سياسة عربية

لماذا تفشل مصر في التعامل مع مشاهيرها؟.. "صلاح نموذجا"

الجماهير ووسائل الإعلام حاصروا محمد صلاح داخل منزله ومنعوه من أداء صلاة العيد- جيتي
الجماهير ووسائل الإعلام حاصروا محمد صلاح داخل منزله ومنعوه من أداء صلاة العيد- جيتي

لم يكن ما حدث مع لاعب المنتخب المصري محمد صلاح أثناء عطلة عيد الفطر الماضي عاديا، حيث حبست الجماهير ووسائل الإعلام صلاح داخل منزل أسرته بقرية نجريج بمحافظة الغربية (وسط الدلتا)، ومنعته من أداء صلاة العيد، ما طرح العديد من التساؤلات عن تعامل النظام المصري مع المشاهير الذين أثبتوا وجودهم بعيدا عن دعم النظام.

الخبراء والمختصون الذين رصدوا ما حدث مع صلاح، أكدوا أن ما جرى ليس حالة فردية، لشخصية شهيرة بمقدار صلاح، والذي كان يجب على السلطات المصرية أن تقوم بتوفير الحماية المطلوبة له، حيث تكرر نفس التعاطي بأشكال مختلفة مع شخصيات مصرية حققت نجاحات عالمية مثل العالم الراحل أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء.

ورغم أن المسؤولين باتحاد الكرة المصري، أعلنوا أنهم سيقومون بتخصيص فريق أمني مدرب لحراسة صلاح وزملائه المشاهير في المنتخب، أثناء تواجدهم ببطولة الأمم الأفريقية التي تنطلق بمصر بعد أيام، إلا أن متابعين لمعسكر المنتخب في الإسكندرية، نفوا حدوث وجود أي إجراءات توفر الحماية للاعبين.

وقد عبّر صلاح عن غضبه بتدوينة من خلال حسابه على موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"إنستغرام"، انتقد فيها فشله في أداء صلاة العيد، مؤكدا أن ما جرى ليس حبا لشخصه، ولكنه انتهاك لخصوصيته، وهو ما واجهته قوات الأمن المصرية بنشر أفرادها حول منزل أسرته، منعا لحدوث تجاوزات يمكن أن تجد لها مكانا في وسائل الإعلام العالمية التي تتابع صلاح بشكل دقيق.

 

اقرأ أيضا: كأس أفريقيا 2019.. تعرف على أغلى المنتخبات واللاعبين

تحت السيطرة

ويعلق الباحث في علم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي لـ"عربي21"، على ظاهرة تعاطي النظام المصري بشيء من الإهمال مع المشاهير، مؤكدا أن المشكلة ليست متعلقة بشخص صلاح، قبله أحمد زويل، وغيرهما من آلاف الشخصيات المصرية المميزة عالميا، وإنما في تعاطي الدولة مع أبنائها المميزين دوليا، وكأن الحكومة لا تعرف قدرهم أو أهميتهم، وما حققوه من إنجازات بعيدا عن عباءتها المحلية.

ويوضح المرصفاوي، أن التطورات التي طرأت على البيئة الفئوية للنظام الحاكم بمصر، تعد سببا رئيسا في عدم التقدير الرسمي لمثل هذه الشخصيات، فالقضية ليست في فرض حماية على لاعب بقيمة صلاح، وإنما في نظرة النظام الحاكم له باعتباره شخصية مؤثرة، يجب ألا تخرج عن السيطرة.

وحسب الخبير السياسي، فإن العالم المصري الراحل أحمد زويل، لم يخف شعوره من عدم التقدير من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة، وأنهم يستغلون مكانته العلمية العالمية في صناعة "بروبغندا" تخدم النظام ليس أكثر، بينما لم يتم الالتفات إلى علمه وما حققه من إنجازات كانت سببا في ثورة علمية بمجالات الطب والفضاء ومختلف العلوم الأخرى.

ويؤكد المرصفاوي أن تقدير الحكومة لزويل اقتصر على الجامعة التي تحمل اسمه بمدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة)، والتي اقتطعتها حكومة أحمد نظيف في عهد مبارك، من جامعة النيل التي كانت أول جامعة أهلية علمية، ما وضع الرجل في موقف محرج، وظهر أمام الرأي العام وكأنه أخذ حقا غير حقه.

 

اقرأ أيضا: صلاح يخرق "قانون الصيد" في البحر الأحمر

تجربة مؤلمة

ويوضح عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفى لـ"عربي21" جانبا آخر من تعامل النظم المصري مع طيورها المهاجرة في الخارج، مشيرا إلى برنامج قديم أقرته حكومة كمال الجنزوري ونفذته حكومة عاطف عبيد، ثم ألغته حكومة أحمد نظيف، وهو المشروع الإنمائي القومي للاستفادة من العقول المصرية بالخارج، والذي كان يهدف للاستفادة من خبرات علماء مصر البارزين، في مجالات الفلك والطب والهندسة والزراعة والإدارة والاقتصاد.

