هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا، تقول فيه إن رئيس الطيران الوطني الإيراني كان يحلم قبل عامين أن يسافر إلى أنحاء العالم كله، وينفق عدة مليارات من الدولارات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن فرهد بارفاريش صافح في كانون الأول/ ديسمبر 2016، مدير شركة بوينغ بعد عقد لشراء 80 طائرة ركاب، وبعد ذلك بشهر كان في تولوز في فرنسا ليتسلم طائرة جديدة، واحدة من مئة طائرة إيرباص طلبتها إيران.
وتعلق المجلة قائلة إن كلا العقدين كانا رمزا للكيفية التي انفتح فيها الاقتصاد العالمي أمام إيران بعد التوصل إلى اتفاق في 2015، الذي خفف من العقوبات مقابل وضع حدود لبرنامجها النووي.
ويستدرك التقرير بأن الوقت قد تغير منذ أن قام الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية قبل عام، حيث أوقف إعادة فرض العقوبات على إيران عقدي الطائرات، وأفزع الشركاء التجاريين المحتملين، وأصبح الاقتصاد الإيراني الآن معزولا، فيما يقول الرئيس الإيراني حسن روحاني إن إيران ستتوقف عن الالتزام ببعض أجزاء الاتفاقية.
وتقول المجلة إن "هذا ليس هو ما أراده روحاني، فعندما انسحبت أمريكا قال إن إيران ستستمر بالالتزام من جانبها بالاتفاقية النووية، وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها فعلت، لكن السياسة المحلية جعلت موقفه لا يمكن الدفاع عنه، وعندما قام ترامب بزيادة الضغط على إيران فإنه من غير قصد أعطى دفعة للمتشددين للضغط على روحاني، أحد مهندسي الصفقة".
ويلفت التقرير إلى أن روحاني كان يأمل بأن يخفف الاتحاد الأوروبي من حدة ألم العقوبات الأمريكية، من خلال اضطرار الشركات والبنوك للاستمرار في التعامل مع إيران، إلا أن جهود أوروبا للالتفاف على العقوبات وتسهيل التجارة لم تكن فاعلة، ولم تقم الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات ضد الشركات الكبيرة، مثل "توتال" و"إيرباص"، التي تراجعت عن عقودها مع إيران.
وتنقل المجلة عن سوزان ميلوني من معهد بروكنغز في واشنطن، قولها: "إنهم لا يريدون حرب تجارة شاملة مع أمريكا بسبب إيران؛ لأن الفائدة هامشية".
وينوه التقرير إلى أنه بسبب انقطاع إيران عن الاقتصاد العالمي، فإن اقتصادها أصبح يتهاوى، فقبل انتخاب ترامب كان الدولار يشتري 35 ألف ريال، فيما وصل السعر في السوق السوداء اليوم إلى 150 ألف ريال.
وتجد المجلة أنه من الصعب تتبع التجارة النفطية الإيرانية؛ لأن إيران تقوم بتخبئة الشحنات بأسماء وسطاء واستخدام ناقلات النفط المموهة، التي يتم إغلاق أجهزة بث إشارات السفن فيها، مستدركة بأن المحللين يعتقدون بأن مبيعات إيران تراجعت إلى حوالي مليون برميل في اليوم، وهو أقل من نصف مستوى التصدير قبل العقوبات.
ويفيد التقرير بأن هذه الكمية ستتراجع بشكل أكبر في الأشهر القادمة مع انتهاء الفترة الإضافية الاستثنائية التي منحتها أمريكا لمستوردي النفط الإيراني، مشيرا إلى أن العقوبات الجديدة، التي أعلن عنها في الثامن من أيار/ مايو، تستهدف الحديد والفولاذ والألمنيوم والنحاس، التي تقول أمريكا إنها "أكبر مصدر للدخل من صادرات إيران غير النفطية".
وتقول المجلة إن الاتفاقية النووية، التي توصل اليها وروج لها الرئيس الإيراني، أصبحت هي غصة المواطن الإيراني/ الذي يعاني آثار العقوبات/ وقد اظهر استطلاع أجري في كانون الأول/ ديسمبر بأن الدعم للاتفاقية تراجع إلى 52% من 76% عام 2015.
ويبين التقرير أن منافسي روحاني المحافظين، الذين لطالما كانوا متشككين من محاولات روحاني إصلاح العلاقات مع أمريكا، يشعرون بصحة موقفهم، لافتا إلى أن قرار ترامب مؤخرا أن يدرج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب، أعطاهم دفعة أخرى، فحتى الإصلاحيين التفوا حولهم.
وتذكر المجلة أن الملالي، الذين يملكون السيطرة في طهران، اختلفوا مع ملالي قم، مستدركة بأن نظام إيران لا يزال نظام رجال دين، والملالي في توافق تام مع الحرس، الذين يسيطرون على حصة كبيرة من الاقتصاد.
وبحسب التقرير، فإن البرلمان الإيراني قضى أشهرا يناقش تشريعات تساعد على حذف اسم إيران عن القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي، وهي منظمة عالمية تفرض مقاييس لمنع غسيل الأموال، لافتا إلى أن ذلك الجهد يبدو الآن ميتا، ووصف محرر صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري تلك التشريعات بأنها مؤشر على "الضعف" أمام العقوبات الأمريكية على الحرس.
وتقول المجلة إن "روحاني حاول أن يشتري الوقت -وأن يضغط على أوروبا لتمنحه شيئا من الارتياح الاقتصادي- بوضع حد مدته 60 يوما قبل خرق الاتفاقية النووية بشكل أكبر، وأشاد المتشددون بما وصفوه (أول خطوة حاسمة)، لكن إنذاره لا يغير الواقع الاقتصادي والسياسي".
ويذهب التقرير إلى أن "أمريكا تريد أن تضرب إيران ولا تستطيع أوروبا منعها من ذلك، بالإضافة إلى أن هذا التحرك لن يغير التوقيت؛ لأنه حتى وإن كان الرئيس اللاحق سيعقد اتفاقا نوويا مع إيران، فإن ترامب بقي له من ولايته الأولى 20 شهرا، وهذا وقت طويل لروحاني أن يتحمله".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إنه "لأجل صد الناقدين المتشددين لروحاني فإنه يتبنى سياساتهم بتقويض الاتفاق، وحتى لو كان ذلك مكسبا تكتيكيا بالنسبة للرئيس فإنه انتصار بالنسبة لمنافسيه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)