهمة معاداة السامية، في حركة لن يكون لها أثر فعلي،
ولكنها تأتي في سياق تشويه صورة الرجل أكثر فأكثر، على الرغم من أنه تم انتخابه
كزعيم للحزب في مناسبتين متتاليتين وبأغلبية ساحقة، وتمكن حزب العمال في عهده من
زيادة قاعدته الانتخابية بشكل غير مسبوق منذ سنة 1945.