ويشير مصطفى إلى أن هذه الحكومات صدعتهم في البرلمان بخططها للاستفادة من العقول المصرية الرائدة، وعندما كان يتم مواجهة الحكومة بسوء معاملة هذه الشخصيات، ما يدفعها لترك مصر والعودة للدول التي نبغوا فيها، كان رد الحكومة صادما، بأن المشكلة لدى هذه الشخصيات لأنهم يريدون معاملتهم معاملة متميزة تختلف عن باقي الشعب المصري.

ويضيف مصطفى: "تبين أن هذا الكلام غير حقيقي، ولكن الحقيقة أن هؤلاء العلماء عانوا من البيروقراطية، والفساد، والمحسوبية، والرشوة، والصراعات السياسية بين الوزراء وكبار المسؤولين، ما جعلهم يفضلون في النهاية العودة للدول التي احترمت عطاءهم وتميزهم".

ووفق البرلماني السابق، فإن مصر لديها أكثر من 50 ألف عالم في مختلف المجالات منتشرين حول العالم، عدد كبير منهم ربما لم يزر مصر منذ سنوات، كما أن النظام لم يكن حريصا على دعوتهم في معظم المؤتمرات التي نظمها عن تنمية مصر، ولم يحتف بمن حضر لمصر منهم بالشكل اللائق، كما احتفى بالدكتور عبد العاطي صاحب فضيحة جهاز الكفتة لعلاج السرطان.

ويوضح مصطفى، أن المشكلة ليست في توفير حراسات لتأمين هذه الشخصيات أو تقديرهم بالشكل المطلوب، وإنما المشكلة في عقلية العسكر المصابين بجنون العظمة، والذين يرفضون أن ينافسهم غيرهم في الشهرة والجماهيرية، وهو ما يبرر ما حدث مع اللاعب محمد صلاح وغيره من أبناء مصر المتميزين في مختلف المجالات.

التعليقات (6)
فهمان فهمان
الأربعاء، 12-06-2019 04:15 م
الموضوع عام بكل الأنظمة الديكتاتورية من السيسي للاسد ينبغي ان تعبد الدكتاتور والا فحياتك تصبح جحيم !!! واذا ظن صلاح وغيره بان السيسي نسيه فهو واهم وشعبية صلاح المصرية والعربية والإسلامية لن تمضي للأسف هكذا على الديكتاتور وخاصة انه حظي بمليون صوت ناخب بدو ن ترشيح نفسه!!! فكيف لو مزح مرة مع زميله الكرواتي او في التويتر انه يريد ترشيح نفسه لانتخابات مصر!! !!! فسيحصل بالتأكيد علي 100 مليون صوت ناخب مصري !!!!! فهل سيجن ليله ام يصبح على قيد الحياة.
رياضي قديم
الأربعاء، 12-06-2019 02:42 م
لماذ يتم تضخيم صلاح يا عربي 21 ؟؟..؟؟
مصري
الأربعاء، 12-06-2019 02:18 م
و من متي و خنازير تل ابيب في مصر يقومون بحماية المشاهير من العلماء و غيرهم و هذا مقصود بالطبع حتي و لو تعرض هؤلاء المشاهير للقتل فلن يحرك هؤلاء الخنازير ساكنا ، فلا يجب أن يكون للشعب المصري نماذج مشرفة يفتخر و يقتدي بها فهذا ممنوع لأنه جزء هام في الشخصية المصرية المطلوب طمس هويتها و تجهيلها و بالتالي تنفيذ الأجندة الصهيونية في إغتيال هؤلاء العلماء و المشاهير الذين هم أحسن دعاية لمصر و لشعبها .
حياه القلوب مصر
الأربعاء، 12-06-2019 01:22 م
نحن الدوله الوحيده فى العالم ولله الحمد اللى عندها قانون ايجار قديم انت تبنى والمستاجر يملك بيتك الذى حدث مع صلاح ايجار قديم الرجل اجتهد وغيره عايز يملكه
عبد الله المصري
الأربعاء، 12-06-2019 01:11 م
صلاح لا يهتم الا بنفسه لو اهتم ببلده لفضح جرايم السيس و عنده حصانه دولية تمنع السيسي من اذيته و يستطيع ان يعيش في الخارج عندك مثلا محمد على كلاي الذي اتخذ موقف واضح من الحرب في فيتنام و رفض قتال الفيتناميين